حَصَّنَهَا أَوْ لَمْ يُحَصِّنْ تَحْسِينًا لِلظَّنِّ بِهَا وَحَمْلًا لِأَمْرِهَا عَلَى الصَّلَاحِ مَا لَمْ يَتَبَيَّنْ خِلَافُهُ وَلِأَنَّ مَا يَظْهَرُ عَقِيبَ سَبَبِهِ يَكُونُ مُحَالًا بِهِ عَلَيْهِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ خِلَافُهُ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَدَّعِيَ النَّسَبَ إذَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ مِنْهُ وَلَكِنْ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَعْتِقَ الْوَلَدَ وَيَسْتَمْتِعَ بِهَا وَيَعْتِقَهَا بَعْدَ مَوْتِهِ؛ لِأَنَّ اسْتِلْحَاقَ نَسَبٍ لَيْسَ مِنْهُ لَا يَحِلُّ شَرْعًا فَيَحْتَاطُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَذَلِكَ فِي أَنْ يَدَّعِيَ النَّسَبَ وَلَكِنْ يَعْتِقُ الْوَلَدَ وَيَعْتِقُ الْأُمَّ بَعْدَ مَوْتِهِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ مِنْهُ.
وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُزَوِّجَ أُمَّ وَلَدِهِ حَتَّى يَسْتَبْرِئَهَا بِحَيْضَةٍ لِجَوَازِ أَنْ تَكُونَ حَامِلًا مِنْ الْمَوْلَى فَلَا يَكُونُ تَزْوِيجُهَا صَحِيحًا وَلَكِنَّ هَذَا التَّوَهُّمَ يُوجِبُ الِاحْتِيَاطَ وَلَا يُبْطِلُ النِّكَاحَ، فَإِذَا اشْتَرَاهَا فَقَدْ عَلِمَ أَنَّهَا لَيْسَتْ بِحَامِلٍ فَتَزْوِيجُهَا بَعْدَ ذَلِكَ وَإِنْ زَوَّجَهَا قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ فَوَلَدَتْ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَهُوَ مِنْ الْمَوْلَى وَالنِّكَاحُ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّا تَيَقَّنَّا أَنَّ الْعُلُوقَ سَبَقَ النِّكَاحَ عَلَى فِرَاشِ الْمَوْلَى وَإِنْ زَوَّجَهَا وَهِيَ حَامِلٌ وَمَنْ كَانَ فِي بَطْنِهَا وَلَدٌ ثَابِتُ النَّسَبِ مِنْ أَحَدٍ لَا يَجُوزُ تَزْوِيجُهَا وَإِنْ وَلَدْته لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَالنَّسَبُ ثَابِتٌ مِنْ الزَّوْجِ؛ لِأَنَّهَا عَلِقَتْ عَلَى فِرَاشِهِ فَإِنْ ادَّعَاهُ الْمَوْلَى عَتَقَ بِإِقْرَارِهِ وَنَسَبُهُ ثَابِتٌ مِنْ الزَّوْجِ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ هَذَا الْفَصْلِ.
وَإِذَا حُرِّمَتْ أُمُّ الْوَلَدِ عَلَى مَوْلَاهَا بِوَطْءِ ابْنِهِ إيَّاهَا فَإِنْ جَاءَتْ بِوَلَدٍ بَعْدَ ذَلِكَ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ لَمْ يَلْزَمْهُ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَهُ، وَعِنْدَ زُفَرَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ثَبَتَ النَّسَبُ مِنْهُ وَلَهُ أَنْ يَنْفِيَهُ؛ لِأَنَّهُ مَا اعْتَرَضَ عَلَى فِرَاشٍ آخَرَ فَيَكُونُ النَّسَبُ ثَابِتًا مِنْهُ بِالْفِرَاشِ وَثُبُوتُ الْحُرْمَةِ بِهَذَا السَّبَبِ كَثُبُوتِهَا بِالْحَيْضِ وَذَلِكَ لَا يَقْطَعُ الْفِرَاشَ وَلَكِنَّا نَقُولُ تَحْسِينُ الظَّنِّ بِالْمُسْلِمِ وَاجِبٌ فَلَوْ أَثْبَتْنَا النَّسَبَ مِنْهُ مِنْ غَيْرِ دَعْوَةٍ لَكَانَ فِيهِ حَمْلُ أَمْرِهِ عَلَى الْفَسَادِ وَالْحُكْمُ عَلَيْهِ بِمُبَاشَرَةِ الْوَطْءِ الْحَرَامِ وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ إلَّا أَنْ تُوجَدَ الدَّعْوَى مِنْهُ فَحِينَئِذٍ يُحْكَمُ بِذَلِكَ بِإِقْرَارِهِ وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ لِأَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سَنَتَيْنِ وَزَعَمَ أَنَّهُ كَانَ مِنْ عُلُوقٍ قَبْلَ الْحُرْمَةِ وَجَبَ قَبُولُ قَوْلِهِ فِي ذَلِكَ لِلِاحْتِمَالِ.
وَإِذَا مَاتَ عَنْ أُمِّ وَلَدِهِ أَوْ أَعْتَقَهَا فَعَلَيْهَا أَنْ تَعْتَدَّ بِثَلَاثِ حِيَضٍ هَكَذَا نُقِلَ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - وَقَدْ بَيَّنَّا هَذَا فِي كِتَابِ النِّكَاحِ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَتْ حُرِّمَتْ عَلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا بِالْحُرْمَةِ مَا صَارَتْ فِرَاشًا لِغَيْرِهِ إلَّا أَنْ يَثْبُتَ نَسَبُ الْوَلَدِ مِنْهُ لِتَحْسِينِ الظَّنِّ بِهِ لَا لِانْعِدَامِ الْفِرَاشِ حَتَّى إذَا ادَّعَى يَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْهُ، فَإِذَا أَعْتَقَهَا فَقَدْ زَالَ الْفِرَاشُ إلَيْهَا بِالْعِتْقِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فَتَلْزَمُهَا الْعِدَّةُ لِهَذَا.
وَإِذَا أَعْتَقَ أُمَّ وَلَدِهِ فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ سَنَتَيْنِ مِنْ يَوْمَ أَعْتَقَهَا فَنَفَاهُ فَنَفْيُهُ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ فِرَاشَهَا قَدْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute