للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَحَدِهِمَا عَلَى الشَّرِيكِ أَنَّهُ أَعْتَقَهَا فَشَهَادَتُهُمَا بَاطِلَةٌ لِأَنَّهُمَا شَهِدَا لِأَمَةِ أَبِيهِمَا وَلِأَنَّهُمَا يَشْهَدَانِ لِأَبِيهِمَا بِثُبُوتِ حَقِّ التَّضْمِينِ لَهُ قَبْلَ الشَّرِيكِ إنْ كَانَ مُوسِرًا، وَلَوْ شَهِدَا عَلَى أَبِيهِمَا أَنَّهُ أَعْتَقَهَا جَازَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا تُهْمَةَ فِي شَهَادَتِهِمَا عَلَى أَبِيهِمَا، فَإِنْ كَانَ الْأَبُ مُوسِرًا ثُمَّ مَاتَتْ الْخَادِمَةُ وَتَرَكَتْ مَالًا وَقَدْ وَلَدَتْ بَعْدَ الْعِتْقِ وَلَدًا فَأَرَادَ الشَّرِيكُ أَنْ يَسْتَسْعِيَ الْوَلَدَ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ كَمَا فِي حَيَاةِ الْأُمِّ لَمْ يَكُنْ لَهُ سَبِيلٌ عَلَى اسْتِسْعَاءِ الْوَلَدِ فَكَذَلِكَ بَعْدَ مَوْتِهَا إذَا خَلَّفَتْ مَالًا، وَلَكِنَّهُ يَضْمَنُ الشَّرِيكُ كَمَا كَانَ يَضْمَنُهُ فِي حَيَاتِهَا ثُمَّ يَرْجِعُ الشَّرِيكُ بِمَا يَضْمَنُ فِي تَرِكَتِهَا كَمَا كَانَ يَرْجِعُ عَلَيْهَا لَوْ كَانَتْ حَيَّةً وَمَا بَقِيَ فَهُوَ مِيرَاثٌ لِلِابْنِ لِأَنَّ بِأَدَاءِ مَا عَلَيْهَا مِنْ السِّعَايَةِ يُحْكَمُ بِعِتْقِهَا وَعِتْقِ وَلَدِهَا مُسْتَنِدًا إلَى حَالِ حَيَاتِهَا عَلَى مَا نُبَيِّنُهُ فِي الْمُكَاتَبَةِ، وَإِنْ لَمْ تَدَعْ مَالًا رَجَعَ بِذَلِكَ عَلَى الِابْنِ لِأَنَّ الِابْنَ مَوْلُودٌ فِي الْكِتَابَةِ وَالْمَوْلُودُ فِي الْكِتَابَةِ يَسْعَى فِيمَا عَلَى أُمِّهِ بَعْدَ مَوْتِهَا لِأَنَّهُ جُزْءٌ مِنْ أَجْزَائِهَا فَبَقَاؤُهُ كَبَقَائِهَا وَلِأَنَّهُ مُحْتَاجٌ إلَى تَحْصِيلِ الْعِتْقِ لِنَفْسِهِ وَلَا يَتَوَصَّلُ إلَى ذَلِكَ إلَّا بِأَدَاءِ مَا عَلَى أُمِّهِ، وَإِنْ لَمْ تَمُتْ فَاخْتَارَ الشَّرِيكُ أَنْ يَسْتَسْعِيَهَا فَهِيَ بِمَنْزِلَةِ الْمُكَاتَبَةِ فِي تِلْكَ السِّعَايَةِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ بَعْدَ مَوْتِهَا لَيْسَ لِلشَّرِيكِ أَنْ يَسْتَسْعِيَهَا بِاعْتِبَارِ بَقَاءِ الْوَلَدِ وَفِي حَالِ حَيَاتِهَا لَهُ أَنْ يَسْتَسْعِيَهَا لِأَنَّ حَقَّ الِاسْتِسْعَاءِ بِاعْتِبَارِ احْتِبَاسِ نَصِيبِ الشَّرِيكِ عِنْدَهَا وَذَلِكَ لَا يَتَحَقَّقُ بَعْدَ مَوْتِهَا وَلَا حَقَّ لِلشَّرِيكِ فِي وَلَدِهَا فَلِهَذَا لَا يَسْتَسْعِيهَا بِاعْتِبَارِ بَقَاءِ الْوَلَدِ وَلَا بِاعْتِبَارِ بَقَاءِ الْمَالِ وَلَكِنَّهُ يَضْمَنُ الشَّرِيكُ، وَأَمَّا فِي حَالِ حَيَاتِهَا فَقَدْ تَقَرَّرَ احْتِبَاسُ نَصِيبِ الشَّرِيكِ عِنْدَهَا فَكَانَ لَهُ أَنْ يَسْتَسْعِيَهَا وَهِيَ بِمَنْزِلَةِ الْمُكَاتَبَةِ مَا دَامَتْ تَسْعَى حَتَّى لَيْسَ لَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ بِدُونِ إذْنِ مَوْلَاهَا وَإِنْ وَلَدَتْ فَوَلَدُهَا بِمَنْزِلَتِهَا وَإِنْ اشْتَرَتْ أَبَاهَا أَوْ أُمَّهَا أَوْ وَلَدَهَا فَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَبِيعَهُمْ وَلَوْ اشْتَرَتْ أَخَاهَا أَوْ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهَا فَلَهَا أَنْ تَبِيعَهُمْ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - اسْتِحْسَانًا وَلَيْسَ لَهَا ذَلِكَ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَهُوَ الْقِيَاسُ. أَصْلُ الْمَسْأَلَةِ فِي الْمُكَاتَبِ. وَجْهُ قَوْلِهِمَا أَنَّ الْحُرَّ لَوْ اشْتَرَى أَخَاهُ يَصِيرُ فِي مِثْلِ حَالِهِ

فَكَذَلِكَ الْمُكَاتَبُ إذَا اشْتَرَى أَخَاهُ يَصِيرُ فِي مِثْلِ حَالِهِ أَلَا تَرَى أَنَّ فِي الْآبَاءِ وَالْأَوْلَادِ لَا يُفْصَلُ بَيْنَ الْمُكَاتَبِ وَبَيْنَ الْحُرِّ حَتَّى يَصِيرَ فِي مِثْلِ حَالِهِ فِي الْوَجْهَيْنِ فَكَذَلِكَ فِي كُلِّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ لِأَنَّ الْقَرَابَةَ الْمُتَأَيِّدَةَ بِالْمَحْرَمِيَّةِ بِمَنْزِلَةِ الْوِلَادِ فِي اسْتِحْقَاقِ الْحُرِّيَّةِ كَمَا فِي اسْتِحْقَاقِ الْعِتْقِ بِهَا وَهَذَا لِأَنَّ مَا لِلْمُكَاتَبِ مِنْ الْحَقِّ فِي كَسْبِهِ يَحْتَمِلُ الْكِتَابَةَ حَتَّى لَوْ كَاتَبَ عَبْدَهُ صَحَّ كَمَا أَنَّ مَا لِلْحُرِّ مِنْ الْمِلْكِ يَحْتَمِلُ الْعِتْقَ فَإِذَا سَوَّى هُنَاكَ بَيْنَ الْإِخْوَةِ وَالْآبَاءِ فِي إثْبَاتِ مَا يَحْتَمِلُهُ مِلْكُ الْحُرِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>