للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَدِينًا فِي الْقَضَاءِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ أَلْحَقَ بِهَذِهِ الْأَلْفَاظِ أَرْبَعَةَ أَلْفَاظٍ أُخَرُ: خَلَّيْتُ سَبِيلَكِ فَارَقْتُكِ لَا سَبِيلَ لِي عَلَيْكِ لَا مِلْكَ لِي عَلَيْك لِأَنَّهَا تَحْتَمِلُ مَعْنَى السَّبِّ أَيْ لَا مِلْكَ لِي عَلَيْك لِأَنَّك أَدْوَنُ مِنْ أَنْ تُمْلَكِي لَا سَبِيلَ لِي عَلَيْك لِشَرِّك وَسُوءِ خُلُقِك وَفَارَقْتُك اتِّقَاءً لِشَرِّك وَخَلَّيْت سَبِيلَك لِهَوَانِك عَلَيَّ.

وَأَمَّا فِي حَالَةِ الرِّضَا فَهُوَ مُدَيَّنٌ فِي هَذِهِ الْأَلْفَاظِ وَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ بِهَا إلَّا بِالنِّيَّةِ وَكَذَلِكَ فِيمَا سِوَاهَا مِنْ الْأَلْفَاظِ.

(قَالَ)، وَإِذَا قَالَ لَهَا اعْتَدِّي ثَلَاثًا وَقَالَ نَوَيْت تَطْلِيقَةً وَاحِدَةً تَعْتَدُّ لَهَا ثَلَاثَ حِيَضٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي الْقَضَاءِ لِأَنَّ الثَّلَاثَ عَدَدُ الطَّلَاقِ وَعَدَدٌ لِأَقْرَاءِ الْعِدَّةِ أَيْضًا وَالْعِدَّةُ فِي لَفْظِهِ وَالطَّلَاقُ فِي ضَمِيرِهِ. فَإِذَا صَلُحَ قَوْلُهُ ثَلَاثًا بَيَانًا لِمَا فِي ضَمِيرِهِ فَلَأَنْ يَصْلُحَ بَيَانًا لِمَا تَلَفَّظَ بِهِ أَوْلَى؛ فَلِهَذَا قُبِلَ قَوْلُهُ فِي الْقَضَاءِ

(قَالَ) وَإِنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ لَسْتِ لِي بِامْرَأَةٍ يَنْوِي الطَّلَاقَ فَهُوَ كَمَا وَصَفْتُ لَك فِي الْخَلِيَّةِ وَالْبَرِيَّةِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى لَا تَطْلُقُ وَهَذَا لَيْسَ بِشَيْءٍ لِحَدِيثِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قَالَ إذَا سُئِلَ الرَّجُلُ أَلَكَ امْرَأَةٌ فَقَالَ لَا فَإِنَّمَا هِيَ كِذْبَةٌ وَهَذَا الْمَعْنَى أَنَّهُ نَفَى نِكَاحَهَا وَنَفْيُ الزَّوْجِيَّةِ لَا يَكُونُ طَلَاقًا بَلْ يَكُونُ كَذِبًا مِنْهُ لَمَّا كَانَتْ الزَّوْجِيَّةُ بَيْنَهُمَا مَعْلُومَةً كَمَا لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ وَاَللَّهِ مَا أَنْتِ لِي بِامْرَأَةٍ أَوْ عَلَيَّ حَجَّةٌ إنْ كَانَتْ لِي امْرَأَةٌ أَوْ مَا لِي امْرَأَةٌ، أَوْ قَالَ لَمْ أَتَزَوَّجْكِ لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ بِهَذِهِ الْأَلْفَاظِ وَإِنْ نَوَى وَأَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ قَوْلُهُ لَسْت لِي بِامْرَأَةٍ كَلَامٌ مُحْتَمَلٌ أَيْ لَسْتِ لِي بِامْرَأَةٍ لِأَنِّي فَارَقْتُك أَوْ لَسْت لِي بِامْرَأَةٍ لِأَنَّك لَمْ تَكُونِي فِي نِكَاحِي وَمُوجِبُ الْكَلَامِ الْمُحْتَمِلِ يَتَبَيَّنُ بِنِيَّتِهِ فَلَا تَكُونُ هَذِهِ الْأَلْفَاظُ طَلَاقًا بِغَيْرِ النِّيَّةِ وَنِيَّةُ الطَّلَاقِ تَعْمَلُ فِيهِ لِأَنَّهُ مِنْ مُحْتَمَلَاتِهِ كَمَا فِي قَوْلِهِ خَلِيَّةٌ بَرِيَّةٌ.

فَأَمَّا فِي قَوْلِهِ وَاَللَّهِ مَا أَنْتِ لِي بِامْرَأَةٍ فَيَمِينُهُ لَا يَكُونُ إلَّا عَلَى النَّفْيِ فِي الْمَاضِي وَذَلِكَ يَمْنَعُ احْتِمَالَ مَعْنَى الطَّلَاقِ فِيهِ وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ لَمْ أَتَزَوَّجْك فَهُوَ جُحُودٌ لِلنِّكَاحِ مِنْ الْأَصْلِ. وَالطَّلَاقُ تَصَرُّفٌ فِي النِّكَاحِ، وَجُحُودُ أَصْلِ الشَّيْءِ لَا يَحْتَمِلُ مَعْنَى التَّصَرُّفِ فِيهِ.

، وَإِذَا قِيلَ أَلَكَ امْرَأَةٌ فَقَالَ لَا فَالسَّائِلُ إنَّمَا سَأَلَهُ عَنْ نِكَاحٍ مَاضٍ وَكَلَامُهُ جَوَابٌ فَيَكُونُ نَفْيًا لِلنِّكَاحِ فِي الْمَاضِي، وَهُوَ كَذِبٌ كَمَا قَالَ عُمَرُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. فَأَمَّا قَوْلُهُ: لَسْتُ. نَفْيٌ لِلنِّكَاحِ فِي الْحَالِ وَفِي الْمُسْتَقْبَلِ لَا فِي الْمَاضِي فَيَكُونُ مُحْتَمِلًا لِلطَّلَاقِ، وَفِي قَوْلِهِ مَا لِي امْرَأَةٌ فَحَرْفُ مَا لِلنَّفْيِ فِيمَا مَضَى فَهُوَ كَحَرْفِ إذْ لِلْمَاضِي وَإِذَا لِلْمُسْتَقْبَلِ حَتَّى لَوْ قَالَ طَلَّقْتُك إذْ دَخَلْت الدَّارَ تَطْلُقُ فِي الْحَالِ وَلَوْ قَالَ إذَا دَخَلْت الدَّارَ لَا تَطْلُقُ حَتَّى تَدْخُلَ فَأَمَّا

<<  <  ج: ص:  >  >>