اخْتَلَعَتْ مِنْهُ.
(قَالَ): وَلَوْ قَالَ لَهَا، وَهُوَ مَرِيضٌ: إذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا، فَجَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ، وَهُوَ صَحِيحٌ فَلَا مِيرَاثَ لَهَا، وَكَذَلِكَ لَوْ آلَى مِنْهَا، وَهُوَ مَرِيضٌ وَتَمَّتْ الْمُدَّةُ، وَهُوَ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّهُ حِينَ وَقَعَتْ الْفُرْقَةُ بَيْنَهُمَا لَمْ يَكُنْ لَهَا حَقٌّ فِي مَالِهِ فَكَأَنَّهُ نَجَّزَ طَلَاقَهَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ، وَلَوْ قَالَ لَهَا، وَهُوَ صَحِيحٌ: إذَا مَرِضْتُ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا، ثُمَّ مَرِضَ وَمَاتَ وَرِثَتْهُ؛ لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ بِالشَّرْطِ عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ كَالْمُنَجَّزِ، وَلَمَّا جَعَلَ الشَّرْطَ مَرَضَهُ مَعَ عِلْمِهِ أَنَّ بِمَرَضِهِ يَتَعَلَّقُ حَقُّهَا بِمَالِهِ فَقَدْ قَصَدَ الْفِرَارَ، وَكَانَ أَبُو الْقَاسِمِ الصَّفَّارُ يَقُولُ: لَا تَرِثُهُ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ يَقَعُ عَلَيْهَا عِنْدَ ابْتِدَاءِ مَرَضِهِ، وَعِنْدَ ذَلِكَ هُوَ لَا يَكُونُ صَاحِبَ فِرَاشِ، وَالْمَرِيضُ الَّذِي يَتَعَلَّقُ حَقُّ الْوَارِثِ بِمَالِهِ مَا يُضْنِيه وَيَجْعَلُهُ صَاحِبَ فِرَاشٍ، وَإِنْ قَالَ فِي مَرَضِهِ: قَدْ كُنْتُ طَلَّقْتُك ثَلَاثًا فِي صِحَّتِي وَقَعَ الطَّلَاقُ عَلَيْهَا سَاعَةَ أَقَرَّ، وَلَهَا الْمِيرَاثُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ بِالْفِرَارِ بِهَذَا الْإِقْرَارِ، كَمَا يَكُون مُتَّهَمًا بِإِنْشَاءِ الطَّلَاقِ، وَهَذَا؛ لِأَنَّهُ فِي الْإِسْنَادِ إلَى حَالَةِ الصِّحَّةِ مُتَّهَمٌ فِي حَقِّهَا؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَنْشَأَ الطَّلَاقَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَمْ يَسْقُطْ مِيرَاثُهَا؛ فَلِهَذَا لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الْإِسْنَادِ فِي حَقِّهَا.
(قَالَ): وَإِنْ أَقَرَّ فِي مَرَضِهِ أَنَّهُ قَدْ جَامَعَ أُمَّ امْرَأَتِهِ فِي الصِّحَّةِ، أَوْ أَنَّ بَيْنَهُمَا رَضَاعًا، أَوْ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا بِغَيْرِ شُهُودٍ، أَوْ فِي عِدَّةِ مِنْ زَوْجٍ كَانَ لَهَا قَبْلَهُ لَمْ يُصَدَّقْ فِي إبْطَالِ مِيرَاثِهَا؛ لِكَوْنِهِ مُتَّهَمًا فِي ذَلِكَ، وَيُجْعَلُ هَذَا كَإِنْشَاءِ سَبَبِ الْفُرْقَةِ مِنْهُ
(قَالَ): وَإِذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ فِي مَرَضِهِ: إذَا صَحَحْتُ فَأَنْتِ طَالِقٌ، ثُمَّ صَحَّ مِنْ مَرَضِهِ وَقَعَ الطَّلَاقُ عَلَيْهَا؛ لِوُجُودِ الشَّرْطِ، وَلَا مِيرَاثَ لَهَا إنْ مَرِضَ بَعْدَ ذَلِكَ وَمَاتَ؛ لِأَنَّهُ حِينَ وَقَعَ الطَّلَاقُ عَلَيْهَا لَمْ يَكُنْ لَهَا حَقٌّ فِي مَالِهِ؛ فَلَا يَكُونُ هُوَ قَاصِدًا الْفِرَارَ.
(قَالَ): وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا قَبْلَ أَنْ أُقْتَلَ، أَوْ قَبْلَ أَنْ أَمُوتَ مِنْ مَرَضِ كَذَا، وَكَذَا بِشَهْرٍ فَمَاتَ مِمَّا قَالَ، أَوْ مِنْ غَيْرِهِ قَبْلَ مُضِيِّ شَهْرٍ، أَوْ بَعْدَهُ لَمْ تَطْلُقْ؛ لِأَنَّ مَا عُرِفَ الْوَقْتُ بِهِ لَيْسَ بِكَائِنٍ لَا مَحَالَةَ فَصَارَ فِي مَعْنَى الشَّرْطِ بِمَنْزِلَةِ قُدُومِ فُلَانٍ عَلَى مَا تَقَدَّمَ، وَلَوْ وَقَعَ الطَّلَاقُ، لَوَقَعَ بَعْدَهُ، وَلَا نِكَاحَ بَيْنَهُمَا بَعْدَ مَا قُتِلَ؛ فَلِهَذَا لَا تَطْلُقُ، وَلَهَا الْمِيرَاثَ فَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا قَبْلَ مَوْتِي بِشَهْرٍ وَنِصْفٍ، أَوْ بِأَقَلَّ مِنْ شَهْرَيْنِ فَمَاتَ بَعْدَ مُضِيِّ ذَلِكَ الْوَقْتِ الَّذِي قَالَهُ فَجْأَةً، أَوْ مَرِضَ، ثُمَّ مَاتَ؛ وَقَعَ الطَّلَاقُ عَلَيْهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَبْلَ مَوْتِهِ كَمَا قَالَ، وَلَهَا الْمِيرَاثُ وَعِنْدَهُمَا لَا تَطْلُقُ؛ لِمَا بَيَّنَّا أَنَّ عِنْدَهُمَا الْمَوْتُ يَصِيرُ فِي مَعْنَى الشَّرْطِ، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هُوَ مُعَرِّفٌ لِلْوَقْتِ، فَإِنَّمَا يَقَعُ الطَّلَاقُ مِنْ أَوَّلِهِ، وَلَكِنَّ عِدَّتَهَا لَا تَنْقَضِي بِمَا دُونَ الشَّهْرَيْنِ، فَكَانَ لَهَا الْمِيرَاثُ وَيَصِيرُ الزَّوْجُ فَارًّا؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute