للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي الضَّمَانِ قِبَلَهُ فَلَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يَسْتَسْعِيَ الْعَبْدَ بِالتَّبَرِّي مِنْهُ، وَلَا يَجِبُ الضَّمَانُ لَهُ عَلَى شَرِيكِهِ بِجُحُودِهِ وَالْوَلَاءُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ مَوْقُوفٌ عِنْدَهُمَا؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَنْفِي الْوَلَاءَ عَنْ نَفْسِهِ، فَإِنَّ الْوَلَاءَ لِلْمُعْتِقِ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَزْعُمُ أَنَّ صَاحِبَهُ هُوَ الْمُعْتِقُ فَلِهَذَا تَوَقَّفَ الْوَلَاءُ، وَإِذَا أَعْتَقَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْعَبْدَ، وَاخْتَارَ الْآخَرُ تَضْمِينَهُ فَاخْتَلَفَا فِي قِيمَتِهِ يَوْمَ أَعْتَقَهُ فَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ قَائِمًا نَظَرَ إلَى قِيمَتِهِ يَوْمَ ظَهَرَ الْعِتْقُ حَتَّى إذَا لَمْ يَتَصَادَقَا فِيمَا مَضَى يُقَوَّمُ لِلْحَالِ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ حَادِثٌ فَيُحَالُ بِحُدُوثِهِ عَلَى أَقْرَبِ أَوْقَاتِ ظُهُورِهِ، وَوُجُوبُ الضَّمَانِ بِالْإِفْسَادِ أَوْ الْإِتْلَافِ فَيَكُونُ الْمُعْتَبَرُ قِيمَتَهُ وَقْتَ تَقَرَّرَ السَّبَبُ، وَذَلِكَ عِنْدَ ظُهُورِ الْعِتْقِ فَلِهَذَا يُقَوَّمُ فِي الْحَالِ.

وَكَذَلِكَ إنْ أَرَادَ أَنْ يَسْتَسْعِيَ الْعَبْدَ أَلَا تَرَى أَنَّ لَهُ أَنْ يُعْتِقَ نَصِيبَهُ السَّاعَةَ فَكَذَلِكَ لَهُ أَنْ يَسْتَسْعِيَ الْعَبْدَ فِي قِيمَةِ نَصِيبِهِ السَّاعَةَ، وَلَوْ تَصَادَقَا أَنَّهُ أَعْتَقَهُ قَبْلَ هَذَا كَانَ عَلَيْهِ نِصْفُ الْقِيمَةِ يَوْمَ أَعْتَقَهُ حَتَّى إذَا انْتَقَصَتْ قِيمَتُهُ بِزِيَادَةِ السِّنِّ فَإِنَّهُ لَا تُعْتَبَرُ الزِّيَادَةُ، وَالنُّقْصَانُ؛ لِأَنَّ السَّبَبَ الْمُوجِبَ لِلضَّمَانِ عَلَى الشَّرِيكِ هُوَ الْعِتْقُ فَيُنْظَرُ إلَى قِيمَتِهِ عِنْدَ ذَلِكَ كَمَا فِي الْمَغْصُوبِ تُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْغَصْبِ.

، وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي قِيمَتِهِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُعْتِقِ؛ لِأَنَّ الْقِيمَةَ عَلَيْهِ فَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فِي مِقْدَارِهِ كَمَا فِي الْمَغْصُوبِ، وَهَذَا؛ لِأَنَّ الشَّرِيكَ يَدَّعِي عَلَيْهِ الزِّيَادَةَ، وَهُوَ مُنْكِرٌ، وَهَذَا بِخِلَافِ الشُّفْعَةِ، فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ لَوْ أَحْرَقَ الْبِنَاءَ كَانَ لِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَ الْعَرْصَةَ بِحِصَّتِهَا مِنْ الثَّمَنِ فِي قِسْمَةِ الثَّمَنِ، وَيَنْظُرُ إلَى قِيمَةِ الْأَرْضِ فِي الْحَالِ، وَيَكُونُ الْقَوْلُ فِي قِيمَةِ الْبِنَاءِ قَوْلَ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ الشَّفِيعَ هُنَاكَ يَتَمَلَّكُ عَلَى الْمُشْتَرِي الْعَرْصَةَ فَهُوَ يَدَّعِي لِنَفْسِهِ عَلَى الْمُشْتَرِي حَقَّ التَّمَلُّكِ بِأَقَلِّ الْمَالَيْنِ وَالْمُشْتَرِي يُنْكِرُ ذَلِكَ، وَهُنَا السَّاكِتُ يُمَلِّكُ الْمُعْتِقَ نَصِيبَهُ بِالضَّمَانِ، فَهُوَ يَدَّعِي عَلَيْهِ حَقَّ التَّمْلِيكِ فِيهِ بِأَكْثَرِ الْمَالَيْنِ، وَالْمُعْتِقُ مُنْكِرٌ لِذَلِكَ فَإِنْ مَاتَ الَّذِي لَمْ يَعْتِقْ قَبْلَ أَنْ يَخْتَارَ شَيْئًا كَانَ لِوَرَثَتِهِ مِنْ الْخِيَارِ مَا كَانَ لَهُ؛ لِأَنَّهُمْ قَائِمُونَ مَقَامَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ؛ وَلَيْسَ فِي هَذَا تَوْرِيثُ الْخِيَارِ بَلْ الْمَعْنَى الَّذِي لِأَجْلِهِ كَانَ الْخِيَارُ ثَابِتًا لِلْمُوَرِّثِ مَوْجُودٌ فِي حَقِّ الْوَرَثَةِ فَإِنْ شَاءُوا أَعْتَقُوا، وَإِنْ شَاءُوا اسْتَسْعَوْا الْعَبْدَ، وَإِنْ شَاءُوا ضَمَّنُوا الْمُعْتِقَ فَإِنْ ضَمَّنُوهُ فَالْوَلَاءُ كُلُّهُ لِلْمُعْتَقِ؛ لِأَنَّهُ بِأَدَاءِ الضَّمَانِ إلَيْهِمْ يَتَمَلَّكُ نَصِيبَهُمْ كَمَا كَانَ يَتَمَلَّكُ بِالْأَدَاءِ إلَى الْمُوَرِّثِ، وَإِنْ اخْتَارُوا الْإِعْتَاقَ، أَوْ الِاسْتِسْعَاءَ فَالْوَلَاءُ فِي هَذَا النَّصِيبِ لِلذُّكُورِ مِنْ أَوْلَادِ الْمَيِّتِ دُونَ الْإِنَاثِ؛ لِأَنَّ مُعْتَقَ الْبَعْضِ صَارَ بِمَنْزِلَةِ الْمُكَاتَبِ، وَالْمُكَاتَبُ لَا تُورَثُ عَيْنُهُ، وَإِنْ كَانَ يُورَثُ مَا عَلَيْهِ مِنْ الْمَالِ فَإِنَّمَا عَتَقَ نَصِيبُ السَّاكِتِ عَلَى مِلْكِهِ وَالْوَلَاءُ يَكُونُ لَهُ فَيَخْلُفُهُ فِي ذَلِكَ الذُّكُورُ مِنْ أَوْلَادِهِ دُونَ الْإِنَاثِ إذْ الْوَلَاءُ

<<  <  ج: ص:  >  >>