للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَنَّ الْوِلَادَةَ تَثْبُتُ بِشَهَادَةِ الْمَرْأَةِ الْوَاحِدَةِ كَمَا تَثْبُتُ بِإِقْرَارِهِ ثُمَّ النَّسَبُ وَأُمِّيَّةُ الْوَلَدِ إنَّمَا تَثْبُتُ بِإِقْرَارِ الْمَوْلَى لَا بِشَهَادَةِ الْقَابِلَةِ.

وَإِذَا وَلَدَتْ الْمُدَبَّرَةُ مِنْ السَّيِّدِ صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ وَبَطَلَ التَّدْبِيرُ. مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَا يَظْهَرُ حُكْمُ التَّدْبِيرِ بَعْدَ ثُبُوتِ أُمِّيَّةِ الْوَلَدِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يُوجِبُ اسْتِحْقَاقَ الْعِتْقِ لَهَا فِي الْحَالِ وَتَعَلَّقَ التَّنَجُّزُ بِمَوْتِ الْمَوْلَى، وَالِاسْتِحْقَاقُ بِالِاسْتِيلَادِ أَقْوَى حَتَّى يَكُونَ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ، وَالتَّدْبِيرُ مِنْ الثُّلُثِ، وَالضَّعِيفُ لَا يَظْهَرُ فِي مُقَابِلَةِ الْقَوِيِّ فَلِهَذَا قَالَ: وَقَدْ بَطَلَ التَّدْبِيرُ.

وَإِذَا أَقَرَّ فِي صِحَّتِهِ أَنَّ أُمَّتَهُ هَذِهِ قَدْ وَلَدَتْ مِنْهُ صَارَتْ أُمَّ وَلَدِهِ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِاسْتِحْقَاقِ الْعِتْقِ لَهَا فِي حَالٍ يَمْلِكُ إنْشَاءَ عِتْقِهَا مُطْلَقًا وَالْمُقِرُّ يُعَامَلُ فِي حَقِّ نَفْسِهِ كَأَنَّمَا أُقِرَّ بِهِ حَقٌّ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْمَحَلِّ حَقٌّ لِأَحَدٍ سِوَاهُ كَانَ الثَّابِتُ بِإِقْرَارِهِ كَالثَّابِتِ بِالْمُعَايَنَةِ، وَإِنْ أَقَرَّ بِذَلِكَ فِي مَرَضِهِ فَإِنْ كَانَ مَعَهَا وَلَدٌ فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ؛ لِأَنَّ نَسَبَ الْوَلَدِ ثَبَتَ مِنْهُ فَإِنَّ الْمَرِيضَ غَيْرُ مَحْجُورٍ عَلَى الْإِقْرَارِ بِالنَّسَبِ وَثُبُوتُ نَسَبِ الْوَلَدِ شَاهِدٌ لَهَا بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ أَقَامَتْ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّهَا أُمُّ وَلَدِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهَا وَلَدٌ عَتَقَتْ مِنْ الثُّلُثِ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ لَهَا بِاسْتِحْقَاقِ الْعِتْقِ بِمَنْزِلَةِ تَنْجِيزِ الْعِتْقِ وَلَوْ نَجَّزَ عِتْقَهَا كَانَ مِنْ الثُّلُثِ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْوَرَثَةِ قَدْ تَعَلَّقَ بِمَرَضِهِ. تَوْضِيحُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ مَعَهَا وَلَدٌ فَهُوَ مُحْتَاجٌ إلَى إثْبَاتِ نَسَبِ وَلَدِهِ مِنْهُ كَيْ لَا يَضِيعَ نَسْلُهُ، وَحَاجَتُهُ مُقَدَّمٌ عَلَى حَقِّ الْوَرَثَةِ فَإِنَّمَا صَرَفَهَا مَعَ وَلَدِهَا إلَى حَاجَتِهِ فَكَانَتْ مِنْ جَمِيعِ مَالِهِ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهَا وَلَدٌ فَهُوَ بِكَلَامِهِ مَا صَرَفَهَا إلَى حَاجَتِهِ بَلْ أَقَرَّ بِعِتْقِهَا بَعْدَ مَوْتِهِ فَيَكُونُ مُعْتَبَرًا مِنْ ثُلُثِهِ.

وَإِذَا زَوَّجَ أُمَّ وَلَدِهِ مِنْ رَجُلٍ جَازَ النِّكَاحُ؛ لِأَنَّ الْفِرَاشَ الثَّابِتَ لَهُ عَلَيْهَا سَبَبُهُ مِلْكُ الْيَمِينِ وَذَلِكَ غَيْرُ مُلْزَمٍ لِلْمَوْلَى فَلَا يَمْنَعُ صِحَّةَ تَرْوِيجِهِ إيَّاهَا فَإِذَا وَلَدَتْ مِنْ الزَّوْجِ فَوَلَدُهَا بِمَنْزِلَتِهَا أَمَّا ثُبُوتُ النَّسَبِ مِنْ الزَّوْجِ فَلِأَنَّهَا وَلَدَتْهُ عَلَى فِرَاشِهِ، وَأَمَّا ثُبُوتُ حَقِّ أُمِّيَّةِ الْوَلَدِ لِهَذَا الْوَلَدِ فَلِأَنَّهُ جُزْءٌ مِنْهَا فَإِنَّمَا يَنْفَصِلُ عَنْهَا بِصِفَتِهَا وَكَمَا أَنَّهَا تَعْتِقُ بِالْمَوْتِ وَلَا تَسْعَى لِأَحَدٍ فَكَذَلِكَ وَلَدُهَا مِنْ غَيْرِ الْمَوْلَى. أَلَا تَرَى أَنَّ الْوَلَدَ لَا يَنْفَصِلُ مِنْ الْحُرِّ إلَّا حُرًّا وَعَلَى الْمَوْلَى فِي جِنَايَةِ أُمِّ الْوَلَدِ قِيمَتُهَا لَا يَلْزَمُهُ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ وَإِنْ كَثُرَتْ الْجِنَايَةُ مِنْهَا؛ لِأَنَّهُ بِالِاسْتِيلَادِ السَّابِقِ مَنَعَ دَفْعَهَا بِالْجِنَايَةِ عَلَى وَجْهٍ لَمْ يَصِرْ مُخْتَارًا؛ لِأَنَّهُ مَا كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهَا تَجْنِي، وَلَوْ كَانَتْ مَحَلَّ الدَّفْعِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ إلَّا دَفْعُهَا بِالْجِنَايَةِ وَإِنْ كَثُرَتْ الْجِنَايَةُ مِنْهَا فَكَذَلِكَ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا قِيمَةٌ وَاحِدَةٌ؛ لِأَنَّهُ مَا مَنَعَ إلَّا رَقَبَةً وَاحِدَةً، وَأَمَّا الدَّيْنُ الَّذِي يَلْحَقُهَا بِغَصْبٍ أَوْ اسْتِهْلَاكٍ فَإِنَّهَا تَسْعَى فِيهِ بَالِغًا مَا بَلَغَ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ ثَابِتٌ فِي ذِمَّتِهَا وَلَوْ كَانَتْ مَحَلَّ الْبَيْعِ لَكَانَتْ تُبَاعُ فِيهِ وَيَصْرِفُ كَسْبَهَا وَرَقَبَتَهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>