يَعْتِقَهُ قَبْلَ ذَلِكَ فَإِذَا أَعْتَقَهُ كَانَ الْوَلَاءُ بَيْنَهُمَا كَمَا لَوْ أَعْتَقَاهُ مَعًا، وَلَهُ أَنْ يَسْتَسْعِيَ الْعَبْدَ فِي نَصِيبِهِ؛ لِأَنَّ نَصِيبَهُ اُحْتُبِسَ عِنْدَ الْعَبْدِ حِينَ تَعَذَّرَ اسْتِدَامَةُ الْمِلْكِ فِيهِ، وَإِذَا اسْتَسْعَاهُ فَأَدَّى السِّعَايَةَ عَتَقَ، وَالْوَلَاءُ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ نَصِيبَهُ عَتَقَ مِنْ جِهَتِهِ، وَلَهُ أَنْ يُضَمِّنَ شَرِيكَهُ إنْ كَانَ مُوسِرًا؛ لِأَنَّهُ مُفْسِدٌ عَلَيْهِ نَصِيبَهُ لَمَّا تَعَذَّرَ عَلَيْهِ اسْتِدَامَةُ الْمِلْكِ بِإِعْتَاقِ نَصِيبِهِ ثُمَّ بِالتَّضْمِينِ يَصِيرُ مُمَلَّكًا نَصِيبَهُ مِنْ شَرِيكِهِ فَيَلْتَحِقُ بِمَا لَوْ كَانَ الْعَبْدُ كُلُّهُ لَهُ فَأَعْتَقَ نِصْفَهُ حَتَّى يَتَخَيَّرَ فِي النِّصْفِ الْبَاقِي بَيْنَ أَنْ يَعْتِقَهُ، وَأَنْ يَسْتَسْعِيَهُ؛ وَلِأَنَّهُ بِالتَّضْمِينِ يُقِيمُ الْمُعْتَقَ فِي نَصِيبِهِ مَقَامَ نَفْسِهِ، وَقَدْ كَانَ لَهُ الْخِيَارُ بَيْنَ أَنْ يَعْتِقَهُ، أَوْ يَسْتَسْعِيَهُ فَيَثْبُتَ ذَلِكَ لِلْمُعْتَقِ بَعْدَ أَدَاءِ الضَّمَانِ فَلِهَذَا قَالَ يَرْجِعُ عَلَى الْعَبْدِ بِمَا ضَمِنَ، وَالْوَلَاءُ كُلُّهُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ عَتَقَ مِنْ جِهَتِهِ، وَإِنْ أَعْتَقَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَ شَرِيكِهِ مِنْهُ لَمْ يَعْتِقْ؛ لِأَنَّ مِلْكَ الْغَيْرِ لَيْسَ بِمَحَلٍّ لِلْعِتْقِ فِي حَقِّهِ، وَالسِّرَايَةُ عِنْدَهُمَا إنَّمَا تَكُونُ بَعْدَ مُصَادَفَةِ الْعِتْقِ مَحَلَّهُ، وَإِذَا لَمْ يُصَادِفْ مَحَلَّهُ كَانَ لَغْوًا.
وَلَوْ دَبَّرَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ، وَهُوَ مُوسِرٌ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: التَّدْبِيرُ يَتَجَزَّأُ؛ لِأَنَّ مُوجِبَهُ حَقُّ الْحُرِّيَّةِ فَيَكُونُ مُعْتَبَرًا بِحَقِيقَةِ الْحُرِّيَّةِ فَيَبْقَى بَعْدَ تَدْبِيرِ الْمُدَبِّرِ نَصِيبُ الْآخَرِ عَلَى مِلْكِهِ فَيَنْفُذُ عِتْقُهُ فِيهِ وَلِلْمُدَبِّرِ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ أَعْتَقَ نَصِيبَهُ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُعْتِقَ قِيمَةَ نَصِيبِهِ مُدَبَّرًا، وَإِنْ شَاءَ اسْتَسْعَى الْعَبْدَ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ تَمَكَّنَ نُقْصَانٌ فِي نَصِيبِهِ بِالتَّدْبِيرِ؛ لِأَنَّهُ، وَإِنْ امْتَنَعَ الْبَيْعُ، وَلَكِنَّهُ كَانَ مُتَمَكِّنًا مِنْ اسْتِدَامَةِ الْمِلْكِ إلَى مَوْتِهِ، وَإِنَّمَا تَعَذَّرَ عَلَيْهِ ذَلِكَ بِإِعْتَاقِ الشَّرِيكِ فَيُضَمِّنُهُ إنْ كَانَ مُوسِرًا، وَإِنَّمَا يُضَمِّنُهُ مُدَبِّرًا؛ لِأَنَّهُ أَفْسَدَهُ، وَهُوَ مَنْقُوصٌ بِنُقْصَانِ التَّدْبِيرِ، وَلَمْ يَرْجِعْ الْمُعْتِقُ عَلَى الْعَبْدِ بِمَا ضَمِنَ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ يَقُومُ مَقَامَ مَنْ ضَمَّنَهُ، وَقَدْ كَانَ لِلْمُدَبِّرِ أَنْ يَسْتَسْعِيَ الْعَبْدَ قِيمَةَ نَصِيبِهِ مُدَبِّرًا، وَأَيُّ ذَلِكَ فَعَلَ فَالْوَلَاءُ بَيْنَهُمَا هُنَا؛ لِأَنَّهُ بِالتَّدْبِيرِ اسْتَحَقَّ وَلَاءَ نَصِيبِهِ فَلَا يَبْطُلُ ذَلِكَ، وَإِنْ ضَمِنَ شَرِيكَهُ بِخِلَافِ الْقِنِّ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - حِينَ دَبَّرَهُ الْأَوَّلُ صَارَ الْكُلُّ مُدَبَّرًا لَهُ؛ لِأَنَّ التَّدْبِيرَ عِنْدَهُمَا لَا يَتَجَزَّأُ كَالْعِتْقِ، وَيَضْمَنُ قِيمَةَ نَصِيبِ شَرِيكِهِ مُوسِرًا كَانَ، أَوْ مُعْسِرًا؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُتَمَلِّكًا عَلَى شَرِيكِهِ نَصِيبَهُ، وَضَمَانُ التَّمَلُّكِ لَا يَخْتَلِفُ بِالْيَسَارِ، وَالْإِعْسَارِ ثُمَّ إعْتَاقُ الثَّانِي بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ أَعْتَقَ مَا لَا يَمْلِكُهُ.
وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ بَيْنَ ثَلَاثَةِ نَفَرٍ فَدَبَّرَهُ أَحَدُهُمْ ثُمَّ أَعْتَقَهُ الثَّانِي وَهُمَا مُوسِرَانِ فَجَوَابُ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى فِي هَذَا، وَالْأَوَّلِ سَوَاءٌ؛ لِأَنَّهُ حِينَ دَبَّرَهُ أَحَدُهُمْ صَارَ الْكُلُّ مُدَبَّرًا لَهُ، وَهُوَ ضَامِنٌ ثُلُثَيْ قِيمَتِهِ لِشَرِيكَيْهِ مُوسِرًا كَانَ، أَوْ مُعْسِرًا، وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ بَيْنَ ثَلَاثَةٍ دَبَّرَهُ أَحَدُهُمْ، وَأَعْتَقَهُ الْآخَرُ فَالْإِعْتَاقُ مِنْ الثَّانِي بَعْدَ ذَلِكَ لَغْوٌ، وَأَمَّا عِنْدَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute