للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِسْلَامِهَا، وَالزَّوْجُ عَلَى كُفْرِهَا، وَرِقِّهَا وَقْتَ الْقَذْفِ، فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْمَرْأَةِ؛ لِأَنَّهَا هِيَ الْمُدَّعِيَةُ؛ لِأَنَّهَا تُثْبِتُ اللِّعَانَ بِبَيِّنَتِهَا، وَالزَّوْجُ يَنْفِي ذَلِكَ فَكَانَتْ بَيِّنَتُهَا أَوْلَى إلَّا أَنْ يُثْبِتَ شُهُودُ الزَّوْجِ رِدَّتَهَا بَعْدَ الْإِسْلَامِ الَّذِي شَهِدَ بِهِ شُهُودُهَا، فَحِينَئِذٍ بَيِّنَتُهُ أَوْلَى؛ لِأَنَّ مَعْنَى الْإِثْبَاتِ فِي بَيِّنَتِهِ أَظْهَرُ.

(قَالَ): وَإِنْ ادَّعَى الزَّوْجُ بِأَنَّهَا زَانِيَةٌ أَوْ قَدْ وَطِئَتْ وَطْئًا حَرَامًا فَعَلَيْهِ اللِّعَانُ؛ لِأَنَّ إحْصَانَهَا مَعْلُومٌ لِلْقَاضِي بِاعْتِبَارِ الْأَصْلِ.

وَالزَّوْجُ يَدَّعِي مَا يُسْقِطُ إحْصَانَهَا فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ إلَّا بِالْبَيِّنَةِ كَمَا لَوْ عَلِمَ الْقَاضِي حُرِّيَّتَهَا وَإِسْلَامَهَا، فَإِنْ ادَّعَى الزَّوْجُ بَيِّنَةً عَلَى أَنَّهَا كَمَا قَالَ، أُجِّلَ إلَى قِيَامِ الْقَاضِي فَإِنْ أَحْضَرَ بَيِّنَتَهُ وَإِلَّا لَاعَنَ؛ لِأَنَّ سَبَبَ وُجُوبِ اللِّعَانِ قَدْ ظَهَرَ، وَلَكِنْ يُمَكَّنُ الزَّوْجُ مِنْ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى الدَّفْعِ بِقَدْرِ مَا لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ وَذَلِكَ إلَى قِيَامِ الْقَاضِي، وَلَا يُؤَجِّلُهُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِضْرَارِ بِهَا.

(قَالَ): وَإِنْ قَالَ الزَّوْجُ قَذَفْتهَا، وَهِيَ صَغِيرَةٌ، وَادَّعَتْ أَنَّهُ قَذَفَهَا بَعْدَ مَا أَدْرَكَتْ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ، وَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ، فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْمَرْأَةِ؛ لِأَنَّهَا هِيَ الْمُدَّعِيَةُ وَلِأَنَّهُ لَا تَنَافِي بَيْنَ الْبَيِّنَتَيْنِ فَيُجْعَلُ كَأَنَّهُ قَذَفَهَا مَرَّتَيْنِ.

(قَالَ): وَإِذَا ادَّعَتْ عَلَى الزَّوْجِ الْقَذْفَ، وَلَمْ يَكُنْ لَهَا بَيِّنَةٌ فَلَا يَمِينَ عَلَى الزَّوْجِ؛ لِأَنَّهُ حَدٌّ، وَلَا يَمِينَ فِي الْحُدُودِ.

وَكَذَلِكَ إنْ ادَّعَى الزَّوْجُ أَنَّهَا صَدَّقَتْهُ، وَأَرَادَ يَمِينَهَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا يَمِينٌ؛ لِأَنَّ تَصْدِيقَهَا إقْرَارٌ مِنْهَا بِالزِّنَا، وَلَا يَمِينَ فِي الْإِقْرَارِ بِالزِّنَا.

(قَالَ): فَإِنْ ادَّعَتْ قَذْفًا مُتَقَادِمًا، وَأَقَامَتْ عَلَيْهِ شُهُودًا جَازَ؛ لِأَنَّ مُوجَبَ الْقَذْفِ لَا يَبْطُلُ بِالتَّقَادُمِ كَالْحَدِّ فِي قَذْفِ الْأَجَانِبِ، فَإِنْ أَقَامَ الزَّوْجُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ طَلَّقَهَا بَعْدَ ذَلِكَ طَلَاقًا رَجْعِيًّا فَلَا لِعَانَ بَيْنَهُمَا، وَلَا حَدَّ؛ لِأَنَّ مَا يُثْبِتُهُ الزَّوْجُ بِالْبَيِّنَةِ كَالْمُعَايَنِ. وَالْفُرْقَةُ بَعْدَ الْقَذْفِ مُسْقِطَةٌ لِلِّعَانِ فَيَتَمَكَّنُ الزَّوْجُ مِنْ إثْبَاتِهِ بِالْبَيِّنَةِ، كَمَا لَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى فُرْقَةٍ بِرِدَّتِهَا بَعْدَ الْقَذْفِ أَوْ بِسَبَبٍ آخَرَ، وَإِذَا أَقَامَتْ الْمَرْأَةُ الْبَيِّنَةَ عَلَى إقْرَارِ الزَّوْجِ بِالْوَلَدِ، وَهُوَ يُنْكِرُ، وَقَدْ نَفَاهُ لَزِمَهُ الْوَلَدُ، وَلَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَنْفِيَهُ بَعْدَ إقْرَارِهِ، هَكَذَا نُقِلَ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَالشَّعْبِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - قَالُوا: إذَا أَقَرَّ الرَّجُلُ بِوَلَدِهِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَنْفِيَهُ، وَمَا لَمْ يُقِرَّ بِهِ فَلَهُ أَنْ يَنْفِيَهُ، وَإِذَا نَفَاهُ قَبْلَ الْإِقْرَارِ لَاعَنَهَا؛ لِأَنَّهُ بَعْدَمَا أَثْبَتَ وِلَادَتَهَا يَكُونُ هُوَ بِنَفْيٍ الْوَلَدِ قَاذِفًا لَهَا بِالزِّنَا فَإِنْ قِيلُ: لَا كَذَلِكَ فَقَدْ يَكُونُ، وَلَدُهَا مِنْ وَطْءٍ بِشُبْهَةٍ قُلْنَا الْوَلَدُ مِنْ وَطْءٍ بِشُبْهَةٍ يَكُونُ ثَابِتَ النَّسَبِ مِنْ إنْسَانٍ، وَاَلَّذِي لَا يَكُونُ ثَابِتَ النَّسَبِ مِنْ أَحَدٍ لَا يَكُونُ مِنْ زِنَا، وَلَا نَسَبَ لِهَذَا الْوَلَدِ مِنْهُ فَإِذَا نَفَاهُ فَقَدْ زَعَمَ أَنَّهُ لَا نَسَبَ لِوَلَدِهَا هَذَا فَيَكُونُ قَاذِفًا لَهَا بِالزِّنَا، ثُمَّ كَيْفِيَّةُ اللِّعَانِ بِنَفْيِ الْوَلَدِ عَلَى مَا رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنْ يَقُولَ الزَّوْجُ: أَشْهَدُ أَنِّي لَمِنْ الصَّادِقِينَ فِيمَا رَمَيْتهَا بِهِ مِنْ نَفْيِ وَلَدِهَا، وَهِيَ تَقُولُ أَشْهَدُ أَنَّهُ لَمِنْ الْكَاذِبِينَ فِيمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>