للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهَذَا مُشْكِلٌ فَإِنَّهَا لَوْ كَانَتْ بِحَيْثُ تُبَاعُ فَلَا نُقْصَانَ فِي قِيمَتِهَا وَلَكِنْ قِيلَ قِيمَةُ الْمُدَبَّرَةِ قَدْرُ ثُلُثَيْ قِيمَتِهَا قِنَّةً وَقِيمَةُ أُمِّ الْوَلَدِ قَدْرُ ثُلُثِ قِيمَتِهَا قِنَّةً؛ لِأَنَّ لِلْمَالِكِ فِي مَمْلُوكِهِ ثَلَاثُ مَنَافِعَ الِاسْتِخْدَامُ وَالِاسْتِرْبَاحُ بِالْبَيْعِ وَقَضَاءُ دُيُونِهِ مِنْ مَالِيَّتِهِ بَعْدَهُ فَبِالتَّدْبِيرِ يَنْعَدِمُ أَحَدُ هَذِهِ الْمَعَانِي وَهُوَ الِاسْتِرْبَاحُ وَيَبْقَى مَنْفَعَتَانِ، وَبِالِاسْتِيلَادِ يَنْعَدِمُ اثْنَانِ وَيَبْقَى وَاحِدٌ فَتَتَوَزَّعُ الْقِيمَةُ عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ لَا تَعْتِقُ مَا لَمْ تُؤَدِّ السِّعَايَةَ عِنْدَنَا وَقَالَ زُفَرُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَعْتِقُ فِي الْحَالِ وَالسِّعَايَةُ دَيْنٌ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ إزَالَةَ ذُلِّ الْكَافِرِ عَنْ الْمُسْلِمِ وَاجِبٌ وَفِي اسْتِدَامَةِ الْمِلْكِ عَلَيْهَا ذُلٌّ وَلَكِنَّا نَقُولُ الذُّلُّ فِي الِاسْتِخْدَامِ قَهْرًا بِمِلْكِ الْيَمِينِ وَذَلِكَ يَزُولُ بِالِاسْتِسْعَاءِ؛ لِأَنَّهَا تَصِيرُ بِمَنْزِلَةِ الْمُكَاتَبَةِ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا وَمَكَاسِبِهَا فَالْمَقْصُودُ يَحْصُلُ بِهَذَا وَدَفْعُ الضَّرَرِ عَنْ الذِّمِّيِّ وَاجِبُ وَلَوْ قُلْنَا يَزُولُ مِلْكُهُ عَنْهَا فِي الْحَالِ بِبَدَلٍ فِي ذِمَّةٍ مُفْلِسَةٍ وَالْمَالُ فِي ذِمَّةِ الْمُفْلِسِ تَاوٍ لَأَدَّى إلَى الضِّرَارِ بِهِ وَكَانَ هَذَا فِي الْحُكْمِ بِمَنْزِلَةِ إزَالَتِهَا عَنْ مِلْكِهِ بِغَيْرِ بَدَلٍ وَلِهَذَا لَا تَعْتِقُ مَا لَمْ تُؤَدِّ السِّعَايَةَ وَلَيْسَ لَهَا أَنْ تُعْجِزَ نَفْسَهَا إلَّا أَنْ يُسْلِمَ الْمَوْلَى، وَإِنْ مَاتَ الْمَوْلَى أَعْتَقَتْ وَسَقَطَ عَنْهَا السِّعَايَةُ وَعَلَى قَوْلِ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَخَارَجَ مَعْنَى هَذَا أَنَّهَا تَخْرُجُ مِنْ يَدِ الْمَوْلَى وَتُؤْمَرُ بِأَنْ تَكْتَسِبَ وَتُنْفِقَ عَلَى نَفْسِهَا إلَى أَنْ يَمُوتَ الْمَوْلَى فَحِينَئِذٍ تَعْتِقُ فَإِنَّهُ لَا يَرَى السِّعَايَةَ عَلَى الْمَمْلُوكِ بِحَالٍ فَجَعَلَ طَرِيقَ إزَالَةِ الذُّلِّ إخْرَاجَهَا مِنْ يَدِ الْمَوْلَى كَمَا قُلْنَا وَلَوْ وَلَدَتْ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مُنْذُ صَارَتْ مُسْتَسْعَاةً لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ مِنْ الْمَوْلَى؛ لِأَنَّهَا فِي حُكْمِ الْمُكَاتَبَةِ وَلَوْ مَاتَتْ كَانَ عَلَى هَذَا الْوَلَدِ أَنْ يَسْعَى فِيمَا عَلَى أُمِّهِ بِمَنْزِلَةِ الْمَوْلُودِ فِي الْكِتَابَةِ

(قَالَ) وَإِذَا اخْتَلَفَ الْمَوْلَى وَأُمُّ الْوَلَدِ فِي الْمُكَاتَبَةِ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَتَحَالَفَانِ وَتَنْفَسِخُ الْمُكَاتَبَةُ بَعْدَ التَّحَالُفِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى؛ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ فِي مَعْنَى الْبَيْعِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَا يَصِحُّ إلَّا بِتَسْمِيَةِ الْبَدَلِ وَأَنَّهُ يُحْتَمَلُ الْفَسْخَ بَعْدَ تَمَامِهِ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلُهَا وَلَا يَتَحَالَفَانِ؛ لِأَنَّ حُكْمَ التَّحَالُفِ فِي الْبَيْعِ ثَابِتٌ أَيْضًا بِخِلَافِ الْقِيَاسِ فَلَا يَلْحَقُ بِهِ مَا لَيْسَ فِي مَعْنَاهُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَالْكِتَابَةُ لَيْسَ فِي مَعْنَى الْبَيْعِ أَمَّا مِنْ حَيْثُ الصُّورَةُ فَالْبَيْعُ مَشْرُوعٌ لِلِاسْتِرْبَاحِ مَبْنِيٌّ عَلَى الضِّيقِ وَالْمُمَاكَسَةِ، وَالْكِتَابَةُ لِلْأَرِقَّاءِ مَبْنِيٌّ عَلَى التَّوَسُّعِ وَمِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى الْكِتَابَةُ بَعْد تَمَامِهَا بِأَدَاءِ الْبَدَلِ لَا تَحْتَمِلُ الْفَسْخَ بِخِلَافِ الْبَيْعِ، وَفِي الْحَالِ مُوجِبُ الْعَقْدِ إثْبَاتُ صِفَةِ الْمَالِكِيَّةِ يَدًا فِي الْمَنَافِعِ وَالْمَكَاسِبِ، فَمَا مَضَى فَائِتٌ لَا يَتَحَقَّقُ رَدُّهُ فَعَرَفْنَا أَنَّهُ لَيْسَ فِي مَعْنَى الْمَنْصُوصِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَلَوْ أُلْحِقَ بِهِ بِالْمُشَارَكَةِ فِي بَعْضِ الْأَوْصَافِ كَانَ قِيَاسًا وَالثَّابِتُ

<<  <  ج: ص:  >  >>