للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مَا لَوْ، أَوْصَتْ لَهُ، أَوْ أَقَرَّتْ بِشَيْءٍ بَعْدَ مَا طَلَّقَهَا ثَلَاثًا.

وَإِنْ كَانَ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا، فَاخْتَلَعَتْ مِنْهُ فِي مَرَضِهَا بِمَهْرِهَا، فَنَقُولُ: أَمَّا نِصْفُ الْمَهْرِ، فَقَدْ سَقَطَ عَنْ الزَّوْجِ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ لَا مِنْ جِهَتِهَا، وَالنِّصْفُ الْبَاقِي لَهُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الْقَدْرَ بِمَنْزِلَةِ الْوَصِيَّةِ مِنْهَا لَهُ، وَلَيْسَ بَيْنَهُمَا سَبَبُ التَّوَارُثِ، إذَا كَانَ الطَّلَاقُ قَبْلَ الدُّخُولِ، فَلَا مَعْنَى لِاعْتِبَارِ الْأَقَلِّ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَتْ اخْتَلَعَتْ مِنْهُ بِأَكْثَرَ مِنْ مَهْرِهَا، فَنِصْفُ الْمَهْرِ سَقَطَ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَالنِّصْفُ الْبَاقِي مَعَ الزِّيَادَةِ لِلزَّوْجِ مِنْ ثُلُثِ مَالِهَا، فَإِنْ بَرِئَتْ مِنْ مَرَضِهَا، فَلَهُ جَمِيعُ الْمُسَمَّى بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ خَالَعَهَا فِي صِحَّتِهَا.

(قَالَ): وَإِنْ اخْتَلَعَتْ، وَهِيَ صَحِيحَةٌ وَالزَّوْجُ مَرِيضٌ، فَالْخُلْعُ جَائِزٌ بِالْمُسَمَّى قَلَّ، أَوْ كَثُرَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ طَلَّقَهَا بِغَيْرِ عِوَضٍ، كَانَ صَحِيحًا، فَبِالْعِوَضِ الْقَلِيلِ، أَوْلَى، وَلَا مِيرَاثَ لَهَا مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْفُرْقَةَ إنَّمَا وَقَعَتْ بِقَبُولِهَا، فَكَأَنَّهُ طَلَّقَهَا بِسُؤَالِهَا.

(قَالَ): وَإِنْ تَبَرَّعَ أَجْنَبِيٌّ فِي مَرَضِهِ بِاخْتِلَاعِهَا مِنْ الزَّوْجِ بِمَالٍ ضَمِنَهُ لِلزَّوْجِ، فَهُوَ جَائِزٌ مِنْ ثُلُثِهِ إذَا مَاتَ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ؛ لِأَنَّ الْأَجْنَبِيَّ الْتَزَمَ الْمَالَ فِي مَرَضِهِ مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ حَصَلَ لَهُ، فَكَانَ مُعْتَبَرًا مِنْ ثُلُثِهِ، وَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ مَرِيضًا حِينَ فَعَلَ الْأَجْنَبِيُّ هَذَا بِغَيْرِ رِضَاهَا، فَلَهَا الْمِيرَاثُ إذَا مَاتَ الزَّوْجُ قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا؛ لِأَنَّ الْفُرْقَةَ وَقَعَتْ بِغَيْرِ رِضَاهَا، فَيَكُونُ الزَّوْجُ فَارًّا فِي حَقِّهَا.

(قَالَ): وَإِذَا وَكَّلَ رَجُلٌ رَجُلًا أَنْ يَخْلَعَ امْرَأَتَهُ، فَقَامَ الْوَكِيلُ مِنْ مَجْلِسِهِ قَبْلَ أَنْ يَخْلَعَهَا، فَهُوَ عَلَى وَكَالَتْهُ؛ لِأَنَّ مُطْلَقَ التَّوْكِيلِ لَا يَتَوَقَّتُ بِالْمَجْلِسِ كَمَا فِي سَائِرِ الْعُقُودِ، وَهَذَا؛ لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ مِنْ الْوَكِيلِ تَحْصِيلُ مَقْصُودِ الْمُوَكِّلِ، وَالْمَجْلِسُ وَمَا بَعْدَهُ فِي هَذَا سَوَاءٌ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ لَهَا: أَمْرُك بِيَدِك؛ لِأَنَّ ذَلِكَ تَمْلِيكُ الْأَمْرِ مِنْهَا، وَجَوَابُ التَّمْلِيكِ يَقْتَصِرُ عَلَى الْمَجْلِسِ، وَهَذَا إنَابَةٌ لَهُ مَنَابَ نَفْسِهِ فِي عَقْدِ الْخُلْعِ، فَيَصِيرُ نَائِبًا عَنْهُ مَا لَمْ يَعْزِلْهُ كَمَا لَوْ قَالَ لَهُ: طَلِّقْهَا.

(قَالَ): وَإِذَا وَكَّلَ رَجُلَيْنِ بِالْخُلْعِ فَخَلَعَ أَحَدُهُمَا لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّ الْخُلْعَ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ يُحْتَاجُ فِيهِ إلَى الرَّأْيِ وَالتَّدْبِيرِ، وَهُوَ إنَّمَا رَضِيَ بِرَأْيِ الْمَثْنَى وَرَأْيُ الْوَاحِدِ لَا يَكُونُ كَرَأْيِ الْمَثْنَى، فَلَا يَحْصُلُ مَقْصُودُهُ إذَا انْفَرَدَ أَحَدُهُمَا بِهِ كَمَا فِي الْبَيْعِ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ طَلِّقَاهَا فَطَلَّقَهَا أَحَدُهُمَا، جَازَ؛ لِأَنَّ إيقَاعَ الطَّلَاقِ مُجَرَّدُ عِبَارَةٍ لَا يُحْتَاجُ فِيهِ إلَى الرَّأْيِ وَالتَّدْبِيرِ، وَعِبَارَةُ الْوَاحِدِ وَعِبَارَةُ الْمَثْنَى سَوَاءٌ، وَمَا هُوَ مَقْصُودُ الزَّوْجِ يَحْصُلُ بِإِيقَاعِ أَحَدِهِمَا.

(قَالَ): وَإِذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا عَلَى عَبْدِي هَذَا إنْ شِئْت، فَقَامَتْ مِنْ مَجْلِسِهَا قَبْلَ أَنْ تَشَاءَ، فَهِيَ امْرَأَتُهُ، وَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ فِي هَذَا إلَّا بِقَبُولِهَا؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ الْمُسَمَّى مِلْكُ الزَّوْجِ، فَكَانَ ذِكْرُهُ وَالسُّكُوتُ عَنْهُ سَوَاءً، فَيَبْقَى قَوْلُهُ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إنْ شِئْت، فَإِذَا قَامَتْ قَبْلَ أَنْ تَشَاءَ خَرَجَ الْأَمْرُ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>