وَكَذَلِكَ لَوْ طَلَّقَ هَذِهِ الَّتِي آلَى مِنْهَا ثَلَاثًا سَقَطَ الْإِيلَاءُ؛ لِأَنَّ إيلَاءَهُ فِي حُكْمِ الطَّلَاقِ بِاعْتِبَارِ التَّطْلِيقَاتِ الْمَمْلُوكَةِ وَلَمْ يَبْقَ مِنْهَا شَيْءٌ بَعْدَ إيقَاعِ الثَّلَاثِ، وَلَوْ لَمْ يُطَلِّقْهَا، وَلَكِنَّهُ جَامَعَهَا طَلُقَتْ الْأُخْرَى لِوُجُودِ شَرْطِ الْوُقُوعِ عَلَيْهَا وَارْتَفَعَتْ الْيَمِينُ، فَإِنْ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يَعُدْ الْإِيلَاءُ، وَإِنْ لَمْ يُجَامِعْهَا وَلَكِنَّهُ طَلَّقَ الْأُخْرَى، وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا سَقَطَ الْإِيلَاءُ عَنْ هَذِهِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ بِحَيْثُ يَتَمَكَّنُ مِنْ قُرْبَانِهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَلْزَمَهُ شَيْءٌ، وَهَذَا وَبَيْعُهُ الْعَبْدَ سَوَاءٌ عَلَى مَا بَيَّنَّا.
(قَالَ): وَإِذَا حَلَفَ لَا يَقْرَبُ امْرَأَتَهُ حَتَّى يَمُوتَ هُوَ أَوْ تَمُوتَ هِيَ فَهُوَ مُولٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ قُرْبَانَهَا فِي الْمُدَّةِ إلَّا بِحِنْثٍ يَلْزَمُهُ وَبَعْدَ مَوْتِ أَحَدُهُمَا لَا يَبْقَى النِّكَاحُ فَهَذَا بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ: لَا أَقْرَبُكِ مَا دُمْتِ فِي نِكَاحِي وَيَتِمُّ بِهَذَا مَنْعُ حَقِّهَا فِي الْقُرْبَانِ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ لَا أَقْرَبُك حَتَّى يَمُوتَ فُلَانٌ؛ لِأَنَّ مَوْتَ فُلَانٍ لَا يَمْنَعُ بَقَاءَ النِّكَاحِ بَيْنَهُمَا، وَهُوَ مَوْهُومٌ فِي الْمُدَّةِ فَيُتَوَهَّمُ أَنْ يَقْرَبَهَا فِي الْمُدَّةِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَلْزَمَهُ شَيْءٌ بَعْدَ مَوْتِ فُلَانٍ فَلِهَذَا لَا يَكُونُ مُولِيًا، وَقَدْ بَيَّنَّا الْقِيَاسَ وَالِاسْتِحْسَانَ فِي قَوْلِهِ: حَتَّى يَخْرُجَ الدَّجَّالُ أَوْ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا، وَإِنْ قَالَ حَتَّى الْقِيَامَةِ، فَهُوَ مُولٍ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا، وَهَذَا وَقَوْلُهُ أَبَدًا سَوَاءٌ؛ لِأَنَّهُ لَا تَصَوُّرَ لِبَقَاءِ النِّكَاحِ بَيْنَهُمَا بَعْدَ وُجُودِ مَا جَعَلَهُ غَايَةً، بِخِلَافِ خُرُوجِ الدَّجَّالِ عَلَى طَرِيقَةِ الْقِيَاسِ.
(قَالَ): وَلَوْ حَلَفَ لَا يَقْرَبُهَا حَتَّى تَفْطِمَ صَبِيًّا لَهَا وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الْفِطَامِ أَقَلُّ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ لَمْ يَكُنْ مُولِيًا؛ لِأَنَّهُ يَتَحَقَّقُ مِنْهُ أَنْ يَقْرَبَهَا بَعْدَ الْفِطَامِ فِي الْمُدَّةِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَلْزَمَهُ شَيْءٌ، وَلَمَّا كَانَ مَا جَعَلَهُ غَايَةً لِيَمِينِهِ يُوجَدُ قَبْلَ تَمَامِ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ كَانَتْ هَذِهِ الْيَمِينُ بِمَنْزِلَةِ الْيَمِينِ عَلَى الْقُرْبَانِ فِي أَقَلَّ مِنْ الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ؛ لِأَنَّ بَعْدَ وُجُودِ الْغَايَةِ لَا يَبْقَى الْيَمِينُ وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْفِطَامِ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ أَوْ أَكْثَرُ وَهُوَ يَنْوِي ذَلِكَ الْفِطَامَ لَا يَنْوِي دُونَهُ فَهُوَ مُولٍ؛ لِأَنَّ يَمِينَهُ انْعَقَدَتْ مُوجِبَةً لِلْمَنْعِ مِنْ الْقُرْبَانِ فِي الْمُدَّةِ وَلَوْ مَاتَ الصَّبِيُّ قَبْلَ أَنْ يَمْضِيَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ سَقَطَ الْإِيلَاءُ لِفَوَاتِ مَا جَعَلَهُ غَايَةً لِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ لَا يَبْقَى بَعْدَ فَوَاتِ الْغَايَةِ إلَّا فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَهِيَ مَسْأَلَةُ كِتَابِ الْأَيْمَانِ، وَكَذَلِكَ لَوْ حَلَفَ لَا يَقْرَبُهَا حَتَّى يَأْذَنَ لَهُ فُلَانٌ فَمَاتَ فُلَانٌ فِي الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ بَطَلَتْ الْيَمِينُ لِفَوَاتِ الْغَايَةِ، وَلَوْ بَقِيَ فُلَانٌ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَلَمْ يَكُنْ قَرُبَهَا لَمْ يَكُنْ مُولِيًا أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ كَانَ يَتَمَكَّنُ مِنْ قُرْبَانِهَا إذَا أَذِنَ لَهُ فُلَانٌ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَلْزَمَهُ شَيْءٌ وَفِي الْكِتَابِ قَالَ: يَنْبَغِي فِي الْقِيَاسِ أَنْ لَا يَكُونَ مُولِيًا وَلَمْ يَذْكُرْ شَيْئًا سِوَى هَذَا فَلَيْسَ مُرَادُهُ: أَنَّ هَذَا اسْتِحْسَانٌ بِخِلَافِ الْقِيَاسِ، وَإِنَّمَا مُرَادُهُ قِيَاسُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْفُصُولِ.
(قَالَ): وَلَوْ قَالَ إنْ قَرُبْتُكِ فَكُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ فِيمَا أَسْتَقْبِلُ فَهُوَ حُرٌّ فَهُوَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute