للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

جَمِيعِ الْبَدَنِ كَالْيَدِ وَالرِّجْلِ وَقَدْ بَيَّنَّا هَذَا فِي بَابِ الطَّلَاقِ وَكَذَلِكَ إذَا شَبَّهَهَا بِظَهْرِ امْرَأَةٍ مُحَرَّمَةٍ عَلَيْهِ عَلَى التَّأْبِيدِ بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ مُصَاهَرَةٍ فَهَذَا وَالتَّشْبِيهُ بِظَهْرِ الْأُمِّ سَوَاءٌ لِلْمَعْنَى الَّذِي بَيَّنَّا كَمَا قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْأَمَالِي إنَّهُ إذَا شَبَّهَهَا بِظَهْرِ امْرَأَةٍ قَدْ زَنَى بِأُمِّهَا أَوْ بِابْنَتِهَا فَحُرِّمَتْ عَلَيْهِ بِذَلِكَ فَهُوَ مُظَاهِرٌ مِنْهَا لِأَنَّهُ شَبَّهَهَا بِمُحَرَّمَةٍ عَلَيْهِ عَلَى التَّأْبِيدِ قَالَ لِأَنَّ قَضَاءَ الْقَاضِي بِحِلِّ الْمُنَاكَحَةِ بَيْنَهُمَا لَا يَنْفُذُ عِنْدِي لِكَوْنِهِ بِخِلَافِ النَّصِّ فَإِنَّ النِّكَاحَ حَقِيقَةٌ لِلْوَطْءِ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ شَبَّهَهَا بِظَهْرِ امْرَأَةٍ قَدْ لَاعَنَهَا لِأَنَّ اللِّعَانَ وَإِنْ كَانَ يُوجِبُ الْحُرْمَةَ الْمُؤَبَّدَةَ عِنْدِي فَهُوَ مِمَّا يَسَعُ فِيهِ الِاجْتِهَادُ وَيَنْفُذُ فِيهِ قَضَاءُ الْقَاضِي بِخِلَافِهِ فَلَمْ يَكُنْ فِي مَعْنَى حُرْمَةِ الْأُمِّ وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْكَيْسَانِيَّاتِ إذَا شَبَّهَهَا بِظَهْرِ أُمِّ الْمَزْنِيِّ بِهَا لَا يَكُونُ مُظَاهِرًا لِأَنَّ الْعُلَمَاءَ مُخْتَلِفُونَ فِي حُرْمَتِهَا عَلَيْهِ وَلَوْ قَضَى الْقَاضِي بِحِلِّ الْمُنَاكَحَةِ بَيْنَهُمَا نَفَذَ قَضَاؤُهُ لِأَنَّ النَّاسَ تَعَارَفُوا إطْلَاقَ اسْمِ النِّكَاحِ عَلَى الْعَقْدِ وَلَوْ شَبَّهَهَا بِظَهْرِ امْرَأَةٍ قَدْ لَمَسَ أُمَّهَا أَوْ ابْنَتَهَا مِنْ شَهْوَةٍ أَوْ نَظَرٍ إلَى فَرْجِهَا مِنْ شَهْوَةٍ لَمْ يَكُنْ مُظَاهِرًا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِأَنَّ هَذِهِ الْحُرْمَةَ حُرْمَةٌ ضَعِيفَةٌ لَيْسَتْ فِي مَعْنَى حُرْمَةِ الْأُمِّ حَتَّى يَنْفُذَ قَضَاءُ الْقَاضِي بِخِلَافِهَا وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَكُونُ مُظَاهِرًا لِأَنَّ ثُبُوتَ الْحُرْمَةِ بِالنَّظَرِ إلَى الْفَرْجِ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ فِي قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَلْعُونٌ مَنْ نَظَرَ إلَى فَرْجِ امْرَأَةٍ وَابْنَتِهَا» فَيَتَحَقَّقُ مَعْنَى الظِّهَارِ إذَا شَبَّهَهَا بِهِ وَإِنْ شَبَّهَهَا بِظَهْرِ امْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ أَوْ ذَاتِ رَحِمٍ مِنْهُ غَيْرِ مَحْرَمٍ فَلَيْسَ بِمُظَاهِرٍ لِأَنَّهُ شَبَّهَ مُحَلَّلَةً بِمُحَلَّلَةٍ فَإِنَّ الْأُخْرَى تَحِلُّ لَهُ بِالْمِلْكِ فَلَا يَكُونُ مُظَاهِرًا وَكَذَلِكَ لَوْ شَبَّهَهَا بِظَهْرِ رَجُلٍ أَجْنَبِيٍّ أَوْ قَرِيبٍ فَهُوَ لَيْسَ بِمُحَرَّمٍ عَلَيْهِ النَّظَرُ إلَيْهِ وَمَسُّهُ فَلَا يَكُونُ مُظَاهِرًا.

(قَالَ) وَإِنْ ظَاهَرَتْ الْمَرْأَةُ مِنْ زَوْجِهَا فَلَيْسَ ذَلِكَ بِشَيْءٍ لِأَنَّ مُوجَبَهُ التَّحْرِيمُ وَهُوَ مُخْتَصٌّ بِالنِّكَاحِ كَالطَّلَاقِ وَلَيْسَ إلَى الْمَرْأَةِ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ عَلَيْهَا الْكَفَّارَةُ لِلظِّهَارِ لِأَنَّ الْمَعْنِيَّ فِي جَانِبِ الرَّجُلِ تَشْبِيهُ الْمُحَلَّلَةِ بِالْمُحَرَّمَةِ وَذَلِكَ يَتَحَقَّقُ فِي جَانِبِهَا وَالْحِلُّ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا وَقَالَ الْحَسَنُ عَلَيْهَا كَفَّارَةُ الْيَمِينِ لِأَنَّ هَذَا بِمَنْزِلَةِ التَّحْرِيمِ مِنْهَا زَوْجَهَا عَلَى نَفْسِهَا وَتَحْرِيمُ الْحَلَالِ يَمِينٌ فَتَلْزَمُهَا الْكَفَّارَةُ كَمَا لَوْ حَلَفَتْ أَنْ لَا تُمَكِّنَهُ مِنْ نَفْسِهَا ثُمَّ مَكَّنَتْهُ.

(قَالَ) وَلَا يَكُونُ الرَّجُلُ مُظَاهِرًا مِنْ أَمَتِهِ وَلَا مِنْ أُمِّ وَلَدِهِ وَلَا مِنْ مُدَبَّرَتِهِ عِنْدَنَا وَقَالَ مَالِكٌ يَصِحُّ ظِهَارُهُ مِنْهُنَّ لِأَنَّ مِلْكَ الْيَمِينِ فِي مَحَلِّ مِلْكِ الْمُتْعَةِ سَبَبٌ لِمِلْكِ الْمُتْعَةِ كَمِلْكِ النِّكَاحِ فَيَتَحَقَّقُ مَعْنَى الظِّهَارُ وَهُوَ تَشْبِيهُ الْمُحَلَّلَةِ بِالْمُحَرَّمَةِ وَلَكِنَّا نَسْتَدِلُّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَاَلَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>