للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي الْإِيقَاعِ ثُمَّ إنَّهُ وَصَفَهَا بِالطَّلَاقِ فِي الْحَالِ مُسْتَنِدًا إلَى أَمْسِ، وَهُوَ يَمْلِكُ الْإِيقَاعَ عَلَيْهَا فِي الْحَالِ، وَلَكِنْ لَا يَمْلِكُ الْإِسْنَادَ فَلِهَذَا تَطْلُقُ فِي الْحَالِ.

(قَالَ): وَلَوْ قَالَ: قَدْ طَلَّقْتُك وَأَنَا صَغِيرٌ، أَوْ قَالَ: وَأَنَا نَائِمٍ لَمْ يَقَعْ بِهَذَا شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ أَضَافَ إلَى حَالَةٍ مَعْهُودَةٍ تُنَافِي صِحَّةَ الْإِيقَاعِ، فَكَانَ مُنْكِرًا لِلْإِيقَاعِ لَا مُقِرًّا بِهِ. وَلَوْ قَالَ: وَأَنَا مَجْنُونٌ، فَإِنْ عُرِفَ بِالْجُنُونِ قَبْلَ هَذَا لَمْ تَطْلُقْ؛ لِأَنَّهُ أَضَافَ إلَى حَالَةٍ مَعْهُودَةٍ تُنَافِي صِحَّةَ الْإِيقَاعِ، وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ بِالْجُنُونِ طَلُقَتْ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِطَلَاقِهَا، وَأَضَافَهُ إلَى حَالَةٍ لَمْ تُعْرَفْ تِلْكَ الْحَالَةُ مِنْهُ؛ فَلَا يُعْتَبَرُ قَوْلُهُ فِي الْإِضَافَةِ فَلِهَذَا تَطْلُقُ فِي الْحَالِ.

، وَإِنْ قَالَ: قُلْت لَك أَنْتِ طَالِقٌ إنْ كَلَّمْت فُلَانًا، وَقَالَتْ هِيَ: طَلَّقْتنِي فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ؛ لِأَنَّ تَعْلِيقَ الطَّلَاقِ بِالشَّرْطِ يَمِينٌ، وَالْيَمِينُ غَيْرُ الطَّلَاقِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ بِهَا مَا لَمْ يُوجَدْ الْحِنْثُ فَهِيَ تَدَّعِي عَلَيْهِ إيقَاعَ الطَّلَاقِ، وَالزَّوْجُ مُنْكِرٌ لِذَلِكَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ، وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا، إنْ لَمْ أُطَلِّقْك لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى يَمُوتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ أَنْ يُطَلِّقَهَا؛ لِأَنَّ كَلِمَةَ إنْ لِلشَّرْطِ، فَقَدْ جَعَلَ عَدَمَ إيقَاعِ الطَّلَاقِ عَلَيْهَا شَرْطًا، وَلَا يَتَيَقَّنُ بِوُجُودِ هَذَا الشَّرْطِ مَا بَقِيَا حَيَّيْنِ، فَهُوَ كَقَوْلِهِ: إنْ لَمْ آتِ الْبَصْرَةَ فَأَنْتِ طَالِقٌ.

ثُمَّ إنْ مَاتَ الزَّوْجُ وَقَعَ عَلَيْهَا قَبْلَ مَوْتِهِ بِقَلِيلٍ وَلَيْسَ لِذَلِكَ الْقَلِيلِ حَدٌّ مَعْرُوفٌ، وَلَكِنْ قُبَيْلَ مَوْتِهِ يَتَحَقَّقُ عَجْزُهُ مِنْ إيقَاعِ الطَّلَاقِ عَلَيْهَا فَيَتَحَقَّقُ شَرْطُ الْحِنْثِ، فَإِنْ كَانَ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا فَلَا مِيرَاثَ لَهَا، وَإِنْ كَانَ قَدْ دَخَلَ بِهَا فَلَهَا الْمِيرَاثُ بِحُكْمِ الْفِرَارِ حِينَ وَقَعَ الثَّلَاثُ بِإِيقَاعِهِ قُبَيْلَ مَوْتِهِ بِلَا فَصْلٍ، وَإِنْ مَاتَتْ الْمَرْأَةُ وَقَعَ الطَّلَاقُ أَيْضًا قَبْلَ مَوْتِهَا.

وَفِي النَّوَادِرِ يَقُولُ: لَا يَقَعُ؛ لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى أَنَّهُ يُطَلِّقُهَا مَا لَمْ تَمُتْ، وَإِنَّمَا عَجَزَ بِمَوْتِهَا فَلَوْ وَقَعَ الطَّلَاقُ، لَوَقَعَ بَعْدَ الْمَوْتِ وَهُوَ نَظِيرُ قَوْلِهِ: إنْ لَمْ آتِ الْبَصْرَةَ، وَجْهُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنَّ الْإِيقَاعَ مِنْ حِكْمَةِ الْوُقُوعِ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَهُوَ قَدْ تَحَقَّقَ الْعَجْزُ عَنْ إيقَاعِهِ قُبَيْلَ مَوْتِهَا؛ لِأَنَّهُ يَعْقُبُهُ الْوُقُوعُ كَمَا لَوْ قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ مَعَ مَوْتِك فَيَقَعُ الطَّلَاقُ قُبَيْلَ مَوْتِهَا بِلَا فَصْلٍ.

وَلَا مِيرَاثَ لِلزَّوْجِ؛ لِأَنَّ الْفُرْقَةَ وَقَعَتْ بَيْنَهُمَا قَبْلَ مَوْتِهَا بِإِيقَاعِ الطَّلَاقِ عَلَيْهَا، وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ مَتَى لَمْ أُطَلِّقْك طَلُقَتْ كَمَا سَكَتَ؛ لِأَنَّ كَلِمَةَ مَتَى تُسْتَعْمَلُ لِلْوَقْتِ فَقَدْ أَضَافَ الطَّلَاقَ إلَى وَقْتٍ بَعْدَ يَمِينِهِ لَا يُطَلِّقُهَا فِيهِ، وَقَدْ وُجِدَ ذَلِكَ الْوَقْتُ كَمَا سَكَتَ، وَكَذَلِكَ إنْ قَالَ: مَتَى مَا لَمْ أُطَلِّقْك.

فَأَمَّا إذَا قَالَ: إذَا لَمْ أُطَلِّقْك، أَوْ إذَا مَا لَمْ أُطَلِّقْك.

فَإِنْ قَالَ: عَنَيْت بِإِذَا الشَّرْطَ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ أَنْ لَا يَقَعَ الطَّلَاقُ حَتَّى يَمُوتَ أَحَدُهُمَا، وَإِنْ قَالَ: عَنَيْت بِهِ مَتَى وَقَعَ الطَّلَاقُ كَمَا سَكَتَ؛ لِأَنَّ إذَا تُسْتَعْمَلُ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا.

وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا تَطْلُقُ حَتَّى يَمُوتَ أَحَدُهُمَا وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ

<<  <  ج: ص:  >  >>