للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالدُّخُولِ يَصِيرُ مُرَاجِعًا، وَالتَّزَوُّجُ فِي الْمَرَّةِ الثَّالِثَةِ لَغْوٌ فَهِيَ عِنْدَهُ بِتَطْلِيقَةٍ، وَعَلَيْهِ لَهَا مَهْرَانِ وَنِصْفٌ، وَتَخْرِيجُ قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ بِالتَّزَوُّجِ الْأَوَّلِ وَقَعَتْ تَطْلِيقَةٌ، وَوَجَبَ نِصْفُ مَهْرٍ بِالطَّلَاقِ، وَمَهْرٌ بِالدُّخُولِ، وَكَذَلِكَ بِالتَّزَوُّجِ الثَّانِي، وَالثَّالِثِ؛ لِأَنَّ عِنْدَهُ، وَإِنْ حَصَلَ التَّزَوُّجُ فِي الْعِدَّةِ لَا يَخْرُجُ بِهِ الطَّلَاقُ مِنْ أَنْ يَكُونَ وَاقِعًا قَبْلَ الدُّخُولِ فَتَطْلُقُ ثَلَاثًا وَعَلَيْهِ أَرْبَعَةُ مُهُورٍ وَنِصْفٌ، وَلَوْ قَالَ: كُلَّمَا تَزَوَّجْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ بَائِنٌ، وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَذَا، وَالْأَوَّلُ سَوَاءٌ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ تَطْلُقُ ثَلَاثًا بِكُلِّ تَزَوُّجٍ تَطْلِيقَةٌ بَائِنَةٌ، وَعَلَيْهِ خَمْسَةُ مُهُورٍ وَنِصْفٌ؛ لِأَنَّ بِالْعَقْدِ الثَّانِي، وَالثَّالِثِ فِي الْعِدَّةِ كَمَا وَقَعَ طَلَاقٌ بَائِنٌ وَجَبَ مَهْرٌ تَامٌّ، وَكَذَلِكَ يَجِبُ بِكُلِّ دُخُولٍ مَهْرٌ تَامٌّ، فَإِذَا جَمَعْت ذَلِكَ كَانَ خَمْسَةَ مُهُورٍ وَنِصْفًا، وَإِذَا: قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا أَبَدًا فَهِيَ طَالِقٌ فَتَزَوَّجَ امْرَأَةً فَطَلُقَتْ، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا ثَانِيَةً لَمْ تَطْلُقْ؛ لِأَنَّ كَلِمَةَ " كُلِّ " تَقْتَضِي جَمِيعَ الْأَسْمَاءِ لَا تَكْرَارَ الْأَفْعَالِ، فَإِنَّمَا يَتَجَدَّدُ وُقُوعُ الطَّلَاقِ بِتَجَدُّدِ الِاسْمِ، وَلَا يُوجَدُ ذَلِكَ بِعَقْدَيْنِ عَلَى امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ بِخِلَافِ كَلِمَةِ كُلَّمَا فَإِنَّهَا تَقْتَضِي تَكْرَارَ الْأَفْعَالِ، وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ؛ لِأَنَّ مُقْتَضَى كَلِمَةِ كُلِّ الْجَمْعُ فِيمَا يَتَعَقَّبُهَا، وَاَلَّذِي يَتَعَقَّبُ الْكُلَّ الِاسْمُ دُونَ الْفِعْلِ يُقَالُ: كُلُّ رَجُلٍ وَكُلُّ امْرَأَةٍ، وَلَا يَسْتَقِيمُ أَنْ يُقَالَ: كُلُّ ضَرَبَ، وَكُلٌّ دَخَلَ وَاَلَّذِي يَتَعَقَّبُهُ كَلِمَةُ كُلَّمَا الْفِعْلَ دُونَ الِاسْمِ يُقَالُ، كُلَّمَا ضَرَبَ، وَكُلَّمَا دَخَلَ، وَلَا يُقَالُ: كُلَّمَا زَيْدٌ، وَكُلَّمَا عَمْرٌو.

(قَالَ): وَإِذَا قَالَ: أَوَّلُ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا فَهِيَ طَالِقٌ ثَلَاثًا فَتَزَوَّجَ امْرَأَتَيْنِ فِي عُقْدَةٍ، ثُمَّ وَاحِدَةً فِي عُقْدَةٍ لَمْ تَطْلُقْ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ اسْمٌ لِفَرْدٍ سَابِقٍ لَا يُشَارِكُهُ فِيهِ غَيْرُهُ، وَلَمْ تُوجَدْ صِفَةُ الْفَرْدِيَّةِ فِي الْأُولَيَيْنِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مُزَاحِمَةٌ لِلْأُخْرَى فِي الْعَقْدِ وَلَمْ تُوجَدْ صِفَةُ السَّبْقِ فِي الثَّالِثَةِ؛ لِأَنَّهُ تَقَدَّمَهَا امْرَأَتَانِ فَلَمْ تَثْبُتْ صِفَةُ الْأَوَّلِيَّةِ لِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ، وَلَوْ كَانَ قَالَ مَعَ هَذَا: وَآخِرُ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا فَهِيَ طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ الثَّالِثَةُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْآخِرَ اسْمٌ لِفَرْدٍ مُتَأَخِّرٌ لَا يَعْقُبُهُ غَيْرُهُ، وَنَحْنُ لَا نَدْرِي أَنَّ الثَّالِثَةَ هَلْ هِيَ آخِرٌ أَمْ لَا؛ لِجَوَازِ أَنْ يَتَزَوَّجَ بَعْدَهَا غَيْرَهَا، فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَتَزَوَّجَ أُخْرَى طَلُقَتْ الثَّالِثَةُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مِنْ حِينِ تَزَوَّجَهَا حَتَّى لَا يَلْزَمَهَا الْعِدَّةُ إنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا، وَلَا مِيرَاثَ لَهَا، وَإِنْ كَانَ دَخَلَ بِهَا؛ فَلَهَا عَلَيْهِ مَهْرٌ وَنِصْفُ نِصْفِ مَهْرٍ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَمَهْرٌ بِالدُّخُولِ، وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى إنَّمَا تَطْلُقُ الثَّالِثَةُ قُبَيْلَ الْمَوْتِ حَتَّى يَكُونَ لَهَا الْمِيرَاثُ إذَا كَانَ دَخَلَ بِهَا، وَلَا مَهْرَ عَلَيْهِ بِالدُّخُولِ سِوَى مَهْرِ النِّكَاحِ، وَعَلَيْهَا عِدَّةُ الْوَفَاةِ، وَالطَّلَاقِ جَمِيعًا عِنْدَ مُحَمَّدٍ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى لَيْسَ عَلَيْهَا عِدَّةُ الْوَفَاةِ وَجْهُ قَوْلِهِمَا أَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>