وَلَا يَجُوزُ بَيْعُهَا.
وَحَدِيثُ عَبِيدَةَ السَّلْمَانِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ اسْتَشَارَنِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي عِتْقِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ فَاجْتَمَعْت أَنَا وَهُوَ عَلَى عِتْقِهِنَّ ثُمَّ رَأَيْت بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ أُرِقَّهُنَّ فَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ رَأْيُ ذَوِي عَدْلٍ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ رَأْيِ ذِي عَدْلٍ وَحْدَهُ فَدَلَّ أَنَّهُمْ كَانُوا مُجْمِعِينَ عَلَى اسْتِحْقَاقِ الْعِتْقِ لَهَا فِي الِابْتِدَاءِ (فَإِنْ قِيلَ) فَكَيْفَ جَوَّزَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مُخَالَفَةَ الْإِجْمَاعِ بَعْدَ ذَلِكَ؟ (قُلْنَا) يُحْتَمَلُ أَنَّهُ كَانَ مِنْ مَذْهَبِهِ أَنَّ الْإِجْمَاعَ لَا يَتِمُّ إلَّا بِانْقِرَاضِ ذَلِكَ الْعَصْرِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ ثُمَّ رَأَيْت أَنْ أُرِقَّهُنَّ إلَى أَدَاءِ السِّعَايَةِ فَلَا يَكُونُ هَذَا مِنْهُ خِلَافًا فِي أَصْلِ اسْتِحْقَاقِ الْعِتْقِ بَلْ فِي صِفَتِهِ أَنَّهُ مِنْ الثُّلُثِ أَوْ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ وَعَنْ إبْرَاهِيمَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَانَ يُنَادِي عَلَى مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَلَا إنَّ بَيْعَ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ حَرَامٌ وَلَا رِقَّ عَلَيْهَا بَعْدَ مَوْتِ مَوْلَاهَا وَعَنْ إبْرَاهِيمَ فِي أُمِّ الْوَلَدِ إذَا أَسْقَطَتْ سَقْطًا اسْتَبَانَ خَلْقُهُ كَانَتْ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ هَكَذَا رَوَى عَنْهُ حَمَّادٌ وَرَوَى عَنْهُ الْحَكَمُ إذَا أَسْقَطَتْ مُضْغَةً أَوْ عَلَقَةً كَانَتْ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ وَكَأَنَّهُ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ اعْتَبَرَ نَفْسَ اخْتِلَاطِ الْمَاءَيْنِ كَمَا فِي حَدِيث عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَلَسْنَا نَأْخُذُ بِهَذَا وَإِنَّمَا نَأْخُذُ بِحَدِيثِ حَمَّادٍ عَنْهُ؛ لِأَنَّ السَّقْطَ الَّذِي لَمْ يَسْتَبِنْ شَيْءٌ مِنْ خَلْقِهِ لَيْسَ بِوَلَدٍ فَلَا تَصِيرُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ بِخِلَافِ السَّقْطِ الَّذِي اسْتَبَانَ بَعْضُ خَلْقِهِ فَإِنَّهُ وَلَدٌ فِي الْأَحْكَامِ فَيَتَحَقَّقُ نِسْبَتُهَا إلَيْهِ بِوَاسِطَةٍ.
وَإِذَا أَقَرَّ الرَّجُلُ أَنَّ حَمْلَ أَمَته مِنْهُ صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ، وَلَهُ خِدْمَتُهَا وَوَطْؤُهَا وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَنْقُلَ مِلْكَهَا إلَى غَيْرِهِ أَمَّا إذَا ظَهَرَ وِلَادَتُهَا بَعْدَ هَذَا الْإِقْرَارِ فَلَا إشْكَالَ فِيهِ؛ لِأَنَّ نَسَبَ الْوَلَدِ ثَبَتَ مِنْهُ بِإِقْرَارِهِ فَإِنَّ ثُبُوتَ النَّسَبِ مِنْ وَقْتِ الْعُلُوقِ بِإِقْرَارِهِ وَإِقْرَارُهُ مُصَادِفٌ مَحَلَّهُ، وَأَمَّا إذَا لَمْ تَظْهَرْ وِلَادَتُهَا وَزَعَمَ الْمَوْلَى أَنَّهُ كَانَ رِيحًا فِي بَطْنِهَا وَصَدَّقَتْهُ فِي ذَلِكَ فَهِيَ بِمَنْزِلَةِ أُمِّ الْوَلَدِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْحَمْلَ اسْمٌ لِلْوَلَدِ وَقَدْ ثَبَتَ لَهَا حَقُّ الْعِتْقِ بِإِقْرَارِهِ الْمُتَقَدِّمِ فَلَا يُصَدَّقَانِ عَلَى إبْطَالِهِ كَمَا لَا يُصَدَّقَانِ عَلَى إبْطَالِ حَقِيقَةِ الْعِتْقِ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ قَالَ مَا فِي بَطْنِك مِنْ وَلَدٍ فَهُوَ مِنِّي وَلَوْ كَانَ قَالَ مَا فِي بَطْنِك مِنِّي ثُمَّ تَصَادَقَا أَنَّهُ كَانَ رِيحًا فِي بَطْنِهَا فَلَهُ أَنْ يَبِيعَهَا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي لَفْظِهِ تَصْرِيحٌ بِوُجُودِ الْوَلَدِ فِي بَطْنِهَا فَلَا يَكُونُ مُقِرًّا لَهَا بِحَقِّ الْعِتْقِ بِهَذَا اللَّفْظِ بِخِلَافِ مَا سَبَقَ وَإِنْ قَالَ إنْ كَانَتْ حُبْلَى فَهُوَ مِنِّي فَوَلَدَتْ وَلَدًا أَوْ أَسْقَطَتْ سَقْطًا قَدْ اسْتَبَانَ خَلْقُهُ فَإِنْ أَقَرَّ الْمَوْلَى بِهِ فَهِيَ أُمُّ وَلَدِهِ إذَا جَاءَتْ بِالْوَلَدِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ؛ لِأَنَّ وِلَادَتَهَا هَذَا الْوَلَدَ ثَبَتَ بِإِقْرَارِهِ وَوُجُودُهُ فِي الْبَطْنِ عِنْدَ دَعْوَاهُ مَعْلُومٌ وَإِنْ أَنْكَرَ الْمَوْلَى الْوِلَادَةَ فَشَهِدَتْ عَلَيْهِ امْرَأَةٌ جَازَ ذَلِكَ وَثَبَتَ النَّسَبُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute