الْقَضَاءِ؛ لِأَنَّ كَلَامَ الْعَقْلِ مَحْمُولٌ عَلَى الصِّحَّةِ مَا أَمْكَنَ، وَلَهُ وِلَايَةُ الْإِيقَاعِ عَلَى امْرَأَتِهِ دُونَ الْأَجْنَبِيَّةِ فَلَا يُصَدَّقُ فِيمَا يَدَّعِي مِنْ إلْغَاءِ كَلَامِهِ فِي الْقَضَاءِ، وَلَكِنْ يَدِينُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّ مَا قَالَهُ مُحْتَمَلٌ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ أَنَّ فُلَانَةَ طَالِقٌ مِنْ زَوْجِهَا عَلَى سَبِيلِ الْحِكَايَةِ، أَوْ عَلَى سَبِيلِ الْإِيقَاعِ فَيَكُونُ مَوْقُوفًا عَلَى إجَازَةِ الزَّوْجِ، وَلَا يَسَعُ امْرَأَتَهُ أَنْ تُقِيمَ مَعَهُ؛ لِأَنَّهَا مَأْمُورَةٌ بِاتِّبَاعِ الظَّاهِرِ كَالْقَاضِي، فَإِنْ قَالَ: هَذِهِ الْمَرْأَةُ الَّتِي عَنَيْتُهَا امْرَأَتِي وَصَدَّقَتْهُ فِي ذَلِكَ وَقَعَ الطَّلَاقُ عَلَيْهَا؛ لِإِقْرَارِ الزَّوْجِ بِأَنَّهَا هِيَ الْمُطَلَّقَةُ، وَلَمْ يُصَدَّقْ عَلَى إبْطَالِ الطَّلَاقِ عَنْ الْمَرْأَةِ الْمَعْرُوفَةِ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا تَعَيَّنَتْ لِلطَّلَاقِ فِي الْحُكْمِ، وَهُوَ مُتَّهَمٌ فِي صَرْفِ الطَّلَاقِ عَنْهَا فَلَا يُصَدَّقُ إلَّا أَنْ يَشْهَدَ الشُّهُودُ عَلَى نِكَاحِهَا قَبْلَ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِطَلَاقِهَا، أَوْ عَلَى إقْرَارِهَا قَبْلَ ذَلِكَ فَحِينَئِذٍ يَقَعُ الطَّلَاقُ عَلَيْهَا دُونَ الْمَعْرُوفَةِ؛ لِأَنَّ الثَّابِتَ بِالْبَيِّنَةِ كَالثَّابِتِ بِالْمُعَايَنَةِ.
وَلَوْ كَانَ تَحْتَهُ مَعْرُوفَتَانِ عَلَى اسْمٍ وَنَسَبٍ وَاحِدٍ فَطَلَّقَ بِذَلِكَ الِاسْمِ، وَالنَّسَبِ؛ كَانَ الْبَيَانُ إلَيْهِ يُوقِعُ الطَّلَاقَ عَلَى أَيَّتِهِمَا شَاءَ فَكَذَلِكَ هُنَا، وَكَذَلِكَ إنْ صَدَّقَتْهُ الْمَرْأَةُ الْمَعْرُوفَةُ بِذَلِكَ، وَفِي هَذَا نَوْعُ إشْكَالٍ فَإِنَّ الْمَعْرُوفَةَ مُتَّهَمَةٌ فِي هَذَا التَّصْدِيقِ كَمَا أَنَّ الزَّوْجَ مُتَّهَمٌ فِي الْإِقْرَارِ، وَلَكِنَّهُ لَمْ يَعْتَبِرْ هَذَا الْجَانِبَ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمَا، وَقَدْ تَصَادَقَا عَلَى قِيَامِ النِّكَاحِ بَيْنَهُمَا بِاعْتِبَارِ أَمْرٍ مُحْتَمَلٍ، وَلَوْ تَصَادَقَا عَلَى النِّكَاحِ ابْتِدَاءً ثَبَتَ فِي الْحُكْمِ بِتَصَادُقِهِمَا فَكَذَلِكَ إذَا تَصَادَقَا عَلَى بَقَاءِ النِّكَاحِ بَيْنَهُمَا.
(قَالَ): وَإِنْ قَالَ فُلَانَةُ طَالِقٌ، وَذَلِكَ اسْمُ امْرَأَتِهِ طَلُقَتْ امْرَأَتُهُ، وَلَمْ يُصَدَّقْ عَلَى صَرْفِ الطَّلَاقِ عَنْهَا؛ لِأَنَّ كَلَامَهُ إيقَاعٌ، وَلَهُ وِلَايَةُ الْإِيقَاعِ عَلَى زَوْجَتِهِ، وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ كَلَامَ الْعَاقِلِ مَحْمُولٌ عَلَى الصِّحَّةِ فَتَعَيَّنَتْ زَوْجَتُهُ لِهَذَا، وَالْعَتَاقُ فِي هَذَا قِيَاسُ الطَّلَاقِ، وَهَذَا بِخِلَافِ الْإِقْرَارِ إذَا قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَجَاءَ رَجُلٌ عَلَى ذَلِكَ الِاسْمِ وَادَّعَى الْمَالَ لَمْ يَلْزَمْهُ الْمَالُ إلَّا أَنْ يَشْهَدَ الشُّهُودُ عَلَى إقْرَارِهِ أَنَّهُ عَنَاهُ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ مِنْ الْمُقِرِّ تَصَرُّفٌ فِي ذِمَّتِهِ مِنْ حَيْثُ الِالْتِزَامُ فَلَا يَتَعَيَّنُ الْمُقَرُّ لَهُ إلَّا بِدَلِيلٍ مُوجِبٍ لِلتَّعَيُّنِ، وَذَلِكَ إشَارَتُهُ إلَيْهِ، وَإِقْرَارُهُ أَنَّهُ عَنَاهُ، فَأَمَّا الطَّلَاقُ، وَالْعَتَاقُ تَصَرُّفٌ عَلَى الْمَحَلِّ بِالْإِيقَاعِ وَزَوْجَتُهُ وَمَمْلُوكَتُهُ مُتَعَيِّنَةٌ لِذَلِكَ، تَوْضِيحُهُ أَنَّ جَهَالَةَ الْمُقَرِّ لَهُ تَمْنَعُ صِحَّةَ الْإِقْرَارِ، وَبِمُجَرَّدِ ذِكْرِ الِاسْمِ لَا تَرْتَفِعُ الْجَهَالَةُ وَجَهَالَةُ الْمُطَلَّقَةِ، وَالْمُعْتَقَةِ لَا تَمْنَعُ صِحَّةَ الْإِيقَاعِ وَلِأَنَّ الْمَالَ بِالشَّكِّ لَا يُسْتَوْجَبُ، وَالطَّلَاقُ، وَالْعَتَاقُ يُؤْخَذُ فِيهِمَا بِالِاحْتِيَاطِ، وَكَذَلِكَ فِي الْإِقْرَارِ، وَلَوْ قَالَ: لِفُلَانِ بْنِ فُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَالْمُقَرُّ لَهُ بِهَذَا الْقَدْرِ لَا يَصِيرُ مَعْلُومًا كَمَا فِي الدَّعْوَى، وَالشَّهَادَةُ بِذِكْرِ اسْمِهِ وَاسْمِ أَبِيهِ لَا يَصِيرُ مَعْلُومًا إلَّا بِذِكْرِ اسْمِ جَدِّهِ أَوْ بِنَسَبِهِ إلَى فَخِذٍ، أَوْ يُشِيرُ إلَيْهِ فَحِينَئِذٍ يَصِيرُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute