للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْفَجْرِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ وَبَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ» وَهَذَا الْحَدِيثُ يَرْوِيهِ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ وَمُعَاذُ ابْنُ عَفْرَاءَ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ - وَجَمَاعَةٌ وَلَكِنْ يَجُوزُ أَدَاءُ الْفَرِيضَةِ فِي هَذَيْنِ الْوَقْتَيْنِ وَكَذَلِكَ الصَّلَاةُ عَلَى الْجِنَازَةِ وَسَجْدَةُ التِّلَاوَةِ، إنَّمَا النَّهْيُ عَنْ التَّطَوُّعَاتِ خَاصَّةً أَلَا تَرَى أَنَّهُ يُؤَدَّى فَرْضُ الْوَقْتِ فِيهِمَا فَكَذَلِكَ سَائِرُ الْفَرَائِضِ فَأَمَّا الصَّلَوَاتُ الَّتِي لَهَا سَبَبٌ مِنْ الْعِبَادِ كَرَكْعَتَيْ الطَّوَافِ وَرَكْعَتَيْ تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ لَا تُؤَدَّى فِي هَذَيْنِ الْوَقْتَيْنِ عِنْدَنَا خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَاسْتَدَلَّ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا دَخَلَ أَحَدُكُمْ الْمَسْجِدَ فَلْيُحَيِّهِ بِرَكْعَتَيْنِ» «وَرَأَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ مَا صَلَّى فِي مَسْجِدِ الْخَيْفِ رَجُلَيْنِ لَمْ يُصَلِّيَا مَعَهُ فَقَالَ مَا بَالُكُمَا لَمْ تُصَلِّيَا مَعَنَا فَقَالَا إنَّا صَلَّيْنَا فِي رِحَالِنَا فَقَالَ إذَا صَلَّيْتُمَا فِي رِحَالِكُمَا ثُمَّ أَتَيْتُمَا إمَامَ قَوْمٍ فَصَلِّيَا مَعَهُمْ» فَقَدْ جَوَّزَ لَهُمَا الِاقْتِدَاءَ بِالْإِمَامِ بَعْدَ الْفَجْرِ تَطَوُّعًا.

(وَلَنَا) مَا رُوِيَ أَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - طَافَ بِالْبَيْتِ سَبْعًا بَعْدَ صَلَاةِ الْفَجْرِ ثُمَّ خَرَجَ مِنْ مَكَّةَ حَتَّى إذَا كَانَ بِذِي طُوًى فَطَلَعَتْ الشَّمْسُ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ فَقَالَ رَكْعَتَانِ مَكَانَ رَكْعَتَيْنِ فَقَدْ أَخَّرَ رَكْعَتَيْ الطَّوَافَ إلَى مَا بَعْدِ طُلُوعِ الشَّمْسِ. وَتَأْوِيلُ الْحَدِيثِ الَّذِي رُوِيَ أَنَّهُ كَانَ قَبْلَ النَّهْيِ عَنْ الصَّلَاةِ فِي هَذَا الْوَقْتِ. فَكَذَلِكَ الْمَنْذُورَةُ لَا تُؤَدَّى فِي هَذَيْنِ الْوَقْتَيْنِ؛ لِأَنَّ وُجُوبَهَا بِسَبَبٍ مِنْ الْعَبْدِ فَهِيَ كَالتَّطَوُّعِ وَرَكْعَتَيْ الطَّوَافِ، وَكَذَلِكَ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ الْفَجْرَ لَا يُصَلِّي تَطَوُّعًا إلَّا رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَتَطَوَّعْ فِي هَذَا الْوَقْتِ مَعَ حِرْصِهِ عَلَى الصَّلَاةِ حَتَّى كَانَ يَقُولُ وَجُعِلَتْ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلَاةِ.

(فَإِنْ قِيلَ) لَمْ يَذْكُرْ فِي هَذَا الْكِتَابِ وَقْتًا آخَرَ وَهُوَ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ قَبْلَ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ وَالتَّطَوُّعُ فِيهِ مَكْرُوهٌ أَيْضًا (قُلْنَا) نَعَمْ وَلَكِنَّ هَذَا النَّهْيَ لَيْسَ لِمَعْنًى فِي الْوَقْتِ بَلْ لِمَا فِيهِ مِنْ تَأْخِيرِ الْمَغْرِبِ كَالنَّهْيِ عَنْ الصَّلَاةِ عِنْدَ الْخُطْبَةِ لَيْسَ لِمَعْنًى بَلْ لِمَا فِيهِ مِنْ الِاشْتِغَالِ عَنْ سَمَاعِ الْخُطْبَةِ فَلِهَذَا لَمْ يَذْكُرْهُ هُنَا

قَالَ (وَإِذَا نَسِيَ الْفَجْرَ حَتَّى زَالَتْ الشَّمْسُ ثُمَّ ذَكَرَهَا بَدَأَ بِهَا وَلَوْ بَدَأَ بِالظُّهْرِ لَمْ يُجْزِهِ عِنْدَنَا) لِأَنَّ التَّرْتِيبَ بَيْنَ الْفَائِتَةِ وَفَرْضِ الْوَقْتِ مُسْتَحَقٌّ عِنْدَنَا وَهُوَ مُسْتَحَبٌّ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَإِذَا بَدَأَ بِالظُّهْرِ جَازَ عِنْدَهُ؛ لِأَنَّ مَا بَعْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ وَقْتٌ لِلظُّهْرِ بِالْآثَارِ الْمَشْهُورَةِ وَأَدَاءُ الصَّلَاةِ فِي وَقْتِهَا يَكُونُ صَحِيحًا كَمَا إذَا كَانَ نَاسِيًا لِلْفَائِتَةِ ثُمَّ التَّرْتِيبُ فِي أَدَاءِ الصَّلَوَاتِ فِي أَوْقَاتِهَا لِضَرُورَةِ التَّرْتِيبِ فِي أَوْقَاتِهَا وَذَلِكَ لَا يُوجَدُ فِي الْفَوَائِتِ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ مُرْسَلَةً عَنْ الْوَقْتِ ثَابِتَةً فِي الذِّمَّةِ فَكَانَ قِيَاسُ قَضَاءِ الصَّوْمِ مَعَ الْأَدَاءِ.

(وَلَنَا)

<<  <  ج: ص:  >  >>