للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فُلَانَةُ الطَّلَاقَ طَلَقَتْ لِوُجُودِ الشَّرْطِ وَلَمْ تَطْلُقْ الْأُخْرَى؛ لِأَنَّ الْوُقُوعَ عَلَى الْأُولَى عِنْدَ مَشِيئَتِهَا بِإِيقَاعِ الزَّوْجِ وَإِيقَاعُهُ سَبَقَ يَمِينَهُ فِي حَقِّ الثَّانِيَةِ وَشَرْطُ الْحِنْثِ يُرَاعَى وُجُودُهُ بَعْدَ الْيَمِينِ وَلَوْ قَالَ أَوَّلًا إنْ طَلَّقْت فُلَانَةَ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ لِفُلَانَةَ أَنْتِ طَالِقٌ إذَا شِئْتِ فَشَاءَتْ الطَّلَاقَ وَقَعَ عَلَيْهِمَا عَلَى فُلَانَةَ بِوُجُودِ الْمَشِيئَةِ وَعَلَى الْأُخْرَى بِوُجُودِ شَرْطِ الْحِنْثِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُطَلِّقًا فُلَانَةَ بِإِيقَاعٍ مِنْهُ بَعْدَ الْيَمِينِ بِطَلَاقِهَا وَذَلِكَ شَرْطُ الْحِنْثِ فِي حَقِّهَا.

(قَالَ) وَلَوْ قَالَ لَهَا إنْ تَزَوَّجْت فُلَانَةَ فَهِيَ طَالِقٌ إنْ شَاءَتْ فَتَزَوَّجَهَا فَلَهَا الْمَشِيئَةُ حِينَ تَعْلَمُ بِذَلِكَ فِي مَجْلِسِهَا؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ إنْ تَزَوَّجْت فُلَانَةَ شَرْطٌ وَقَوْلُهُ فَهِيَ طَالِقٌ إنْ شَاءَتْ جَزَاءً وَالْمُتَعَلِّقُ بِالشَّرْطِ عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ كَالْمُنَجِّزِ فَكَأَنَّهُ بَعْدَ مَا تَزَوَّجَهَا قَالَ هِيَ طَالِقٌ إنْ شَاءَتْ فَلِهَذَا تُوقَفُ عَلَى مَجْلِسِ عِلْمِهَا وَإِنْ شَاءَتْ قَبْلَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا فَتِلْكَ الْمَشِيئَةُ بَاطِلَةٌ؛ لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ بِالشَّرْطِ مَعْدُومٌ قَبْلَهُ فَقَبْلَ التَّزَوُّجِ لَمْ يَصِرْ فِي يَدِهَا شَيْءٌ فَلِهَذَا تَلْغُو مَشِيئَتُهَا قَبْلَ التَّزَوُّجِ وَفِي كُلِّ فَصْلٍ تَتَوَقَّفُ مَشِيئَتُهَا بِالْمَجْلِسِ إنْ كَانَتْ قَائِمَةً فَقَعَدَتْ لَمْ تَبْطُلْ مَشِيئَتُهَا وَإِنْ كَانَتْ قَاعِدَةً فَقَامَتْ بَطَلَتْ مَشِيئَتُهَا؛ لِأَنَّ حَالَةَ الْقُعُودِ أَجْمَعُ عَلَى الرَّأْيِ مِمَّا قَبْلَ الْقُعُودِ؛ لِأَنَّ الْقُعُودَ يُفْرِغُ الرَّأْيَ وَالْقِيَامَ يُفَرِّقُهُ فَإِنَّمَا انْتَقَلَتْ إلَى الْقُعُودِ لِلتَّرَوِّي وَالنَّظَرِ فِي أَمْرِهَا فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إعْرَاضًا مِنْهَا فَإِذَا قَامَتْ فَذَلِكَ دَلِيلُ الْإِعْرَاضِ مِنْهَا.

(قَالَ) وَلَوْ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ غَدًا إنْ شِئْت فَقَالَتْ السَّاعَةُ قَدْ شِئْت كَانَ بَاطِلًا وَإِنَّمَا لَهَا الْمَشِيئَةُ فِي الْغَدِ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ لَهَا إنْ شِئْت فَأَنْتِ طَالِقٌ غَدًا وَنَوَى السَّاعَةَ بِذَلِكَ أَوْ قَالَ إنْ شِئْت السَّاعَةَ فَأَنْتِ طَالِقٌ غَدًا فَإِنَّ لَهَا الْمَشِيئَةَ فِي مَجْلِسِهَا؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ إنْ شِئْت شَرْطٌ وَقَوْلُهُ فَأَنْتِ طَالِقٌ غَدًا جَزَاءً فَقَدْ عَلَّقَ بِالشَّرْطِ طَلَاقًا مُضَافًا إلَى الْغَدِ وَلَوْ عَلَّقَ بِالْمَشِيئَةِ طَلَاقًا مُنَجَّزًا يُعْتَبَرُ وُجُودُ الْمَشِيئَةِ فِي الْحَالِ حَتَّى إذَا قَامَتْ بَطَلَتْ مَشِيئَتُهَا فَكَذَلِكَ إذَا عَلَّقَ بِهَا طَلَاقًا مُضَافًا وَفِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ بَدَأَ بِإِضَافَةِ الطَّلَاقِ إلَى الْغَدِ ثُمَّ جَعَلَ ذَلِكَ الطَّلَاقَ مُعَلَّقًا بِمَشِيئَتِهَا فَيُرَاعَى وُجُودُ الْمَشِيئَةِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَرَوَى أَبُو يُوسُفَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ فِي الْفَصْلَيْنِ جَمِيعًا يُرَاعَى وُجُودُ الْمَشِيئَةِ فِي الْغَدِ؛ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ بِمَشِيئَتِهَا فِي الْمَعْنَى كَالتَّنْجِيزِ فَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ وُجُودُهُ وَقْتَ وُقُوعِ الطَّلَاقِ وَفِي الْفَصْلَيْنِ الْوُقُوعُ فِي الْغَدِ فَلِذَلِكَ يُعْتَبَرُ وُجُودُ الْمَشِيئَةِ فِي الْغَدِ وَعَنْ زُفَرَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ فِي الْفَصْلَيْنِ يُعْتَبَرُ وُجُودُ الْمَشِيئَةِ فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ إنْ شِئْت شَرْطٌ وَالشَّرْطُ وَإِنْ تَأَخَّرَ ذِكْرُهُ كَانَ مُتَقَدِّمًا مَعْنًى؛ لِأَنَّهُ مَا لَمْ يُوجَدْ الشَّرْطُ لَا يَنْزِلُ الْجَزَاءُ فَكَأَنَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>