الْإِخْلَاءِ عَنْ الْمَسِيسِ مِنْ ضَرُورَةِ شَرْطِ التَّقْدِيمِ عَلَى الْمَسِيسِ وَذَلِكَ غَيْرُ مَنْصُوصٍ عَلَيْهِ فِي الْإِطْعَامِ وَثُبُوتُهُ لِمَعْنًى فِي غَيْرِ الْإِطْعَامِ عَلَى مَا بَيَّنَّا فَلِهَذَا لَا يَلْزَمُهُ الِاسْتِقْبَالُ بِخِلَافِ الْإِعْتَاقِ وَالصِّيَامِ.
(قَالَ) وَإِذَا ظَاهَرَ الرَّجُلُ مِنْ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ لَهُ فَعَلَيْهِ أَرْبَعُ كَفَّارَاتٍ عِنْدَنَا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إذَا ظَاهَرَ مِنْهُنَّ بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ لَمْ يَلْزَمْهُ إلَّا كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ لِأَنَّ الظِّهَارَ سَبَبٌ مُوجِبٌ لِلْكَفَّارَةِ فَبِالْكَلِمَةِ الْوَاحِدَةِ لَا يَنْعَقِدُ إلَّا ظِهَارٌ وَاحِدٌ فِي حُكْمِ الْكَفَّارَةِ كَالْيَمِينِ وَلَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ لَا أَقْرَبَكُنَّ ثُمَّ قَرِبَهُنَّ لَمْ يَلْزَمْهُ إلَّا كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ وَلَكِنَّا نَقُولُ الظِّهَارُ يُوجِبُ تَحْرِيمًا مُؤَقَّتًا بِالْكَفَّارَةِ فَإِذَا أَضَافَ إلَى مَحَالَّ مُخْتَلِفَةٍ يَثْبُتُ فِي كُلِّ مَحَلٍّ حُرْمَةٌ لَا تَرْتَفِعُ إلَّا بِالْكَفَّارَةِ كَالتَّطْلِيقَاتِ الثَّلَاثِ لَمَّا كَانَتْ تُوجِبُ حُرْمَةً مُؤَقَّتَةً بِزَوْجٍ فَإِذَا أَوْجَبَهَا فِي أَرْبَعِ نِسْوَةٍ بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ تَثْبُتُ فِي حَقِّ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ حُرْمَةٌ لَا تَرْتَفِعُ إلَّا بِزَوْجٍ بِخِلَافِ الْيَمِينِ فَإِنَّ الْكَفَّارَةَ تَجِبُ هُنَاكَ بِهَتْكِ حُرْمَةِ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى بِالْحِنْثِ وَذَلِكَ لَا يَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ النِّسَاءِ وَمَذْهَبُنَا مَرْوِيٌّ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَإِبْرَاهِيمَ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى.
(قَالَ) وَإِذَا ظَاهَرَ مِنْ امْرَأَتِهِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ أَوْ مَجَالِسَ مُتَفَرِّقَةٍ فَعَلَيْهِ لِكُلِّ ظِهَارٍ كَفَّارَةٌ هَكَذَا نُقِلَ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَلِأَنَّ تَكْرَارَ الظِّهَارِ فِي امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ كَتَكْرَارِ الْيَمِينِ فَكَمَا يَجِبُ بِاعْتِبَارِ كُلِّ يَمِينٍ كَفَّارَةٌ فَكَذَلِكَ بِاعْتِبَارِ كُلِّ ظِهَارٍ. (فَإِنْ قِيلَ) فَإِذَا ثَبَتَتْ الْحُرْمَةُ الْمُؤَقَّتَةُ بِالظِّهَارِ الْأَوَّلِ كَيْفَ تَثْبُتُ بِالظِّهَارِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ. (قُلْنَا) بِالظِّهَارِ الْأَوَّلِ تَثْبُتُ الْحُرْمَةُ مَعَ بَقَاءِ مِلْكِ الْمَحَلِّ فَيَتَحَقَّقُ الظِّهَارُ الثَّانِي وَالثَّالِثُ وَأَسْبَابُ الْحُرْمَةِ تَجْتَمِعُ فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ فَإِنَّ صَيْدَ الْحَرَمِ حَرَامٌ عَلَى الْمُحْرِمِ لِإِحْرَامِهِ وَلِكَوْنِهِ فِي الْحَرَمِ وَالْخَمْرَ حَرَامٌ عَلَى الصَّائِمِ لِعَيْنِهَا وَلِصَوْمِهِ وَلِيَمِينِهِ إذَا حَلَفَ لَا يَشْرَبُهَا وَالْكَفَّارَةُ الثَّانِيَةُ غَيْرُ كَفَّارَةِ الْأُولَى فَالْحُرْمَةُ الثَّانِيَةُ فِي الْحُكْمِ غَيْرُ الْأُولَى أَيْضًا وَإِنْ ظَاهَرَ مِنْهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَنَوَى بِالثَّانِي وَالثَّالِثِ تَكْرَارَ الْكَلَامِ الْأَوَّلِ فَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ لِأَنَّ صِفَةَ الْإِخْبَارِ وَالْإِنْشَاءِ فِي الظِّهَارِ وَاحِدَةٌ وَالْكَلَامَ الْوَاحِدَ يُعَادُ وَيُكَرَّرُ وَلَا يَجِبُ بِهِ إلَّا مَا يَجِبُ بِالْأَوَّلِ
(قَالَ) وَإِنْ قَالَ لَهَا أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي أَوْ كَبَطْنِهَا فَهُوَ مُظَاهِرٌ لِأَنَّ بَطْنَ الْأُمِّ عَلَيْهِ فِي الْحُرْمَةِ كَظَهْرِهَا وَالظِّهَارُ مُنْكَرٌ مِنْ الْقَوْلِ وَزُورٌ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَذَلِكَ أَنْ يُشَبِّهَ مَنْ هُوَ فِي أَقْصَى غَايَاتِ الْحِلِّ بِمَنْ هُوَ فِي أَقْصَى غَايَاتِ الْحُرْمَةِ وَذَلِكَ لَا يَخْتَلِفُ بِالظَّهْرِ وَالْبَطْنِ وَكَذَلِكَ لَوْ ذَكَرَ جُزْءًا مِنْ امْرَأَتِهِ شَائِعًا أَوْ عُضْوًا جَامِعًا يُعَبَّرُ بِهِ عَنْ جَمِيعِ الْبَدَنِ بِخِلَافِ مَا إذَا ذَكَرَ عُضْوًا لَا يُعَبَّرُ بِهِ عَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute