للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَعْلُومًا وَيَلْزَمُهُ الْمَالُ بِالْإِقْرَارِ.

(قَالَ): وَإِذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا وَجَحَدَ الزَّوْجُ، وَالْمَرْأَةُ ذَلِكَ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ الْمَشْهُودَ بِهِ حُرْمَتُهَا عَلَيْهِ، وَالْحِلُّ، وَالْحُرْمَةُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى فَتُقْبَلُ الشَّهَادَةُ عَلَيْهِ مِنْ غَيْر دَعْوَى كَمَا لَوْ شَهِدُوا بِحُرْمَتِهَا عَلَيْهِ، وَالْحِلُّ، وَالْحُرْمَةُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى فَتُقْبَلُ الشَّهَادَةُ عَلَيْهِ بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ مُصَاهَرَةٍ، وَهَذَا؛ لِأَنَّهُمْ يَشْهَدُونَ أَنَّ وَطْأَهُ إيَّاهَا بَعْدَ هَذَا زِنًا، وَالشَّهَادَةُ عَلَى الزِّنَا تُقْبَلُ مِنْ غَيْرِ دَعْوَى فَكَذَلِكَ عَلَى مَا يَتَضَمَّنُ مَعْنَى الزِّنَا، وَعَلَى هَذَا الشَّهَادَةُ عَلَى عِتْقِ الْأَمَةِ تُقْبَلُ مِنْ غَيْرِ دَعْوَى، وَفِي الشَّهَادَةِ عَلَى عِتْقِ الْعَبْدِ اخْتِلَافٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَا تُقْبَلُ مِنْ غَيْرِ دَعْوَى وَعِنْدَهُمَا تُقْبَلُ عَلَى مَا نُبَيِّنُهُ فِي كِتَابِ الْعَتَاقِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

(قَالَ): وَإِذَا كَانَ لَهُ امْرَأَتَانِ إحْدَاهُمَا نِكَاحُهَا صَحِيحٌ، وَالْأُخْرَى نِكَاحُهَا فَاسِدٌ وَاسْمُهُمَا وَاحِدٌ وَقَالَ: فُلَانَةُ طَالِقٌ، ثُمَّ قَالَ: عَنَيْت الَّتِي نِكَاحُهَا فَاسِدٌ لَمْ يُصَدَّقْ فِي الْقَضَاءِ؛ لِأَنَّهَا بِالنِّكَاحِ الْفَاسِدِ لَمْ تَصِرْ مَحَلًّا لِوُقُوعِ طَلَاقِهِ عَلَيْهَا فَهِيَ كَالْأَجْنَبِيَّةِ، وَاَلَّتِي نِكَاحُهَا صَحِيحٌ مَحَلٌّ لِوُقُوعِ طَلَاقِهِ عَلَيْهَا فَمُطْلَقُ الِاسْمِ يَتَنَاوَلُهَا، وَلَا يُصَدَّقُ فِي صَرْفِهِ عَنْهَا فِي الْقَضَاءِ، وَإِنْ كَانَ يُصَدَّقُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى كَمَا لَوْ قَالَ: نَوَيْت أَجْنَبِيَّةً، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: إحْدَى امْرَأَتَيَّ طَالِقٌ؛ لِأَنَّهُ أَوْقَعَ الطَّلَاقَ بِهَذَا اللَّفْظِ عَلَى امْرَأَتِهِ، وَهِيَ الَّتِي صَحَّ نِكَاحُهَا دُونَ الْأُخْرَى؛ لِأَنَّ بِالنِّكَاحِ الْفَاسِدِ لَا تَصِيرُ هِيَ امْرَأَتَهُ فَكَأَنَّهُ لَيْسَ فِي نِكَاحِهِ إلَّا امْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ، فَقَالَ: إحْدَى امْرَأَتَيَّ طَالِقٌ، وَلَوْ قَالَ: إحْدَاكُمَا طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ امْرَأَتُهُ إلَّا أَنْ يُعَيِّنَهَا؛ لِأَنَّهُ أَوْقَعَ الطَّلَاقَ عَلَى إحْدَى اللَّتَيْنِ خَاطَبَهُمَا، وَأَشَارَ إلَيْهِمَا، وَإِحْدَاهُمَا لَيْسَتْ بِمَحَلٍّ لِطَلَاقِهِ فَلَا تَتَعَيَّنُ امْرَأَتُهُ إلَّا بِالنِّيَّةِ كَمَا لَوْ جَمَعَ بَيْنَ امْرَأَتِهِ وَأَجْنَبِيَّةٍ، وَقَالَ: إحْدَاكُمَا طَالِقٌ، وَلَوْ كَانَ فِي يَدِهِ عَبْدَانِ فَاشْتَرَى أَحَدَهُمَا شِرَاءً صَحِيحًا، وَاشْتَرَى الْآخَرَ شِرَاءً فَاسِدًا، فَقَالَ: أَحَدُكُمَا حُرٌّ، أَوْ أَحَدُ عَبْدَيَّ حُرٌّ فَهُوَ سَوَاءٌ، وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي الْبَيَانِ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرَى شِرَاءً فَاسِدًا صَارَ مَمْلُوكًا لَهُ بِالْقَبْضِ، وَصَارَ مَحَلًّا لِعِتْقِهِ كَالْمُشْتَرَى شِرَاءً صَحِيحًا فَكَانَ كَلَامُهُ إيقَاعًا سَوَاءٌ قَالَ: أَحَدُ عَبْدَيَّ، أَوْ قَالَ: أَحَدُكُمَا فَكَانَ الْبَيَانُ إلَيْهِ بِخِلَافِ الْأُولَى، فَإِنَّ الَّتِي نِكَاحُهَا فَاسِدٌ لَيْسَتْ بِمَحَلٍّ لِطَلَاقِهِ.

(قَالَ): وَإِنْ قَالَ: فُلَانَةُ بِنْتُ فُلَانٍ طَالِقٌ فَسَمَّى امْرَأَتَهُ، وَنَسَبَهَا إلَى غَيْرِ أَبِيهَا لَمْ تَطْلُقْ امْرَأَتُهُ؛ لِأَنَّهُ مَا أَوْقَعَ الطَّلَاقَ عَلَيْهَا فَإِنَّهُ مَا أَضَافَهَا إلَى نَفْسِهِ بِالنِّكَاحِ، وَمَا أَشَارَ إلَيْهَا، وَلَا عَرَّفَهَا بِذِكْرِ نَسَبِهَا، إنَّمَا ذَكَرَ امْرَأَةً أُخْرَى، وَأَوْقَعَ الطَّلَاقَ عَلَيْهَا بِمَا ذَكَرَ مِنْ الِاسْمِ، وَالنَّسَبِ فَلَا يَتَنَاوَلُ ذَلِكَ امْرَأَتَهُ كَمَا لَوْ أَشَارَ إلَى أَجْنَبِيَّةٍ، وَقَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ امْرَأَتُهُ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: فُلَانَةُ الْهَمْدَانِيَّةُ طَالِقٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>