للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَدْبِيرُ الْمُدَبَّرِ يَقْتَصِرُ عَلَى نَصِيبِهِ.

وَالْإِعْتَاقُ مِنْ الثَّانِي صَحِيحٌ لِمُصَادَفَتِهِ الْمَحَلَّ ثُمَّ لِلسَّاكِتِ أَنْ يُضَمِّنَ الْمُدَبَّرَ ثُلُثَ قِيمَتِهِ إنْ كَانَ مُوسِرًا، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَ الْمُعْتِقَ؛ لِأَنَّ بِالتَّدْبِيرِ السَّابِقِ صَارَ نَصِيبُهُ بِحَيْثُ لَا يَحْتَمِلُ النَّقْلَ إلَّا إلَى الْمُدَبَّرِ بِالضَّمَانِ فَلَوْ أَثْبَتَ لَهُ حَقَّ تَضْمِينِ الْمُعْتِقِ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ إلَى الْمُعْتِقِ بِالضَّمَانِ، وَذَلِكَ مُمْتَنِعٌ بِالتَّدْبِيرِ السَّابِقِ فَلِهَذَا يَضْمَنُ الْمُدَبَّرُ دُونَ الْمُعْتِقِ، وَإِنْ شَاءَ اسْتَسْعَى الْعَبْدَ ثُلُثَ قِيمَتِهِ، وَإِنْ شَاءَ أَعْتَقَهُ، وَإِذَا ضَمَّنَ الْمُدَبَّرَ فَلِلْمُدَبَّرِ أَنْ يَرْجِعَ بِذَلِكَ عَلَى الْعَبْدِ فَيَسْعَى لَهُ فِيهِ، وَلِلْمُدَبَّرِ أَيْضًا أَنْ يُضَمِّنَ الَّذِي أَعْتَقَ ثُلُثَ قِيمَتِهِ مُدَبَّرًا؛ لِأَنَّهُ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ اسْتِدَامَةُ الْمِلْكِ فِي نَصِيبِهِ بِإِعْتَاقِ الْمُعْتِقِ فَكَانَ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَهُ ثُلُثَ قِيمَتِهِ مُدَبَّرًا، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَ الْمُعْتِقَ مَا أَدَّى إلَى السَّاكِتِ مِنْ قِيمَةِ نَصِيبِهِ؛ لِأَنَّ السَّاكِتَ لَمْ يَكُنْ مُتَمَكِّنًا مِنْ تَضْمِينِ الْمُعْتِقِ فَكَذَلِكَ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ، وَلِأَنَّ صُنْعَهُ، وَهُوَ الْإِعْتَاقُ وُجِدَ قَبْلَ أَنْ يَتَمَلَّكَ الْمُدَبَّرُ نَصِيبَ السَّاكِتِ فَلِهَذَا لَا يُضَمِّنُهُ قِيمَةَ هَذَا الثُّلُثِ وَيَكُونُ الْوَلَاءُ بَيْنَ الْمُدَبَّرِ وَالْمُعْتِقِ أَثْلَاثًا ثُلُثَاهُ لِلْمُدَبَّرِ وَثُلُثُهُ لِلْمُعْتَقِ.

وَإِذَا كَانَ الْعَبْدُ بَيْنَ اثْنَيْنِ فَشَهِدَ كُلُّ، وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ، وَصَاحِبُهُ مُنْكِرٌ ذَلِكَ فَالْعَبْدُ يَسْعَى فِي جَمِيعِ قِيمَتِهِ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ مُوسِرَيْنِ، أَوْ مُعْسِرَيْنِ، أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُوسِرًا وَالْآخَرُ مُعْسِرًا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَالْوَلَاءُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ.

فَأَمَّا فَسَادُ رِقِّ الْعَبْدِ فَلِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى ذَلِكَ، وَهُمَا يَمْلِكَانِهِ بِطَرِيقِ الْإِنْشَاءِ ثُمَّ يَسَارُ الْمُعْتِقِ عِنْدَهُ لَا يَمْنَعُ وُجُوبَ السِّعَايَةِ عَلَى الْعَبْدِ فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِشَهَادَتِهِ عَلَى شَرِيكِهِ يَدَّعِي السِّعَايَةَ لِنَفْسِهِ فِي قِيمَةِ نَصِيبِهِ عَلَى الْعَبْدِ، وَيَدَّعِي الضَّمَانَ عَلَى شَرِيكِهِ إلَّا أَنَّ الضَّمَانَ لَمْ يَثْبُتْ لِإِنْكَارِ الشَّرِيكِ فَتَبْقَى السِّعَايَةُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الْعَبْدِ، وَعِنْدَ الْأَدَاءِ يُعْتَقُ نَصِيبُ كُلِّ، وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ جِهَتِهِ فَكَانَ الْوَلَاءُ بَيْنَهُمَا، وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: إنْ كَانَا مُوسِرَيْنِ فَهُوَ حُرٌّ، وَلَا سِعَايَةَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُمَا تَصَادَقَا عَلَى حُرِّيَّتِهِ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَتَبَرَّأُ مِنْ جِهَةِ السِّعَايَةِ، وَيَدَّعِي الضَّمَانَ عَلَى شَرِيكِهِ؛ لِأَنَّ يَسَارَ الْمُعْتِقِ عِنْدَهُمَا يَمْنَعُ وُجُوبَ السِّعَايَةِ عَلَيْهِ، وَمَا ادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ الضَّمَانِ عَلَى شَرِيكِهِ لَمْ يَثْبُتْ لِإِنْكَارِ شَرِيكِهِ وَإِنْ كَانَا مُعْسِرَيْنِ يَسْعَى الْعَبْدُ فِي قِيمَتِهِ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَدَّعِي السِّعَايَةَ هُنَا فَإِنَّهُ يَقُولُ شَرِيكِي مُعْتِقٌ، وَهُوَ مُعْسِرٌ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُوسِرًا، وَالْآخَرُ مُعْسِرًا يَسْعَى لِلْمُوسِرِ مِنْهُمَا فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ، وَلَمْ يَسْعَ لِلْمُعْسِرِ فِي شَيْءٍ؛ لِأَنَّ الْمُوسِرَ يَدَّعِي السِّعَايَةَ فَإِنَّهُ يَقُولُ شَرِيكِي مُعْتِقٌ، وَهُوَ مُعْسِرٌ فَلِي اسْتِسْعَاءُ الْعَبْدِ فِي قِيمَةِ نَصِيبِي، وَأَمَّا الْمُعْسِرُ يَتَبَرَّى مِنْ السِّعَايَةِ، وَيَقُولُ شَرِيكِي مُعْتِقٌ وَهُوَ مُوسِرٌ فَحَقِّي

<<  <  ج: ص:  >  >>