للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذَا وَرِثَ نِصْفَ قَرِيبِهِ وَإِذَا قَالَ فُلَانٌ حُرٌّ يَوْمَ أَشْتَرِيهِ، ثُمَّ اشْتَرَاهُ وَنَوَى عَنْ ظِهَارِهِ لَا يُجْزِئُهُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُعْتِقُ عِنْدَ الشِّرَاءِ بِقَوْلِهِ حُرٌّ، وَلَمْ يَقْتَرِنْ بِهِ نِيَّةُ الْكَفَّارَةِ، وَإِنْ كَانَ عَنَى بِقَوْلِهِ هُوَ حُرٌّ يَوْمَ أَشْتَرِيهِ عَنْ ظِهَارِي أَجْزَأَهُ لِاقْتِرَانِ نِيَّةِ الْكَفَّارَةِ بِالْإِعْتَاقِ.

(قَالَ): وَإِنْ قَالَ إذَا اشْتَرَيْتُهُ فَهُوَ حُرٌّ ثُمَّ قَالَ إذَا اشْتَرَيْتُهُ فَهُوَ حُرٌّ عَنْ ظِهَارِي فَاشْتَرَاهُ لَا يُجْزِي عَنْ الظِّهَارِ؛ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ الْأَوَّلَ قَدْ صَحَّ عَلَى وَجْهٍ لَا يَمْلِكُ إبْطَالَهُ، وَلَا تَغْيِيرَهُ فَإِنَّمَا يُحَالُ بِالْعِتْقِ عِنْدَ الشِّرَاءِ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ تَرَجَّحَ بِالسَّبْقِ، وَلَمْ تَقْتَرِنْ بِهِ نِيَّةُ الْكَفَّارَةِ.

(قَالَ): وَلَا يُجْزِي أَنْ يُعْتِقَ عَنْ ظِهَارٍ وَاحِدٍ نِصْفَ رَقَبَةٍ، وَيَصُومَ شَهْرًا أَوْ يُطْعِمَ ثَلَاثِينَ مِسْكِينًا لِأَنَّ نِصْفَ الرَّقَبَةِ لَيْسَ بِرَقَبَةٍ، وَإِكْمَالُ الْأَصْلِ بِالْبَدَلِ غَيْرُ مُمْكِنٍ فَإِنَّهُمَا لَا يَجْتَمِعَانِ فَكَيْفَ يَتَحَقَّقُ إكْمَالُ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ؟.

(فَإِنْ قِيلَ) إنْ أَعْتَقَ نِصْفَ رَقَبَتَيْنِ بِأَنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ شَرِيكِهِ عَبْدَانِ، (قُلْنَا): لَا يَجُوزُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ نِصْفَ الرَّقَبَتَيْنِ لَيْسَ بِرَقَبَةٍ، وَالشَّرِكَةُ فِي كُلِّ رَقَبَةٍ تَمْنَعُ التَّكْفِيرَ بِهَا بِخِلَافِ الْأُضْحِيَّةِ، فَإِنَّ رَجُلَيْنِ لَوْ ذَبَحَا شَاتَيْنِ بَيْنَهُمَا عَنْ أُضْحِيَّتِهِمَا جَازَ؛ لِأَنَّ الشَّرِكَةَ لَا تَمْنَعُ التَّضْحِيَةَ كَمَا فِي الْبَدَنَةِ

(قَالَ): وَلَوْ أَعْتَقَ عَبْدًا عَنْ ظِهَارَيْنِ فَلَهُ أَنْ يَجْعَلَهُ عَنْ أَيِّهِمَا شَاءَ، وَيُجَامِعَ تِلْكَ الْمَرْأَةَ، وَكَذَلِكَ الصَّوْمُ، وَالْإِطْعَامُ، وَفِي الْقِيَاسِ لَا يَجُوزُ، وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ لِانْعِدَامِ نِيَّةِ التَّعْيِينِ وَلِأَنَّهُ يَصِيرُ مُعْتِقًا عَنْ كُلِّ ظِهَارٍ نِصْفَ رَقَبَةٍ إذْ لَيْسَ إحْدَاهُمَا بِأَوْلَى مِنْ الْأُخْرَى فَهُوَ كَمَا لَوْ أَعْتَقَ رَقَبَةً عَنْ كَفَّارَةِ الْقَتْلِ، وَالظِّهَارِ، وَوَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ نِيَّةَ التَّعْيِينِ فِي الْجِنْسِ الْوَاحِدِ لَغْوٌ غَيْرُ مُفِيدٍ، فَلَا تُعْتَبَرُ بِخِلَافِ الْجِنْسَيْنِ أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ كَانَ عَلَيْهِ قَضَاءُ أَيَّامٍ مِنْ رَمَضَانَ فَنَوَى صَوْمَ الْقَضَاءِ جَازَ، وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ صَوْمَ يَوْمِ الْخَمِيسِ، أَوْ الْجُمُعَةِ؛ لِأَنَّ الْجِنْسَ وَاحِدٌ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ عَلَيْهِ صَوْمُ الْقَضَاءِ، وَالنَّذْرِ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ التَّعْيِينِ لِاخْتِلَافِ الْجِنْسِ.

(قَالَ): وَلَوْ أَعْتَقَ رَجُلٌ عَنْهُ بِغَيْرِ أَمْره لَمْ يُجْزِهِ عَنْ ظِهَارِهِ؛ لِأَنَّ الْمُعْتِقَ عَنْ الْمُعْتِقِ، وَنِيَّتُهُ مِنْ غَيْرِهِ لَغْوٌ؛ لِأَنَّهُ يَعْقُبُ الْوَلَاءَ؛ وَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يُلْزِمَ غَيْرَهُ وَلَاءً بِغَيْرِ أَمْرِهِ؛ فَإِنْ كَانَ بِأَمْرِهِ فَهُوَ عَلَى وَجْهَيْنِ: إمَّا أَنْ يَكُونَ بِجُعْلٍ أَوْ بِغَيْرِ جُعْلٍ، فَإِنْ كَانَ بِجُعْلٍ بِأَنْ قَالَ: أَعْتِقْ عَبْدَكَ عَنْ ظِهَارِي عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ فَأَعْتَقَهُ جَازَ عَنْ ظِهَارِهِ اسْتِحْسَانًا عِنْدَنَا وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَوَجَبَ الْمَالُ عَلَيْهِ، وَفِي الْقِيَاسِ وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَعْتِقُ عَنْ الْمُعْتِقِ، وَالْوَلَاءُ لَهُ، وَلَا يُجْزِئُ عَنْ ظِهَارِ الْآمِرِ، وَلَا مَالَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ الْتَمَسَ مِنْهُ مُحَالًا، وَهُوَ أَنْ يَعْتِقَ مِلْكَ نَفْسِهِ مِنْ غَيْرِهِ، وَلَا عِتْقَ فِيمَا لَا يَمْلِكُهُ ابْنُ آدَمَ فَكَانَ إعْتَاقُ زَيْدٍ مِلْكَهُ عَنْ عَمْرِو مُحَالًا، وَلَا يَجُوزُ إضْمَارُ التَّمْلِيكِ هُنَا؛ لِأَنَّ الْإِضْمَارَ لِتَصْحِيحِ الْمُصَرَّحِ بِهِ لَا لِإِبْطَالِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>