للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَيَنْتَصِبُ خَصْمًا عَلَى الْغَائِبَيْنِ فِي ذَلِكَ

وَإِنْ شَهِدَ شَاهِدٌ عَلَى أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ وَشَهِدَ آخَرُ عَلَى الشَّرِيكِ الْآخَرِ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ لَمْ يُحْكَمْ بِشَهَادَتِهِمَا أَمَّا عَلَى مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَشْكُلُ لِأَنَّ الْمَشْهُودَ بِهِ مُخْتَلِفٌ وَالْمَشْهُودُ عَلَيْهِ كَذَلِكَ وَأَمَّا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى فَلِأَنَّ أَحَدَهُمَا شَهِدَ بِعِتْقٍ يَبْرَأُ فِيهِ مِنْ نَصِيبِ زَيْدٍ إلَى نَصِيبِ عَمْرٍو، وَالْآخَرُ شَهِدَ بِعِتْقٍ يَبْرَأُ فِيهِ مِنْ نَصِيبِ عَمْرٍو إلَى نَصِيبِ زَيْدٍ وَلَمْ يَتَّفِقْ الشَّاهِدَانِ عَلَى وَاحِدٍ مِنْ الْأَمْرَيْنِ فَلَا يُحْكَمُ بِشَهَادَتِهِمَا

وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ لِمُسْلِمٍ وَنَصْرَانِيٍّ شَهِدَ نَصْرَانِيَّانِ عَلَيْهِمَا بِالْعِتْقِ جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا عَلَى النَّصْرَانِيِّ لِأَنَّ شَهَادَةَ أَهْلِ الذِّمَّةِ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مَقْبُولَةٌ وَشَهَادَتُهُمْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ مَرْدُودَةٌ فَإِنَّمَا يَثْبُتُ الْعِتْقُ فِي نَصِيبِ النَّصْرَانِيِّ خَاصَّةً فَهَذَا وَمَا لَوْ شَهِدَ عَلَيْهِ أَنَّهُ أَعْتَقَ نَصِيبَهُ سَوَاءٌ حَتَّى يُخَيَّرَ الْمُسْلِمُ بَيْنَ الْإِعْتَاقِ وَالتَّضْمِينِ وَالِاسْتِسْعَاءِ، فَإِنْ شَهِدَا عَلَى الْمُسْلِمِ مِنْهُمَا بِأَنَّهُ أَعْتَقَ نَصِيبَهُ فَالشَّهَادَةُ بَاطِلَةٌ وَالْعَبْدُ مَمْلُوكٌ لَهُمَا عَلَى حَالِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا شَهِدَ النَّصْرَانِيُّ عَلَى شَرِيكِهِ بِالْعِتْقِ فَإِنَّ ذَلِكَ إقْرَارٌ مِنْهُ فِي نَصِيبِهِ بِفَسَادِ الرِّقِّ، وَالْإِقْرَارُ يَلْزَمُ بِنَفْسِهِ قَبْلَ الْقَضَاءِ وَهَذِهِ شَهَادَةٌ لَا تُوجِبُ شَيْئًا إلَّا بِالْقَضَاءِ وَلَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يَقْضِيَ عَلَى الْمُسْلِمِ بِشَهَادَةِ النَّصْرَانِيِّ

وَلَوْ شَهِدَ نَصْرَانِيَّانِ عَلَى شَهَادَةِ مُسْلِمَيْنِ أَنَّ النَّصْرَانِيَّ أَعْتَقَهُ فَهَذَا بَاطِلٌ لِأَنَّهُمَا يُثْبِتَانِ شَهَادَةَ الْمُسْلِمَيْنِ عِنْدَ الْقَاضِي وَكَمَا لَا يَثْبُتُ قَضَاءُ الْقَاضِي عَلَى الْمُسْلِمَيْنِ بِشَهَادَةِ النَّصْرَانِيِّ وَإِنْ كَانَ الْخَصْمُ نَصْرَانِيًّا فَكَذَلِكَ لَا تَثْبُتُ شَهَادَةُ الْمُسْلِمَيْنِ بِشَهَادَةِ النَّصْرَانِيِّ

وَإِذَا كَانَ الْعَبْدُ بَيْنَ ثَلَاثَةِ نَفَرٍ ادَّعَى أَحَدُهُمْ أَنَّهُ أَعْتَقَ نَصِيبَهُ عَلَى أَلْفٍ وَشَهِدَ لَهُ شَرِيكَاهُ عَلَى الْعَبْدِ فَالشَّهَادَةُ جَائِزَةٌ لِأَنَّ نَصِيبَهُ مِنْ الْعَبْدِ قَدْ عَتَقَ بِإِقْرَارِهِ وَإِنَّمَا بَقِيَ دَعْوَاهُ الْمَالَ عَلَيْهِ فَالْآخَرَانِ يَشْهَدَانِ بِالْمَالِ عَلَى أَحَدِهِمَا وَلَا تُهْمَةَ فِي هَذِهِ الشَّهَادَةِ

وَلَوْ شَهِدَ ابْنَا أَحَدِ الشُّرَكَاءِ أَنَّ أَبَاهُمَا قَدْ أَعْتَقَ الْعَبْدَ بِغَيْرِ جُعْلٍ جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا لِأَنَّهُمَا يَشْهَدَانِ عَلَى أَبِيهِمَا، وَشَهَادَةُ ابْنِ الْعَبْدِ بِالْعِتْقِ تُقْبَلُ إنْ كَانَ الْعَبْدُ يُنْكِرُ ذَلِكَ وَالْمَوْلَى يَدَّعِيهِ وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ يَدَّعِي ذَلِكَ لَا تُقْبَلُ لِأَنَّهُمَا يَشْهَدَانِ لِأَبِيهِمَا، وَكَذَلِكَ إنْ شَهِدَا بِوُجُودِ شَرْطِ الْعِتْقِ بَعْدَ ظُهُورِ التَّعْلِيقِ فَإِنَّمَا يَشْهَدَانِ لِأَبِيهِمَا فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا

وَلَوْ ادَّعَى الْمَوْلَى أَنَّهُ أَعْتَقَهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَقَالَ الْعَبْدُ أَعْتَقَنِي بِغَيْرِ شَيْءٍ فَشَهِدَ ابْنَا الْمَوْلَى لِلْعَبْدِ بِمَا ادَّعَى وَأَقَامَ الْأَبُ شَاهِدَيْنِ عَلَى أَنَّهُ أَعْتَقَهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَإِنَّهُ يُؤْخَذُ لَهُ بِأَلْفٍ لِأَنَّهُ يَثْبُتُ الْمَالُ بِبَيِّنَةٍ وَالْعَبْدُ يَنْفِي الْمَالَ بِمَا يُقِيمُ مِنْ الْبَيِّنَةِ وَعِنْدَ التَّعَارُضِ يُرَجَّحُ بَيْنَ الْبَيِّنَتَيْنِ

وَإِذَا كَانَتْ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَشَهِدَ ابْنَا

<<  <  ج: ص:  >  >>