فِي تَطَيُّبِهَا وَتَزَيُّنِهَا فِي الْعِدَّةِ لِأَنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِ مَا لَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهَا.
(قَالَ) وَلَيْسَ عَلَى الصَّبِيَّةِ أَنْ تَتَّقِيَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ عِنْدَنَا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - هِيَ كَالْبَالِغَةِ وَعَلَى الْوَلِيِّ أَنْ يَمْنَعَهَا مِنْ التَّطَيُّبِ وَالتَّزَيُّنِ كَمَا يَمْنَعُهَا مِنْ شُرْبِ الْخَمْرِ وَحُرْمَتُهَا لِحَقِّ الشَّرْعِ وَكَمَا يَجِبُ عَلَيْهَا أَصْلُ الْعِدَّةِ لِحَقِّ الشَّرْعِ لِأَنَّا نَعْلَمُ يَقِينًا فَرَاغَ رَحِمِهَا مِنْ مَاءِ الزَّوْجِ فَكَذَلِكَ الْحِدَادُ فِي الْعِدَّةِ يَجِبُ عَلَيْهَا إذَا تَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا وَلَكِنَّا نَقُولُ هِيَ لَا تُخَاطَبُ بِحَقِّ الشَّرْعِ بِمَا هُوَ أَعْظَمُ مِنْ الْحِدَادِ مِنْ الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ وَالْحِدَادُ فِي مَعْنَى شُكْرِ النِّعْمَةِ لِأَنَّهُ إظْهَارُ التَّحَزُّنِ عَلَى فَوْتِ نِعْمَةِ الزَّوْجِيَّةِ وَلَيْسَ عَلَيْهَا ذَلِكَ شَرْعًا بِخِلَافِ أَصْلِ الْعِدَّةِ فَقَدْ قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا هِيَ لَا تُخَاطَبُ بِالِاعْتِدَادِ وَلَكِنَّ الْوَلِيَّ يُخَاطَبُ بِأَنْ لَا يُزَوِّجَهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ مُدَّةُ الْعِدَّةِ مَعَ أَنَّ الْعِدَّةَ مُجَرَّدُ مُضِيِّ الْمُدَّةِ فَثُبُوتُهَا فِي حَقِّهَا لَا يُؤَدِّي إلَى تَوَجُّهِ خِطَابِ الشَّرْعِ عَلَيْهَا بِخِلَافِ الْحِدَادِ فِيهَا.
(قَالَ) وَلَيْسَ عَلَى أُمِّ الْوَلَدِ فِي عِدَّتِهَا اتِّقَاءُ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّ عِدَّتَهَا مِنْ السَّيِّدِ إنَّمَا تَجِبُ عِنْدَ الْعِتْقِ وَفِيهِ تَخَلُّصُهَا مِنْ الرِّقِّ وَوُصُولُهَا إلَى نِعْمَةِ الْحُرِّيَّةِ فَلَا يَفُوتُهَا بِهَا شَيْءٌ مِنْ النِّعْمَةِ لِتَأْسَفَ عَلَى ذَلِكَ وَمَا كَانَ مِنْ حَالِ الْوَطْءِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمَوْلَى فَقَدْ كَانَ بِسَبَبٍ هُوَ عُقُوبَةٌ فِي حَقِّهَا، وَهُوَ الرِّقُّ فَلَا يُعَدُّ نِعْمَةً وَكَرَامَةً وَلِهَذَا لَا يَثْبُتُ بِهِ الْإِحْصَانُ فَعِدَّتُهَا بِمَنْزِلَةِ الْعِدَّةِ مِنْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ وَقَدْ بَيَّنَّا فِيمَا سَبَقَ أَنَّهُمَا لَا يُمْنَعَانِ مِنْ الْخُرُوجِ فِي عِدَّتِهِمَا فَكَذَلِكَ لَا يُمْنَعَانِ مِنْ التَّزَيُّنِ أَلَا تَرَى أَنَّ امْرَأَةَ رَجُلٍ لَوْ تَزَوَّجَتْ ثُمَّ دَخَلَ بِهَا الزَّوْجُ ثُمَّ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا ثُمَّ رُدَّتْ إلَى الزَّوْجِ الْأَوَّلِ كَانَ لَهَا أَنْ تَتَزَيَّنَ وَتَتَشَوَّفَ إلَى زَوْجِهَا الْأَوَّلِ وَعَلَيْهَا عِدَّةُ الْآخَرِ ثَلَاثَ حِيَضٍ.
(قَالَ) رَجُلٌ اشْتَرَى امْرَأَتَهُ وَهِيَ أَمَةٌ قَدْ وَلَدَتْ مِنْهُ فَسَدَ النِّكَاحُ وَقَدْ كَانَتْ حَلَالًا لَهُ بِالْمِلْكِ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ تَتَزَيَّنَ لَهُ وَتَتَطَيَّبَ لِأَنَّهَا غَيْرُ مُعْتَدَّةٍ فِي حَقِّهِ لِأَنَّ الْعِدَّةَ أَثَرُ النِّكَاحِ وَكَمَا أَنَّ الْمِلْكَ يُنَافِي أَصْلَ النِّكَاحِ يُنَافِي أَثَرَهُ وَلِأَنَّهُ يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا بِسَبَبِ الْمِلْكِ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ تَتَطَيَّبَ لَهُ وَتَتَزَيَّنَ لِيَزْدَادَ رَغْبَةً فِيهَا وَلَوْ أَرَادَ أَنْ يُزَوِّجَهَا رَجُلًا لَمْ يَجُزْ حَتَّى تَحِيضَ حَيْضَتَيْنِ لِأَنَّهَا مُعْتَدَّةٌ فِي حَقِّ غَيْرِهِ فَإِنَّ الْفُرْقَةَ وَقَعَتْ بَيْنَهَا وَبَيْنَ زَوْجِهَا بَعْدَ الدُّخُولِ بِسَبَبِ الْمِلْكِ وَذَلِكَ لَا يَنْفَكُّ عَنْ عِدَّةٍ فَجَعَلْنَاهَا فِي حَقِّ غَيْرِهِ كَالْمُعْتَدَّةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي حَقِّهِ فَإِنْ أَعْتَقَهَا فَعَلَيْهَا ثَلَاثُ حِيَضٍ لِأَنَّهَا صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ حِينَ اشْتَرَاهَا بَعْدَ مَا وَلَدَتْ مِنْهُ بِالنِّكَاحِ وَعَلَى أُمِّ الْوَلَدِ ثَلَاثُ حِيَضٍ بَعْدَ الْعِتْقِ ثُمَّ تَتَّقِي الطِّيبَ وَالزِّينَةَ فِي الْحَيْضَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ اللَّتَيْنِ كَانَتَا عَلَيْهَا مِنْ قَبْلِ النِّكَاحِ اسْتِحْسَانًا، وَفِي الْقِيَاسِ لَيْسَ عَلَيْهَا ذَلِكَ لِأَنَّ الْحِدَادَ لَا يَلْزَمُهَا عِنْدَ وُقُوعِ الْفُرْقَةِ فَكَيْفَ يَلْزَمُهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute