للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الطَّلَاقُ يُصَادِفُهَا وَهِيَ رَقِيقَةٌ فَلَا مِيرَاثَ لَهَا، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْمَوْلَى تَكَلَّمَ بِالْعِتْقِ قَبْلَ كَلَامِ الزَّوْجِ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ لَمْ يَلْزَمْهُ بِقَوْلِ الْمَوْلَى، أَلَا تَرَى أَنَّهُ يُمْكِنُهُ أَنْ يَبِيعَهَا وَلَا تُعْتَقُ غَدًا فَلَا يَصِيرُ الزَّوْجُ فَارًّا؛ وَلِأَنَّ الْوُقُوعَ يُصَادِفُهَا وَهِيَ رَقِيقَةٌ، فَلَوْ ثَبَتَ حَقُّهَا فِي مَالِهِ إنَّمَا يَثْبُتُ بَعْدَ الْعِتْقِ، وَلَا نِكَاحَ بَيْنَهُمَا بَعْدَ الْعِتْقِ.

(قَالَ): وَإِذَا قَالَ: إذَا أُعْتِقْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا كَانَ فَارًّا؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ هُنَا إنَّمَا يَقَعُ بَعْدَ الْعِتْقِ وَبَعْدَ مَا يَتَعَلَّقُ حَقُّهَا بِمَالِهِ فَقَدْ قَصَدَ إسْقَاطَ حَقِّهَا فَيُرَدُّ عَلَيْهِ قَصْدُهُ.

(قَالَ): وَإِنْ قَالَ لَهَا الْمَوْلَى: أَنْتِ حُرَّةٌ غَدًا، وَقَالَ الزَّوْجُ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا بَعْدَ الْغَدِ، فَإِنْ كَانَ يَعْلَمُ بِمَقَالَةِ الْمَوْلَى فَهُوَ فَارٌّ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ فَلَيْسَ بِفَارٍّ؛ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهَا فِي مَالِهِ حِينَ عَلَّقَ الزَّوْجُ؛ لِكَوْنِهَا رَقِيقَةً، وَلَكِنَّهُ إذَا أَضَافَ إلَى وَقْتٍ يَعْلَمُ أَنَّهَا تَكُونُ حُرَّةً فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، وَإِنَّ حَقَّهَا يَكُونُ مُتَعَلِّقًا بِمَالِهِ فَقَدْ قَصَدَ إبْطَالَ حَقِّهَا، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ لَمْ يَكُنْ قَاصِدًا إسْقَاطَ حَقِّهَا فَلِهَذَا لَا تَرِثُهُ.

وَإِنْ أَعْتَقَهَا الْمَوْلَى، ثُمَّ طَلَّقَهَا الزَّوْجُ ثَلَاثًا، وَهُوَ لَا يَعْلَمُ بِالْعِتْقِ فَلَهَا الْمِيرَاثُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهَا حِينَ عَتَقَتْ، وَالزَّوْجُ مَرِيضٌ فَقَدْ تَعَلَّقَ حَقُّهَا فِي مَالِهِ، فَلَوْ سَقَطَ إنَّمَا يَسْقُطُ بِإِيقَاعِهِ الثَّلَاثَ، وَذَلِكَ غَيْرُ مُسْقِطٍ لِمِيرَاثِهَا مَادَامَ فِي الْعِدَّةِ، وَجَهْلُ الزَّوْجِ بِالْعِتْقِ لَا يَكُونُ مُعْتَبَرًا فِي إسْقَاطِ حَقِّهَا، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا سَبَقَ مِنْ قَوْلِ الزَّوْجِ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا بَعْدَ غَدٍ؛ لِأَنَّ هُنَاكَ لَا حَقَّ لَهَا فِي مَالَهُ حِينَ تَكَلَّمَ الزَّوْجُ بِالطَّلَاقِ.

أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ نَجَّزَ طَلَاقَهَا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ لَمْ تَرِثْ، فَلَمْ يَكُنْ الزَّوْجُ مُسْقِطًا حَقًّا ثَابِتًا لَهَا، وَلَكِنْ إذَا كَانَ عَالِمًا بِمَقَالَةِ الْمَوْلَى فَقَدْ أَضَافَ الطَّلَاق إلَى وَقْتِ يَعْلَمُ حُرِّيَّتَهَا فِيهِ، فَكَانَ ذَلِكَ قَصْدًا مِنْهُ الْإِضْرَارَ بِهَا فَيُرَدُّ عَلَيْهِ قَصْدُهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَالِمًا بِمَقَالَةِ الْمَوْلَى فَلَمْ يُوجَدْ مِنْهُ الْقَصْدُ إلَى إضْرَارِهَا فَلَا يَكُونُ فَارًّا لِهَذَا.

(قَالَ): وَإِذَا كَانَتْ الْمَرْأَةُ حُرَّةً كِتَابِيَّةً، فَقَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا غَدًا، ثُمَّ أَسْلَمَتْ قَبْلَ الْغَدِ، أَوْ بَعْدَهُ فَلَا مِيرَاثَ لَهَا مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ حِينَ تَكَلَّمَ الزَّوْجُ بِالطَّلَاقِ لَمْ يَكُنْ لَهَا حَقٌّ فِي مَالِهِ، لَوْ نَجَّزَ الثَّلَاثَ لَمْ تَرِثْ، وَلَمْ يَقْصِدْ الْإِضْرَارَ بِهَا بِإِضَافَةِ الطَّلَاقِ إلَى الْغَدِ؛ لِأَنَّهُ مَا كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهَا تُسْلِمُ قَبْلَ مَجِيءِ الْغَدِ فَلَمْ يَكُنْ فَارًّا.

(قَالَ): وَإِذَا قَالَ لَهَا: إذَا أَسْلَمْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا كَانَ فَارًّا؛ لِأَنَّهُ قَصَدَ الْإِضْرَارَ بِهَا حِينَ أَضَافَ الطَّلَاقَ إلَى وَقْتِ تَعَلُّقِ حَقِّهَا بِمَا لَهُ، وَهُوَ مَا بَعْدَ الْإِسْلَامِ، وَهَذَا نَظِيرُ مَا سَبَقَ إذَا قَالَ الصَّحِيحُ لِامْرَأَتِهِ إذَا جَاءَ: رَأْسُ الشَّهْرِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، ثُمَّ مَرِضَ قَبْلَ مَجِيءِ رَأْسِ الشَّهْرِ لَمْ يَكُنْ فَارًّا، وَلَوْ قَالَ: إذَا مَرِضْتُ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا كَانَ فَارًّا، وَإِنْ أَسْلَمَتْ فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا، وَهُوَ لَا يَعْلَمُ بِإِسْلَامِهَا فَلَهَا الْمِيرَاثُ مِنْهُ؛ لِأَنَّ إيقَاعَ الثَّلَاثِ كَانَ بَعْدَ تَعَلُّقِ حَقِّهَا بِمَالِهِ، وَجَهْلُ الزَّوْجِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ فِي إسْقَاطِ حَقِّهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>