للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذَلِكَ فَبِاعْتِبَارِ السَّبَبِ كَانَ هَذَا أَفْحَشُ وَبِاعْتِبَارِ حُكْمِ السَّبَبِ كَانَ هَذَا، وَالتَّضْمِينُ سَوَاءٌ، وَالْمَقْصُودُ الْحُكْمُ دُونَ السَّبَبِ إلَّا أَنَّهُ إنْ كَانَ الْعِوَضُ أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ الْقِيمَةِ مِنْ الدَّرَاهِمِ، أَوْ الدَّنَانِيرِ فَالْفَضْلُ بَاطِلٌ كَمَا بَيَّنَّاهُ فِي الصُّلْحِ، وَإِنْ دَبَّرَ السَّاكِتُ نَصِيبَهُ فَتَدْبِيرُهُ اخْتِيَارٌ لِلسِّعَايَةِ؛ لِأَنَّ مُوجِبَ التَّضْمِينِ تَمْلِيكُ نَصِيبِهِ مِنْ صَاحِبِهِ بِالضَّمَانِ، وَقَدْ فَوَّتَ ذَلِكَ بِالتَّدْبِيرِ؛ لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّ وَلَاءَ نَصِيبِهِ فَكَانَ ذَلِكَ إبْرَاءً لِلْمُعْتِقِ عَنْ الضَّمَانِ، وَاخْتِيَارًا لِلسِّعَايَةِ.

وَإِنْ كَانَ الْعِتْقُ بَعْدَ التَّدْبِيرِ ضَمِنَ الْمُعْتِقُ نِصْف قِيمَتِهِ مُدَبَّرًا إنْ كَانَ مُوسِرًا؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا تَعَذَّرَ عَلَيْهِ اسْتِدَامَةُ الْمِلْكِ فِي نَصِيبِهِ بِإِعْتَاقِ الْمُعْتِقِ، وَكَانَ نَصِيبُهُ عِنْدَ الْإِعْتَاقِ مُدَبَّرًا فَلِهَذَا ضَمَّنَهُ نِصْفَ قِيمَتِهِ مُدَبَّرًا، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ أَيُّهُمَا أَوَّلٌ فَهُوَ عَلَى الْقِيَاسِ، وَالِاسْتِحْسَانُ الَّذِي بَيَّنَّا فِي الْقِيَاسِ لَا ضَمَانَ عَلَى الْمُعْتِقِ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَضْمَنُ رُبُعَ قِيمَتِهِ مُدَبَّرًا، وَيَرْجِعُ بِهِ الْمُعْتِقُ عَلَى الْعَبْدِ، وَعَلَى الْعَبْدِ مِثْلُ ذَلِكَ لِلْمُدَبَّرِ، وَالْوَلَاءُ بَيْنَهُمَا.

وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ بَيْنَ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ فَأَعْتَقَهُ الْكَبِيرُ، وَهُوَ غَنِيٌّ وَلِلصَّغِيرِ أَبٌ، أَوْ وَصِيٌّ فَهُوَ قَائِمٌ مَقَامَهُ فِي اخْتِيَارِ التَّضْمِينِ، أَوْ الِاسْتِسْعَاءِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُعْتِقَ؛ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ، وَذَلِكَ لَا يَثْبُتُ لِلْأَبِ، وَالْوَصِيِّ فِي مَالِ الْوَلَدِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَبٌ، وَلَا وَصِيٌّ أَسْتُؤْنِيَ بِهِ بُلُوغُهُ لِيَخْتَارَ إمَّا الضَّمَانَ، أَوْ الْإِعْتَاقَ، أَوْ الِاسْتِسْعَاءَ، وَقِيلَ هَذَا إذَا كَانَ فِي مَوْضِعٍ لَا قَاضِيَ فِيهِ فَإِنْ كَانَ فِي مَوْضِعٍ فِيهِ قَاضٍ نَصَبَ الْقَاضِي لَهُ قَيِّمًا يَخْتَارُ التَّضْمِينَ، أَوْ الِاسْتِسْعَاءَ فَإِنَّ ذَلِكَ أَنْفَعُ لِلصَّبِيِّ؛ لِأَنَّهُ يَتَعَذَّرُ التَّصَرُّفُ فِي نَصِيبِ الصَّبِيِّ مِنْ الْعَبْدِ بَعْدَ الْعِتْقِ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ مَكَانَ الصَّبِيِّ مُكَاتَبٌ، أَوْ عَبْدٌ مَأْذُونٌ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الضَّمَانِ، وَالسِّعَايَةِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُعْتِقَ؛ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ لَا يَحْتَمِلُهُ كَسْبُ الْمُكَاتَبِ، وَالْمَأْذُونِ فَأَمَّا التَّضْمِينُ، وَالِاسْتِسْعَاءُ فَلَهُ ذَلِكَ فِي الْمُكَاتَبِ؛ لِأَنَّ الْمُكَاتَبَ يَمْلِكُ أَنْ يُكَاتِبَ، وَالِاسْتِسْعَاءُ بِمَنْزِلَةِ الْكِتَابَةِ فَأَمَّا فِي الْعَبْدِ الْمَدْيُونِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لَهُ حَقُّ التَّضْمِينِ فَقَطْ؛ لِأَنَّ الِاسْتِسْعَاءَ بِمَنْزِلَةِ الْكِتَابَةِ، وَلَيْسَ لِلْمَأْذُونِ أَنْ يُكَاتِبَ، وَلَكِنْ قَالَ سَبَبُ الِاسْتِسْعَاءِ قَدْ تَقَرَّرَ، وَهُوَ عِتْقُ الشَّرِيكِ عَلَى وَجْهٍ لَا يُمْكِنُ إبْطَالُهُ، وَرُبَّمَا يَكُونُ الِاسْتِسْعَاءُ أَنْفَعَ مِنْ التَّضْمِينِ فَلِهَذَا مَلَكَ الْمَأْذُونُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ لَا يَمْلِكُ الْكِتَابَةَ ابْتِدَاءً، وَإِذَا اخْتَارَ الْمُكَاتَبُ، أَوْ الْمَأْذُونُ التَّضْمِينَ، أَوْ الِاسْتِسْعَاءَ، فَوَلَاءُ نَصِيبِهِمَا لِلْمَوْلَى؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْوَلَاءِ فَثَبَتَ الْوَلَاءُ لِأَقْرَبِ النَّاسِ إلَيْهِمَا، وَهُوَ الْمَوْلَى وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ فَالْخِيَارُ لِلْمَوْلَى كَمَا يَكُونُ بَيْنَ حُرَّيْنِ؛ لِأَنَّ كَسْبَ الْعَبْدِ مَمْلُوكٌ لِلْمَوْلَى فِي هَذِهِ الْحَالَةِ.

وَإِذَا قَالَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ لِلْعَبْدِ: إنْ دَخَلْت الْمَسْجِدَ الْيَوْمَ فَأَنْتَ حُرٌّ، وَقَالَ: لَهُ الْآخَرُ إنْ لَمْ تَدْخُلْ الْمَسْجِدَ الْيَوْمَ فَأَنْتَ حُرٌّ فَمَضَى

<<  <  ج: ص:  >  >>