للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِهِ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ لَيْسَ مَعَهُنَّ رَجُلٌ لَا تُقْبَلُ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ مِمَّا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ.

(قَالَ): وَلَا تَجُوزُ شَهَادَةُ الْوَلَدِ عَلَى أَبِيهِ، وَلَا عَلَى غَيْرِهِ بِطَلَاقِ أُمِّهِ إذَا ادَّعَتْ ذَلِكَ أُمُّهُ؛ لِأَنَّهُ شَاهِدٌ لَهَا، وَالْوَلَدُ مُتَّهَمٌ فِي حَقِّ أُمِّهِ، فَإِنْ قِيلَ: لَا مُعْتَبَرَ بِدَعْوَاهَا فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الطَّلَاقِ (قُلْنَا): نَعَمْ، وَلَكِنْ إذَا وُجِدَتْ الدَّعْوَى مِنْهَا فَفِي شَهَادَتِهِ إظْهَارُ صِدْقِ دَعْوَاهَا، وَفِيهِ مَنْفَعَةٌ لَهَا حَتَّى لَوْ كَانَتْ هِيَ تَجْحَدُ ذَلِكَ مَعَ الْأَبِ، كَانَتْ شَهَادَتُهُ مَقْبُولَةً عَلَيْهِمَا، وَعَلَى هَذَا لَوْ شَهِدَ الْأَبُ عَلَى طَلَاقِ ابْنَتِهِ لَا تُقْبَلُ إذَا ادَّعَتْهُ، وَيَجُوزُ شَهَادَةُ الْأَبِ مَعَ رَجُلٍ آخَرَ عَلَى ابْنِهِ بِطَلَاقِ امْرَأَتِهِ، وَكَذَلِكَ شَهَادَةُ الِابْنِ عَلَى أَبِيهِ إذَا لَمْ تَكُنْ لِأُمِّهِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى الطَّلَاقِ بِمَنْزِلَةِ الشَّهَادَةِ عَلَى سَائِرِ الْحُقُوقِ تُقْبَلُ مِنْ الْوَلَدِ عَلَى الْوَالِدَيْنِ، وَلَا تُقْبَلُ لَهُمَا وَتُقْبَلُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ، وَلَا تُقْبَلُ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ.

(قَالَ): وَإِذَا زَوَّجَ رَجُلٌ أُخْتَهُ، ثُمَّ شَهِدَ هُوَ وَآخَرُ عَلَى الزَّوْجِ بِطَلَاقِهَا تُقْبَلُ؛ لِأَنَّ شَهَادَةَ الْأَخِ لِلْأُخْتِ بِسَائِرِ الْحُقُوقِ مَقْبُولَةٌ فَكَذَلِكَ الطَّلَاقُ وَهَذَا؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ حَادِثٌ بَعْدَ النِّكَاحِ لَا صُنْعَ لِلْأَخِ فِيهِ؛ فَلَا يَمْتَنِعُ شَهَادَتُهُ عَلَيْهِ بِسَبَبِ مُبَاشَرَتِهِ لِلنِّكَاحِ بِخِلَافِ مَا لَوْ شَهِدَ عَلَى أَصْلِ النِّكَاحِ أَنَّ الْمَرْأَةَ قَدْ أَجَازَتْهُ فَإِنَّ شَهَادَتَهُ لَا تُقْبَلُ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْمُزَوِّجُ، وَقَدْ قَصَدَ بِشَهَادَتِهِ تَتْمِيمَ فِعْلِهِ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لِهَذَا.

(قَالَ): وَإِذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى رَجُلٍ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ فَقَضَى لَهَا بِنِصْفِ الْمَهْرِ، ثُمَّ رَجَعَا ضَمِنَا لِلزَّوْجِ ذَلِكَ إمَّا؛ لِأَنَّهُ مَا قَرَّرَا عَلَيْهِ مَا كَانَ عَلَى شَرَفِ السُّقُوطِ بِمَجِيءِ الْفُرْقَةِ مِنْ جَانِبِهَا، وَالْمُقَرَّرُ كَالْمُوجَبِ؛ أَوْ لِأَنَّ وُقُوعَ الْفُرْقَةِ قَبْلَ الدُّخُولِ مُسْقِطٌ لِجَمِيعِ الصَّدَاقِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُضَافًا إلَى الزَّوْجِ فَهُمَا بِإِضَافَةِ السَّبَبِ إلَى الزَّوْجِ، وَهُوَ الطَّلَاقُ مَنَعَا الْعِلَّةَ الْمُسْقِطَةَ مِنْ أَنْ تَعْمَلَ عَمَلَهَا فِي النِّصْفِ؛ فَكَانَ ذَلِكَ كَالْإِيجَابِ مِنْهُمَا فَيَضْمَنَانِ إذَا رَجَعَا، وَإِنْ رَجَعَ أَحَدُهُمَا ضَمِنَ الرُّبُعَ.

وَإِنْ كَانَ الشَّاهِدُ رَجُلًا وَامْرَأَتَيْنِ، ثُمَّ رَجَعَتْ امْرَأَةٌ فَعَلَيْهَا ثَمَنُ الْمَهْرِ، وَإِنْ رَجَعُوا جَمِيعًا فَعَلَى الرَّجُلِ رُبْعُ الْمَهْرِ، وَعَلَى كُلِّ امْرَأَةٍ ثُمُنُ الْمَهْرِ؛ لِأَنَّ الثَّابِتَ بِشَهَادَةِ الرَّجُلِ ضِعْفُ مَا يَثْبُتُ بِشَهَادَةِ الْمَرْأَةِ، فَإِنَّ عِنْدَ الِاخْتِلَاطِ كُلَّ امْرَأَتَيْنِ تَقُومَانِ مَقَامَ رَجُلٍ، ثُمَّ الْمُعْتَبَرُ فِي الرُّجُوعِ بَقَاءُ مَنْ بَقِيَ عَلَى الشَّهَادَةِ لَا رُجُوعُ مَنْ رَجَعَ حَتَّى لَوْ شَهِدَ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ بِحَقٍّ، ثُمَّ رَجَعَ أَحَدُهُمْ لَمْ يَضْمَنْ شَيْئًا؛ لِأَنَّهُ قَدْ بَقِيَ عَلَى الشَّهَادَةِ مَنْ يُثْبِتُ جَمِيعَ الْحَقِّ بِشَهَادَتِهِ، فَإِنْ كَانَ الشَّاهِدُ بِالطَّلَاقِ رَجُلَيْنِ وَامْرَأَتَيْنِ، ثُمَّ رَجَعَ رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ كَانَ عَلَيْهِمَا ثُمُنُ الْمَهْرِ أَثْلَاثًا ثُلُثَاهُ عَلَى الرَّجُلِ وَثُلُثُهُ عَلَى الْمَرْأَةِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ بَقِيَ عَلَى الشَّهَادَةِ مَنْ يَقُومُ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ الْحَقِّ بِهِ، فَإِنَّمَا انْعَدَمَتْ الْحُجَّةُ فِي قَدْرِ الرُّبُعِ فَلِهَذَا ضَمِنَا ذَلِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>