عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِمِائَةٍ لِأَنَّ الْمَوْهُوبَ مِنْ النِّصْفِ الَّذِي كَانَ يَسْلَمُ لِلزَّوْجِ بِالطَّلَاقِ وَقَدْ سَلِمَ لَهُ قَبْلَ الطَّلَاقِ مَجَّانًا لِأَنَّ الْمَوْهُوبَ مِنْ النِّصْفِ الَّذِي هُوَ حَقُّ الزَّوْجِ بَعْدَ الطَّلَاقِ فَإِنَّمَا بَقِيَ إلَى تَمَامِ حَقِّهِ مِائَةُ دِرْهَمٍ. وَعِنْدَهُمَا يَرْجِع عَلَيْهَا بِثَلَثِمِائَةِ دِرْهَمٍ لِأَنَّ الْمَحْطُوطَ صَارَ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ وَإِنَّمَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِنِصْفِ الْمَقْبُوضِ.
(قَالَ) وَلَوْ قَبَضَتْ الصَّدَاقَ كُلَّهُ وَوَهَبَتْهُ لِأَجْنَبِيٍّ ثُمَّ وُهِبَهُ الْأَجْنَبِيُّ مِنْ الزَّوْجِ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا رَجَعَ عَلَيْهَا بِنِصْفِهِ الْعَيْنُ وَالدَّيْنُ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ لِأَنَّ مَقْصُودَ الزَّوْجِ سَلَامَةُ نِصْفِ الصَّدَاقِ لَهُ مِنْ جِهَتِهَا عِنْدَ الطَّلَاقِ وَلَمْ يَسْلَمْ لَهُ ذَلِكَ وَإِنَّمَا سَلِمَ لَهُ مَالٌ مِنْ أَجْنَبِيٍّ آخَرَ بِالْهِبَةِ وَتَبَدُّلِ الْمَالِكِ بِمَنْزِلَةِ تَبَدُّلِ الْعَيْنِ فَكَانَتْ مُسْتَهْلَكَةً لِلصَّدَاقِ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ بَاعَتْ الصَّدَاقَ مِنْ زَوْجِهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا رَجَعَ عَلَيْهَا بِنِصْفِهِ فَإِنَّ مَقْصُودَهُ لَمْ يَحْصُلْ فَإِنَّ الْعَيْنَ إنَّمَا وَصَلَتْ إلَيْهِ بِبَدَلِ عَقْدِ ضَمَانٍ
(قَالَ) وَلَوْ وَهَبَتْ الصَّدَاقَ لِأَجْنَبِيٍّ قَبْلَ الْقَبْضِ فَقَبَضَ الْأَجْنَبِيُّ ثُمَّ طَلَّقَهَا الزَّوْجُ قَبْلَ الدُّخُولِ رَجَعَ عَلَيْهَا بِنِصْفِهِ لِأَنَّ قَبْضَ الْأَجْنَبِيِّ بِتَسْلِيطِهَا كَقَبْضِهَا بِنَفْسِهَا.
(قَالَ) وَلَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى عَبْدٍ وَدَفَعَهُ إلَيْهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا فَقُضِيَ لِلزَّوْجِ بِنِصْفِهِ عَلَيْهَا فَلَمْ يَقْبِضْهُ حَتَّى اعْوَرَّ أَخَذَ نِصْفَهُ وَضَمَّنَهَا نِصْفَ الْعَوَرِ لِأَنَّ بِقَضَاءِ الْقَاضِي عَادَ الْمِلْكُ فِي النِّصْفِ إلَيْهِ، وَهُوَ مِلْكٌ مَضْمُونٌ لَهُ فِي يَدِهَا فَكَانَ كَالْمَغْصُوبِ وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ فِي يَدِ الزَّوْجِ فَطَلَّقَهَا فَلَمْ تَقْبِضْ نِصْفَهُ حَتَّى حَدَثَ بِهِ عَيْبٌ فَاحِشٌ فَهِيَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَتْ أَخَذَتْ نِصْفَهُ نَاقِصًا وَإِنْ شَاءَتْ ضَمَّنَتْ الزَّوْجَ نِصْفَ قِيمَتِهِ صَحِيحًا لِأَنَّ مِلْكَهَا بَعْدَ الطَّلَاقِ فِي نِصْفِ الْعَبْدِ كَمِلْكِهَا فِي جَمِيعِهِ قَبْلَ الطَّلَاقِ وَلَوْ لَمْ يُطَلِّقْهَا حَتَّى تَعَيَّبَ فِي يَدِ الزَّوْجِ كَانَ لَهَا الْخِيَارُ إنْ شَاءَتْ أَخَذَتْ الْكُلَّ نَاقِصًا وَإِنْ شَاءَتْ ضَمَّنَتْهُ قِيمَتَهُ صَحِيحًا فَكَذَلِكَ فِي النِّصْفِ بَعْدَ الطَّلَاقِ وَإِنْ أَعْتَقَهُ الزَّوْجُ بَعْدَ الطَّلَاقِ جَازَ عِتْقُهُ فِي نِصْفِهِ لِأَنَّ بِنَفْسِ الطَّلَاقِ عَادَ الْمِلْكُ فِي نِصْفِهِ إلَى الزَّوْجِ إذَا لَمْ تَكُنْ قَبَضَتْهُ فَهُوَ كَعَبْدٍ بَيْنَ اثْنَيْنِ يَعْتِقُهُ أَحَدُهُمَا
(قَالَ) وَإِذَا تَزَوَّجَ الرَّجُلُ ثَلَاثَ نِسْوَةٍ فِي عُقْدَةٍ وَاثْنَتَيْنِ فِي عُقْدَةٍ وَوَاحِدَةٌ فِي عُقْدَةٍ ثُمَّ طَلَّقَ إحْدَى نِسَائِهِ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ مِنْهُنَّ بِوَاحِدَةٍ ثُمَّ مَاتَ فَلَهُنَّ ثَلَاثَةُ مُهُورٍ لِأَنَّ أَكْثَرَ مَالِهِنَّ ثَلَاثَةُ مُهُورٍ وَنِصْفٌ بِأَنْ يَصِحَّ نِكَاحُ الْوَاحِدَةِ مَعَ الثَّلَاثِ فَيَجِبُ أَرْبَعَةُ مُهُورٍ ثُمَّ يَسْقُطُ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ نِصْفُ مَهْرٍ وَأَقَلُّ مَالِهِنَّ مَهْرَانِ وَنِصْفٌ بِأَنْ صَحَّ نِكَاحُ الْوَاحِدَةِ مَعَ الثِّنْتَيْنِ فَيَجِبُ ثَلَاثَةُ مُهُورٍ ثُمَّ يَسْقُطُ نِصْفُ مَهْرٍ بِالطَّلَاقِ فَقَدْرُ مَهْرَيْنِ وَنِصْفٌ لَهُنَّ بِيَقِينٍ، وَمَهْرٌ وَاحِدٌ يَثْبُتُ فِي حَالٍ دُونَ حَالٍ فَيَتَنَصَّفُ فَيَكُونُ لَهُنَّ ثَلَاثَةُ مُهُورٍ لِلْوَاحِدَةِ مِنْ ذَلِكَ سَبْعَةُ أَثْمَانِ مَهْرٍ إلَّا سُدُسَ ثُمُنِ مَهْرٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute