مِيرَاثَ لَهَا مِنْهُ؛ لِانْعِدَامِ السَّبَبِ عِنْدَ الْمَوْتِ حَقِيقَةً وَحُكْمًا، وَأَيُّهُمَا مَاتَ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَرِثَهُ الْآخَرُ؛ لِانْتِهَاءِ النِّكَاحِ بَيْنَهُمَا بِالْمَوْتِ، وَإِذَا طَلَّقَهَا فِي مَرَضِهِ تَطْلِيقَةً بَائِنَةً، ثُمَّ صَحَّ مِنْ مَرَضِهِ، ثُمَّ مَاتَ مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ الْمَرَضِ، وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ فَلَا مِيرَاثَ لَهَا مِنْهُ عِنْدَنَا، وَقَالَ زُفَرُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: تَرِثُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُتَّهَمًا بِالْفِرَارِ حِينَ طَلَّقَهَا فِي مَرَضِهِ؛ وَلِأَنَّ حَقَّهَا كَانَ مُتَعَلِّقًا بِمَالِهِ عِنْدَ الطَّلَاقِ وَعِنْدَ الْمَوْتِ فَلَا يُعْتَبَرُ مَا تَخَلَّى بَيْنَهُمَا، فَكَأَنَّهُ لَمْ يَصِحَّ حَتَّى مَاتَ فِي مَرَضِهِ، وَلَكِنَّا نَقُولُ: حَقُّهَا إنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِمَالِهِ بِمَرَضِ الْمَوْتِ، وَمَرَضُ الْمَوْتِ مَا يَتَّصِلُ بِهِ الْمَوْتُ، وَلَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ، وَكُلُّ مَرَضٍ يُعْقِبُهُ بُرْءٌ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ حَالَةِ الصِّحَّةِ فَكَأَنَّهُ طَلَّقَهَا، وَهُوَ صَحِيحٌ، ثُمَّ مَرِضَ وَمَاتَ.
وَإِنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ هِيَ الَّتِي مَاتَتْ فِي جَمِيعِ هَذِهِ الْوُجُوهِ لَمْ يَرِثْهَا الزَّوْجُ؛ لِأَنَّهُ رَفَعَ السَّبَبَ بِاخْتِيَارِهِ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ حَقٌّ فِي مَالِهَا فِي حَالِ قِيَامِ الزَّوْجِيَّةِ؛ لِيَبْقَى ذَلِكَ بِبَقَاءِ الْعِدَّةِ
ثُمَّ جَمَعَ بَيْنَ فُصُولٍ أَرْبَعَةٍ: أَحَدُهَا أَنْ يُعَلِّقَ طَلَاقَهَا بِفِعْلِ نَفْسِهِ، وَالثَّانِي أَنْ يُعَلِّقَ بِفِعْلِ أَجْنَبِيٍّ، وَالثَّالِثُ بِمَجِيءِ الْوَقْتِ، وَالرَّابِعُ بِفِعْلِهَا، وَكُلُّ فَصْلٍ مِنْ ذَلِكَ عَلَى وَجْهَيْنِ إمَّا أَنْ يَكُونَ التَّعْلِيقُ، وَالْوُقُوعُ فِي الْمَرَضِ، أَوْ التَّعْلِيقُ فِي الصِّحَّةِ، وَالْوُقُوعُ فِي الْمَرَضِ أَمَّا الْفَصْلُ الْأَوَّلُ، وَهُوَ مَا إذَا عَلَّقَ بِفِعْلِ نَفْسِهِ، وَقَالَ: إنْ دَخَلْتُ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا، ثُمَّ دَخَلَ الدَّارَ فَلَهَا الْمِيرَاثُ إذَا مَاتَ، وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ.
أَمَّا إذَا كَانَ التَّعْلِيقُ، وَالْوُقُوعُ فِي الْمَرَضِ فَلِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ بِالْفِرَارِ، وَالْقَصْدِ إلَى إبْطَالِ حَقِّهَا عَنْ مَالِهِ، وَإِنْ كَانَ التَّعْلِيقُ فِي الصِّحَّةِ، وَالْوُقُوعُ فِي الْمَرَضِ فَكَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا أَقْدَمَ عَلَى الشَّرْطِ فِي الْمَرَضِ مَعَ عِلْمِهِ أَنَّ التَّطْلِيقَاتِ عِنْدَهُ تَقَعُ فَقَدْ صَارَ قَاصِدًا إلَى إبْطَالِ حَقِّهَا فَيُجْعَلُ ذَلِكَ كَتَنْجِيزِ الطَّلَاقِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ، وَيَسْتَوِي إنْ كَانَ الشَّرْطُ فِعْلًا لَهُ مِنْهُ بُدٌّ، أَوْ لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ كَالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالصَّلَاةِ؛ لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مِنْ الْفِعْلِ بُدٌّ فَقَدْ كَانَ لَهُ مِنْ التَّعْلِيقِ أَلْفُ بُدٍّ.
فَأَمَّا إذَا عَلَّقَ بِفِعْلِ أَجْنَبِيٍّ، فَإِنْ كَانَ التَّعْلِيقُ فِي الْمَرَضِ فَلَهَا الْمِيرَاثُ؛ لِأَنَّهُ قَاصِدٌ إبْطَالَ حَقِّهَا عَنْ مَالِهِ فَهَذَا وَالتَّنْجِيزُ فِي حَقِّهِ سَوَاءٌ، وَإِنْ كَانَ التَّعْلِيقُ فِي الصِّحَّةِ فَفَعَلَ ذَلِكَ الْفِعْلَ الْأَجْنَبِيُّ فِي مَرَضِهِ فَلَا مِيرَاثَ لَهَا مِنْهُ إلَّا عَلَى قَوْلِ زُفَرَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَإِنَّهُ يَقُولُ: الْمُعَلَّقُ بِالشَّرْطِ عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ كَالْمُنَجَّزِ مِنْ الْمُعَلَّقِ فَيَصِيرُ عِنْدَ فِعْلِ الْأَجْنَبِيِّ كَأَنَّ الزَّوْجَ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا، وَهُوَ مَرِيضٌ، وَلَكِنَّا نَقُولُ: لَمْ يُوجَدْ مِنْ الزَّوْجِ قَصْدُ الْفِرَارِ؛ لِأَنَّهُ حِينَ عَلَّقَ لَمْ يَكُنْ لَهَا حَقٌّ فِي مَالِهِ، وَلَمْ يُوجَدْ مِنْ جِهَتِهِ صُنْعٌ بَعْدَ ذَلِكَ فِي وُجُودِ الشَّرْطِ، وَلَا كَانَ مُتَمَكِّنًا مِنْ الْمَنْعِ؛ لِأَنَّهُ مَا كَانَ يَقْدِرُ عَلَى إبْطَالِ التَّعْلِيقِ وَلَا عَلَى مَنْعِ الْأَجْنَبِيِّ مِنْ إيجَادِ الشَّرْطِ.
فَأَمَّا إذَا كَانَ التَّعْلِيقُ بِمُضِيِّ الْوَقْتِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute