مِنْ زَوْجٍ أَلَا تَرَى أَنَّ النَّسَبَ لَا يَثْبُتُ مِنْ الْمَوْلَى وَإِنْ ادَّعَاهُ فَعَرَفْنَا أَنَّهَا لَمْ تُبْقِ فِرَاشًا لَهُ أَصْلًا.
(قَالَ) وَلَوْ مَاتَ عَنْ أُمِّ وَلَدِهِ أَوْ أَعْتَقَهَا فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ سَنَتَيْنِ لَزِمَهُ لِتَوَهُّمِ أَنْ يَكُونَ الْعُلُوقُ بِهِ قَبْلَ الْمَوْتِ وَهَذَا لِأَنَّ الْفِرَاشَ زَالَ بِالْعِتْقِ إلَى عِدَّةٍ، وَهُوَ نَظِيرُ فِرَاشِ النِّكَاحِ فِي أَنَّهُ يَسْتَنِدُ الْعُلُوقُ إلَى أَبْعَدِ الْأَوْقَاتِ وَلَكِنْ لَوْ نَفَاهُ الْمَوْلَى لَا يَنْتَفِي بِخِلَافِ مَا قَبْلَ الْعِتْقِ لِأَنَّ الْفِرَاشَ بِالْعِتْقِ يَتَقَوَّى حَتَّى لَا يَمْلِكَ نَقْلَهُ إلَى غَيْرِهِ بِالتَّزْوِيجِ فَيَلْزَمُهُ نَسَبُ الْوَلَدِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَمْلِكُ نَفْيَهُ وَقَبْلَ الْعِتْقِ كَانَ يَمْلِكُ نَقْلَ فِرَاشِهَا إلَى غَيْرِهِ بِالتَّزْوِيجِ فَكَذَلِكَ يَمْلِكُ نَفْيَ نَسَبِ الْوَلَدِ لِأَنَّ ثُبُوتَ الْحُكْمِ بِحَسَبِ السَّبَبِ.
فَإِنْ جَاءَتْ بِهِ لِأَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ مُنْذُ أَعْتَقَهَا لَمْ يَلْزَمْهُ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَهُ لِأَنَّا تَيَقَّنَّا أَنَّ الْعُلُوقَ كَانَ بَعْدَ الْعِتْقِ فَإِنْ ادَّعَاهُ ثَبَتَ النَّسَبُ مِنْهُ لِأَنَّهُمَا تَصَادَقَا عَلَى أَنَّ الْوَلَدَ مِنْهُ وَالْحَقُّ لَهُمَا وَمَا تَصَادَقَا عَلَيْهِ مُحْتَمِلٌ لِجَوَازِ أَنْ تَكُونَ زَوَّجَتْ نَفْسَهَا مِنْهُ فِي عِدَّتِهَا.
(قَالَ) رَجُلٌ تَوَفَّى عَنْ امْرَأَتِهِ وَهِيَ مَمْلُوكَةٌ فَأَقَرَّتْ بِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا بَعْدَ شَهْرَيْنِ وَخَمْسَةِ أَيَّامٍ ثُمَّ جَاءَتْ بِوَلَدٍ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مُنْذُ يَوْمٍ أَقَرَّتْ لَمْ يَلْزَمْ الزَّوْجَ لِأَنَّ الشَّهْرَيْنِ وَخَمْسَةَ أَيَّامٍ فِي حَقِّهَا كَأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ فِي حَقِّ الْحُرَّةِ وَإِقْرَارُهَا بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ بَعْدَ ذَلِكَ مُعْتَبَرٌ مَا لَمْ يَتَبَيَّنْ كَذِبُهَا فَكَذَلِكَ هُنَا وَإِنْ لَمْ تُقِرَّ بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ لَزِمَهُ الْوَلَدُ إلَى سَنَتَيْنِ لِأَنَّا نَسْنُدُ الْعُلُوقَ إلَى أَبْعَدِ أَوْقَاتِ الْإِمْكَانِ فِي حَقِّهَا لِإِثْبَاتِ نَسَبِ وَلَدِهَا مِنْ الزَّوْجِ كَمَا فِي الْحُرَّةِ.
(قَالَ) وَإِنْ أَعْتَقَ أُمَّ وَلَدِهِ وَهِيَ حَامِلٌ أَوْ مَاتَ عَنْهَا فَعِدَّتُهَا بِوَضْعِ الْحَمْلِ لِمَا بَيَّنَّا أَنَّ الْعِدَّةَ لَزِمَتْهَا وَهِيَ حَامِلٌ فَيَتَقَدَّرُ انْقِضَاؤُهَا بِوَضْعِ الْحَمْلِ كَمَا فِي عِدَّةِ النِّكَاحِ بَلْ أَوْلَى لِأَنَّ مَعْنَى تَبَيُّنِ فَرَاغِ الرَّحِمِ هُوَ الْمُعْتَبَرُ هُنَا لَا غَيْرُ.
(قَالَ) وَلَوْ مَاتَ عَنْ أَمَةٍ كَانَ يَطَؤُهَا أَوْ عَنْ مُدَبَّرَةٍ كَانَ يَطَؤُهَا فَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا وَكَذَلِكَ إنْ أَعْتَقَهَا لِأَنَّ الْفِرَاشَ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِالْوَطْءِ فِي مِلْكِ الْيَمِينِ، وَهُوَ مَعْرُوفٌ فِي كِتَابِ الدَّعْوَى وَبِدُونِ الْفِرَاشِ لَا تَجِبُ الْعِدَّةُ، وَفِي الْكِتَابِ يَقُولُ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ بَاعَهَا بَعْدَ مَا وَطِئَهَا لَمْ تَلْزَمْهَا الْعِدَّةُ وَالِاسْتِبْرَاءُ الْوَاجِبُ عَلَى الْمُشْتَرِي لَيْسَ بِعِدَّةٍ لِأَنَّ الْعِدَّةَ تَجِبُ عَلَيْهَا وَالِاسْتِبْرَاءُ يَجِبُ عَلَى الْمُشْتَرِي.
(قَالَ) وَلَوْ زَوَّجَهَا الْمُشْتَرِي قَبْلَ أَنْ يَسْتَبْرِئَهَا جَازَ وَوُجُوبُ الِاسْتِبْرَاءِ عَلَيْهَا هُنَاكَ كَوُجُوبِهِ إذَا اشْتَرَاهَا مِنْ صَبِيٍّ أَوْ امْرَأَةٍ أَوْ اشْتَرَاهَا وَهِيَ بِكْرٌ.
(قَالَ) وَلَوْ دَخَلَ بِامْرَأَةٍ عَلَى وَجْهِ شُبْهَةٍ أَوْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ فَعَلَيْهِ الْمَهْرُ وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ ثَلَاثُ حِيَضٍ إنْ كَانَتْ حُرَّةً وَحَيْضَتَانِ إنْ كَانَتْ أَمَةً وَقَدْ بَيَّنَّا هَذَا فِي كِتَابِ النِّكَاحِ أَنَّ الْفِرَاشَ يَثْبُتُ بِالدُّخُولِ عِنْدَ فَسَادِ الْعَقْدِ فَتَجِبُ الْعِدَّةُ بِزَوَالِهِ بِالتَّفْرِيقِ وَيَسْتَوِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute