للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْمَوْلَى، فَأَمَّا الْمُكَاتَبَةُ لَا تُؤَاخَذُ بِبَدَلِ الْخُلْعِ إلَّا بَعْدَ الْعِتْقِ سَوَاءٌ اخْتَلَعَتْ بِإِذْنِ الْمَوْلَى، أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ؛ لِأَنَّ إذْنَ الْمَوْلَى غَيْرُ مُعْتَبَرٍ فِي إلْزَامِ الْمَالِ إيَّاهَا، أَلَا تَرَى أَنَّ الْمَوْلَى لَا يَمْلِكُ أَنْ يُلْزِمَهَا الْمَالَ، وَلَا تَأْثِيرَ لِلْكِتَابَةِ فِي فَكِّ الْحَجْرِ عَنْ الْتِزَامِ الْمَالِ بِسَبَبِ الْخُلْعِ؛ فَلِهَذَا تُؤَاخَذُ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ.

(قَالَ): وَإِذَا وَكَّلَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ صَبِيًّا، أَوْ مَعْتُوهًا، أَوْ مَمْلُوكًا بِالْقِيَامِ مَقَامَهُ بِالْخُلْعِ وَالِاخْتِلَاعِ جَازَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ بِهَذَا الْعَقْدِ سَفِيرٌ مُعَبِّرٌ عَنْ الْمُوَكِّلِ، وَلِهَؤُلَاءِ عِبَارَةٌ مُعْتَبَرَةٌ حَتَّى يَنْفُذَ تَصَرُّفُهُمْ بِإِذْنِ الْمَوْلَى فَيَنْفُذُ الْعَقْدُ بِعِبَارَتِهِمْ أَيْضًا.

(قَالَ): وَإِذَا خَلَعَ الرَّجُلُ ابْنَتَهُ الصَّغِيرَةَ مِنْ زَوْجِهَا عَلَى صَدَاقِهَا وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا فَإِنْ لَمْ يَضْمَنْ الْأَبُ فَهُوَ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ وِلَايَةُ إلْزَامِ الْمَالِ إيَّاهَا بِهَذَا السَّبَبِ إذْ لَا مَنْفَعَةَ لَهَا فِيهِ، وَلَا يَدْخُلُ فِي مِلْكِهَا بِمُقَابَلَةِ شَيْءٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ زَوَّجَ ابْنَهُ الصَّغِيرَ بِمَالِهِ، فَإِنَّ ذَلِكَ الْعَقْدَ مِنْ مَصَالِحِهِ، وَيَدْخُلُ فِي مِلْكِهِ شَيْءٌ مُتَقَوِّمٌ بِإِزَاءِ مَا يَلْزَمُهُ مِنْ الْمَالِ فَإِنْ ضَمِنَ الْأَبُ الْمَالَ جَازَ الْخُلْعُ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ يَنْفَرِدُ بِالْإِيقَاعِ، وَاشْتِرَاطُ الْقَبُولِ فِي الْخُلْعِ؛ لِأَجْلِ الْمَالِ، فَإِذَا كَانَ الْأَبُ هُوَ الْمُلْتَزِمَ لِلْمَالِ بِضَمَانِهِ يُتِمُّ الْخُلْعَ كَمَا لَوْ خَالَعَ امْرَأَتَهُ مَعَ أَجْنَبِيٍّ عَلَى مَالٍ، وَضَمِنَ الْأَجْنَبِيُّ مِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ يَقُولُ: تَأْوِيلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إذَا خَالَعَهَا عَلَى مَالٍ مِثْلَ الصَّدَاقِ، فَأَمَّا إذَا خَالَعَهَا عَلَى الصَّدَاقِ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَصِحَّ؛ لِأَنَّهُ عَيْنُ مِلْكِهَا.

، وَلَيْسَ لِلْأَبِ وِلَايَةُ إخْرَاجِ عَيْنٍ عَنْ مِلْكِهَا بِغَيْرِ عِوَضٍ، وَلَا مُعْتَبَرٌ بِضَمَانِهِ فِي ذَلِكَ، وَلَكِنَّا نَقُولُ، وَإِنْ سَمَّى الصَّدَاقَ فِي الْخُلْعِ فَإِنَّمَا يَتَنَاوَلُ الْعَقْدُ مِثْلَهُ، فَضَمَانُ الْأَبِ إيَّاهُ صَحِيحٌ، وَإِسْقَاطُهُ حَقَّهَا فِي نِصْفِ الصَّدَاقِ بَاطِلٌ فَيَغْرَمُ الزَّوْجُ لَهَا نِصْفَ الصَّدَاقِ، كَمَا لَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ، وَيَرْجِعُ الزَّوْجُ عَلَى الْأَبِ بِمَا يَضْمَنُ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ ضَمِنَ لِلزَّوْجِ، وَإِنْ كَانَ قَدْ دَخَلَ بِهَا، فَلَهَا أَنْ تَرْجِعَ بِجَمِيعِ مَهْرِهَا عَلَى الزَّوْجِ؛ لِأَنَّ حَقَّهَا فِي جَمِيعِ الْمَهْرِ تَأَكَّدَ بِالدُّخُولِ فَلَا يَمْلِكُ الْأَبُ إبْطَالَ حَقِّهَا عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ، وَلَكِنَّهَا تَرْجِعُ بِالصَّدَاقِ عَلَى الزَّوْجِ، وَالزَّوْجُ عَلَى الْأَبِ بِحُكْمِ الضَّمَانِ، أَوْ تَرْجِعُ عَلَى الْأَبِ بِجَمِيعِ الصَّدَاقِ هُنَا وَبِنِصْفِ الصَّدَاقِ فِي الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الْأَبَ يَصِيرُ كَالْمُعَاوِضِ مَعَ الزَّوْجِ بِمَا ضَمِنَهُ لِلزَّوْجِ مِمَّا لَهَا عَلَيْهِ (قَالَ): وَلَوْ كَانَتْ كَبِيرَةً، فَإِنْ كَانَ خُلْعُ الْأَبِ بِإِذْنِ الْبِنْتِ جَازَ ذَلِكَ عَلَيْهَا، وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ إذْنِهَا، وَقَدْ ضَمِنَ الْأَبُ لِلزَّوْجِ، فَالْخُلْعُ جَائِزٌ وَتَرْجِعُ هِيَ بِالصَّدَاقِ عَلَى زَوْجِهَا، ثُمَّ الزَّوْجُ عَلَى الْأَبِ بِحُكْمِ ضَمَانِهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ وِلَايَةُ الْمُعَارَضَةِ فِي مَالِهَا.

(قَالَ): وَكُلُّ خُلْعٍ كَانَ بِجُعْلٍ فَامْتَنَعَ وُجُوبُ الْجُعْلِ؛ إمَّا لِفَسَادِهِ كَالْخَمْرِ، أَوْ؛ لِأَنَّ الْمُلْتَزِمَ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِهِ كَالصَّغِيرَةِ فَالْوَاقِعُ بِهِ طَلَاقٌ بَائِنٌ؛ لِأَنَّ لَفْظَ الْخُلْعِ لَيْسَ بِصَرِيحٍ فِي الطَّلَاقِ، وَلَكِنَّهُ يُشْبِهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>