للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِبَقَائِهِ وَلَكِنْ يَأْتِي بِالْمَالِ حَالًا فَيَكُونُ مَقْبُولًا مِنْهُ لِمَا فِيهِ مِنْ حُصُولِ مَقْصُودِ الْمَوْلَى بِخِلَافِ الْمَوْلُودِ فِي الْكِتَابَةِ؛ لِأَنَّهُ جُزْءٌ مِنْ الْمُكَاتَبَةِ يُقَرِّرُهُ أَنَّ السِّرَايَةَ مِنْ الْأَصْلِ إلَى الْجُزْءِ الْمُتَّصِلِ دُونَ الْمُنْفَصِلِ فَيَثْبُتُ حَقِيقَةُ سِرَايَةِ الْعَقْدِ إلَى الْوَلَدِ الْمَوْلُودِ فِي الْكِتَابَةِ فَيَسْعَى عَلَى النُّجُومِ وَلَا يَثْبُتُ حَقِيقَةُ سِرَايَةِ الْعَقْدِ إلَى الْوَلَدِ الْمُشْتَرِي فَلَا يَثْبُتُ النُّجُومُ فِي حَقِّهِ وَلَكِنْ فِيمَا هُوَ الْمَقْصُودُ وَهُوَ تَحْصِيلُ الْعِتْقِ بِالْأَدَاءِ، حُكْمُ هَذَا الْجُزْءِ وَحُكْمُ الْأَصْلِ سَوَاءٌ فَإِذَا جَاءَ بِالْمَالِ حَالًا يُقْبَلُ مِنْهُ.

(قَالَ) وَلَوْ كَانَتْ اشْتَرَتْ أَبَاهَا أَوْ أُمَّهَا فَإِنَّهُ يُؤْخَذُ فِيهِمَا بِالْقِيَاسِ بَعْدَ مَوْتِهَا فَيُبَاعَانِ فِي الْمُكَاتَبَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -؛ لِأَنَّ الْأَبَ وَالْأُمَّ لَيْسَا بِجُزْءٍ مِنْ الْوَلَدِ وَامْتِنَاعُ بَيْعِهِمَا عَلَيْهَا فِي حَيَاتِهَا كَانَ لِمَالِهِمَا مِنْ الْحَقِّ فِي كَسْبِهَا وَقَدْ انْعَدَمَ هَذَا الْمَعْنَى بِمَوْتِهَا؛ لِأَنَّ حَاجَتَهَا مُقَدَّمَةٌ عَلَى حَاجَةِ أَبَوَيْهَا فَلِهَذَا يُبَاعَانِ فِي مُكَاتَبَتِهَا بِخِلَافِ الْوَلَدِ فَإِنَّهُ جُزْءٌ مِنْهَا فَيُجْعَلُ بَقَاءُ هَذَا الْجُزْءِ كَبَقَائِهَا فِيمَا هُوَ الْمَقْصُودُ وَقَدْ بَيَّنَّا اخْتِلَافَهُمْ فِي غَيْرِ الْوَالِدَيْنِ وَالْمَوْلُودَيْنِ مِنْ الْقَرَابَاتِ أَنَّهُ هَلْ يَمْتَنِعُ عَلَيْهَا بَيْعُهُمْ إلَّا أَنَّ الْحَاكِمَ الْجَلِيلَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ذَكَرَ فِيمَا سَبَقَ أَنَّ الْقِيَاسَ وَالِاسْتِحْسَانَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْإِخْوَةِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدْ نَصَّ هُنَا فِي الْأَصْلِ أَنَّ الْقِيَاسَ وَالِاسْتِحْسَانَ فِي الْأَبِ، وَالْأُمُّ فِي الْقِيَاسِ لَهَا أَنْ تَبِيعَهُمَا؛ لِأَنَّهُمَا لَا يَتْبَعَانِهَا فَلَا يُمْكِنُ إثْبَاتُ حُكْمِ الْكِتَابَةِ فِيهِمَا بِطَرِيقِ التَّبَعِيَّةِ وَلِهَذَا لَا يَمْتَنِعُ بَيْعُهُمَا بَعْدَ مَوْتِهَا وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَمْتَنِعُ عَلَيْهَا بَيْعُهُمَا؛ لِأَنَّ حَقَّ الْوَالِدَيْنِ يَثْبُتُ فِي الْكَسْبِ وَلَهَا كَسْبٌ عَلَى مَا قَرَّرْنَا وَهَذَا هُوَ الْأَصَحُّ.

(قَالَ) وَإِذَا أَسْلَمَتْ أُمُّ وَلَدِ النَّصْرَانِيِّ قُوِّمَتْ قِيمَةَ عَدْلٍ فَبِيعَتْ بِقِيمَتِهَا؛ لِأَنَّهُ تَعَذَّرَ إبْقَاؤُهَا فِي مِلْكِ الْمَوْلَى وَيَدِهِ بَعْدَ إسْلَامِهَا وَإِصْرَارِهِ عَلَى الْكُفْرِ فَتَخْرُجُ إلَى الْحُرِّيَّةِ بِالسِّعَايَةِ كَمَا بَيَّنَّا فِي مُعْتَقِ الْبَعْضِ وَهَذَا لِأَنَّ مِلْكَ الذِّمِّيِّ مُحْتَرَمٌ فَلَا يُمْكِنُ إزَالَتُهُ مَجَّانًا وَهُوَ إشْكَالٌ لَهُمَا عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي أَنَّ رِقَّ أُمِّ الْوَلَدِ مَالٌ مُتَقَوِّمٌ وَأَنَّ وَرَاءَ مِلْكِ الْمُتْعَةِ عَلَيْهَا شَيْءٌ آخَرُ فَإِنَّ مِلْكَهُ الْمُتْعَةَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ يُزَالُ مِنْ غَيْرِ بَدَلٍ كَمَا لَوْ أَسْلَمَتْ امْرَأَتُهُ وَأَبَى أَنْ يُسْلِمَ وَالْعُذْرُ لِأَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مِنْ وَجْهَيْنِ (أَحَدُهُمَا) أَنَّ الذِّمِّيَّ يَعْتَقِدُ فِيهَا الْمَالِيَّةَ وَالتَّقَوُّمَ وَيُحْرِزُهَا لِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مُعْتَقِدٌ جَوَازَ بَيْعِهَا وَإِنَّمَا يَنْبَنِي فِي حَقِّهِمْ الْحُكْمُ عَلَى اعْتِقَادِهِمْ كَمَا فِي مَالِيَّةِ الْخَمْرِ.

(وَالثَّانِي) أَنَّ مِلْكَهُ فِيهَا مُحْتَرَمٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَالًا مُتَقَوِّمًا وَقَدْ احْتَبَسَ عِنْدَهَا لِمَعْنًى مِنْ جِهَتِهَا فَيَكُونُ مَضْمُونًا عَلَيْهَا عِنْدَ الِاحْتِبَاسِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَالًا مُتَقَوِّمًا كَالْقِصَاصِ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِمَالٍ مُتَقَوِّمٍ ثُمَّ إذَا احْتَبَسَ نَصِيبُ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ عِنْدَ الْقَاتِلِ بِعَفْوِ الْآخَرِ يَلْزَمُهُ بَدَلُهُ وَلَمْ يُبَيِّنْ مِقْدَارَ قِيمَتِهَا وَهِيَ أُمُّ وَلَدٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>