للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ طَلَاقًا يَوْمئِذٍ فَإِنَّمَا يَصِيرُ طَلَاقًا كَمَا تَعَلَّقَ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ أَعَادَ الشَّرْطَ عِنْدَ ذِكْرِ كُلِّ تَطْلِيقَةٍ؛ لِأَنَّ تَعَلُّقَ كُلِّ تَطْلِيقَةٍ هُنَاكَ بِالشَّرْطِ بِلَا وَاسِطَةٍ، وَإِنَّمَا التَّفَرُّقُ فِي أَزْمِنَةِ التَّعْلِيقِ، وَذَلِكَ لَا يُوجِبُ تَفَرُّقًا فِي الْمُعَلَّقِ بِالشَّرْطِ وَبِخِلَافِ قَوْلِهِ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً لَا، بَلْ اثْنَتَيْنِ؛ لِأَنَّ لَا، بَلْ لِاسْتِدْرَاكِ الْغَلَطِ بِإِقَامَةِ الثَّانِي مَقَامَ الْأَوَّلِ، وَقَدْ صَحَّ ذَلِكَ لِبَقَاءِ الْمَحَلِّ بَعْدَ مَا تَعَلَّقَ الْأَوَّلُ بِالشَّرْطِ فَتَعَلَّقَ الثِّنْتَانِ بِالشَّرْطِ بِلَا وَاسِطَةٍ كَالْأُولَى، وَهُنَا حَرْفُ الْوَاوِ لِلْعَطْفِ، وَبِخِلَافِ مَا لَوْ نَجَّزَ بِقَوْلِهِ لَا، بَلْ؛ لِأَنَّهَا بَانَتْ بِالْأُولَى فَلَمْ يَصِحَّ مِنْهُ التَّكَلُّمُ بِالثِّنْتَيْنِ، لِعَدَمِ الْمَحَلِّ، وَأَمَّا إذَا أَخَّرَ الشَّرْطَ فَنَقُولُ: أَوَّلُ الْكَلَامِ يَتَوَقَّفُ عَلَى آخِرِهِ إذَا كَانَ فِي آخِرِهِ مَا يُغَيِّرُ مُوجِبَ أَوَّلِهِ، وَهُنَا فِي آخِرِهِ مَا يُغَيِّرُ مُوجِبَ أَوَّلِهِ؛ لِأَنَّ أَوَّلَهُ إيقَاعٌ وَبِآخِرِهِ تَبَيَّنَ أَنَّهُ تَعْلِيقٌ، فَإِذَا تَوَقَّفَ عَلَيْهِ تَعَلَّقَ الْكُلُّ بِالشَّرْطِ جُمْلَةً، وَأَمَّا إذَا قَدَّمَ الشَّرْطَ فَلَيْسَ فِي آخِرِ الْكَلَامِ مَا يُغَيِّرُ مُوجِبَ أَوَّلِهِ فَلَا يَتَوَقَّفُ أَوَّلُهُ عَلَى آخِرِهِ، فَإِذَا لَمْ يَتَوَقَّفْ، كَانَ هَذَا، وَالتَّنْجِيزُ سَوَاءً، وَنَظِيرُهُ مَا لَوْ تَزَوَّجَ أَمَتَيْنِ نِكَاحًا مَوْقُوفًا، فَقَالَ الْمَوْلَى: أَعْتَقَتْ هَذِهِ وَهَذِهِ، بَطَلَ نِكَاحُ الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي آخِرِهِ مَا يُغَيِّرُ مُوجِبَ أَوَّلِهِ فَلَمْ يُجْعَلْ كَعِتْقِهِمَا مَعًا، وَلَوْ زَوَّجَ أُخْتَيْنِ مِنْ رَجُلٍ بِغَيْرِ أَمْرِهِ فِي عُقْدَتَيْنِ، فَقَالَ الزَّوْجُ: أَجَزْت نِكَاحَ هَذِهِ وَهَذِهِ، بَطَلَ نِكَاحُهُمَا كَمَا لَوْ قَالَ: أَجَزْتهمَا؛ لِأَنَّ فِي آخِرِهِ مَا يُغَيِّرُ مُوجِبَ أَوَّلِهِ، وَإِنْ قَالَ: إذَا تَزَوَّجْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ طَالِقٌ طَالِقٌ، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا طَلُقَتْ وَاحِدَةً؛ لِأَنَّهُ مَا عَطَفَ الثَّانِيَةَ، وَالثَّالِثَةَ عَلَى الْأُولَى فَتَتَعَلَّقُ الْأُولَى بِالشَّرْطِ وَتَلْغُو الثَّانِيَةُ، وَالثَّالِثَةُ.

وَلَوْ قَالَ: إذَا تَزَوَّجْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا طَلُقَتْ وَسَقَطَ عَنْهُ الظِّهَارُ، وَالْإِيلَاءُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّ تَعَلَّقَهُمَا بِالشَّرْطِ بِوَاسِطَةِ الطَّلَاقِ فَبِسَبْقِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ تَبِينُ لَا إلَى عِدَّةٍ فَلَا يَكُونُ مُظَاهِرًا مُولِيًا بَعْدَ مَا خَرَجَتْ مِنْ مِلْكِهِ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - هُوَ مُطَلِّقٌ مُظَاهِرٌ مُولٍ؛ لِأَنَّ الْكُلَّ تَعَلَّقَ بِالتَّزْوِيجِ عِنْدَهُمَا جُمْلَةً، وَلَوْ قَالَ: إذَا تَزَوَّجْتُك فَوَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك، وَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي، وَأَنْتِ طَالِقٌ، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا وَقَعَ هَذَا كُلُّهُ عَلَيْهَا، أَمَّا عِنْدَهُمَا لَا إشْكَالَ، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّهُ سَبَقَ الْإِيلَاءُ، وَتَكُونُ بَعْدَهُ مَحَلًّا لِلظِّهَارِ فَيَصِيرُ مُظَاهِرًا، ثُمَّ تَكُونُ بَعْدَهُمَا مَحَلًّا لِلطَّلَاقِ فَيَقَعُ الطَّلَاقُ أَيْضًا وَعَلَى هَذَا لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا: إنْ كَلَّمْتِ فُلَانًا فَأَنْتِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ وَطَالِقٌ فَكَلَّمَتْهُ، فَهِيَ طَالِقٌ وَاحِدَةً فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَعِنْدَهُمَا تَقَعُ ثَلَاثًا نَصَّ عَلَى قَوْلِهِمَا رِوَايَةُ أَبِي سُلَيْمَانَ.

وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ فَطَالِقٌ إذَا كَلَّمْتُ فُلَانًا فَكَلَّمَ فُلَانًا؛ تَطْلُقُ ثَلَاثًا بِالِاتِّفَاقِ، وَالْفَرْقُ لِأَبِي حَنِيفَةَ مَا ذَكَرْنَا وَلَوْ قَالَ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>