لَا يَقَعُ مَا لَمْ يُشْرِفْ عَلَى الْمَوْتِ وَيَتَعَلَّقُ حَقُّهَا بِمَالِهِ.
وَإِنْ كَانَ قَالَ: قَبْلَ مَوْتِي بِشَهْرَيْنِ، أَوْ بِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ مُضِيِّ الشَّهْرَيْنِ لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ، وَلَهَا الْمِيرَاثُ؛ لِأَنَّ الْوَقْتَ الَّذِي أَضَافَ إلَيْهِ الطَّلَاقَ يُوجَدُ بَعْدَ كَلَامِهِ، وَإِنْ عَاشَ مِثْلَ مَا سَمَّى، أَوْ أَكْثَرَ، ثُمَّ مَاتَ وَقَعَ عَلَيْهَا الطَّلَاقُ قَبْلَ مَوْتِهِ بِمَا سَمَّى، وَلَا مِيرَاث لَهَا مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْعِدَّةَ قَدْ تَنْقَضِيَ فِي شَهْرَيْنِ بِثَلَاثِ حِيَضٍ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ وَقْتَ وُقُوعِ الطَّلَاقِ مَرِيضًا، إذَا كَانَ الْكَلَامُ فِي الصِّحَّةِ، وَإِنْ كَانَتْ صَغِيرَةً، أَوْ آيِسَةً فَعِدَّتُهَا ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ، وَلَهَا الْمِيرَاثُ إلَّا أَنْ يُسَمِّيَ مِنْ الْوَقْتِ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ، أَوْ أَكْثَرَ، وَهَذَا كُلُّهُ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، فَأَمَّا عِنْدَهُمَا لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَإِنْ وَقَّتَ سَنَةً، وَلَهَا الْمِيرَاثُ؛ لِأَنَّ عِنْدَهُمَا الْمَوْتُ فِي مَعْنَى الشَّرْطِ فَلَوْ وَقَعَ الطَّلَاقُ لَوَقَعَ بَعْدَهُ
(قَالَ): وَإِذَا قَالَ لَهَا، وَهُوَ صَحِيحٌ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا قَبْلَ مَوْتَى بِشَهْرٍ، ثُمَّ مَاتَ فَجْأَةً بِغَيْرِ مَرَضٍ فَلَهَا الْمِيرَاثُ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَ الْمَوْتَ فِيمَا وَقَعَ عَلَيْهَا مِنْ الطَّلَاقِ فَيَصِيرُ بِهِ فَارًّا مِنْ مِيرَاثِهَا، وَإِنْ اسْتَنَدَ الْوُقُوعُ إلَى حَالَةِ الصِّحَّةِ إذَا مَاتَ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ.
(قَالَ): وَإِذَا طَلَّقَ الْمَرِيضُ امْرَأَتَهُ وَاحِدَةً بَائِنَةً، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا فِي عِدَّتِهَا، ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا فَعَلَيْهَا عِدَّةٌ مُسْتَقْبَلَةٌ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى بِاعْتِبَارِ أَنَّ الدُّخُولَ السَّابِقَ عَلَى الْعَقْدِ الثَّانِي يُجْعَلُ كَالْمَوْجُودِ بَعْدَهُ، وَقَدْ بَيَّنَّا هَذَا فِي كِتَابِ النِّكَاحِ فَلَهَا الْمَهْرُ كَامِلًا، وَالْمِيرَاثُ، وَلَهُ عَلَيْهَا الرَّجْعَةُ مَادَامَ فِي الْعِدَّةِ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الطَّلَاقُ الْأَوَّلُ فِي الصِّحَّةِ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا رَجْعَةَ لَهُ عَلَيْهَا، وَلَهَا نِصْفُ الْمَهْرِ، وَتُتِمُّ بَقِيَّةَ عِدَّتِهَا مِنْ الطَّلَاقِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ فِي النِّكَاحِ الثَّانِي حَصَلَ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَلَمْ يُبَيِّنْ حُكْمَ الْمِيرَاثِ، وَلَا مِيرَاثَ لَهَا مِنْهُ عِنْد مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُلْزِمْهَا الْعِدَّةَ بِالطَّلَاقِ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ طَلَاقٌ قَبْلَ الدُّخُولِ وَحُكْمُ الْفِرَارِ لَا يَثْبُتُ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ.
(قَالَ): وَإِذَا اخْتَلَعَتْ نَفْسَهَا مِنْ زَوْجِهَا فِي مَرَضِهِ، أَوْ جَعَلَ أَمْرَهَا بِيَدِهَا فَطَلَّقَتْ نَفْسَهَا فَلَا مِيرَاثَ لَهَا مِنْهُ؛ لِأَنَّ وُقُوعَ الْفُرْقَةِ بِفِعْلِهَا إمَّا بِقَبُولِهَا الْبَدَلَ، أَوْ بِإِيقَاعِهَا الطَّلَاقَ عَلَى نَفْسِهَا، وَهَذَا أَبْيَنُ فِي إسْقَاطِ حَقِّهَا مِنْ سُؤَالِ الطَّلَاقِ
(قَالَ): وَإِذَا قَالَ الْمَرِيضُ لِامْرَأَتِهِ وَهِيَ أَمَةٌ: أَنْتِ طَالِقٌ غَدًا ثَلَاثًا، وَقَالَ الْمَوْلَى لَهَا: أَنْتِ حُرَّةٌ غَدًا فَجَاءَ الْغَدُ وَقَعَ الطَّلَاقُ، وَالْعَتَاقُ مَعًا، وَلَا مِيرَاثَ لَهَا مِنْهُ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ حِينَ تَكَلَّمَ بِالطَّلَاقِ لَمْ يَقْصِدْ الْفِرَارَ إذْ لَمْ يَكُنْ لَهَا حَقٌّ فِي مَالِهِ يَوْمئِذٍ؛ وَلِأَنَّ الطَّلَاقَ، وَالْعَتَاقَ يَقَعَانِ مَعًا؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُضَافٌ إلَى الْغَدِ، ثُمَّ الْعِتْقُ يُصَادِفُهَا وَهِيَ رَقِيقَةٌ فَكَذَلِكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute