للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الظُّهْرِ وَنَحْوِهَا

قَالَ (فَإِنْ صَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ بِغَيْرِ قِرَاءَةٍ فَعَلَيْهِ قَضَاءُ رَكْعَتَيْنِ) فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَفِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَلَيْهِ قَضَاءُ الْأَرْبَعِ قَالَ؛ لِأَنَّ تَرْكَ الْقِرَاءَةِ لَا يُفْسِدُ التَّحْرِيمَةَ أَلَا تَرَى أَنَّ ابْتِدَاءَ التَّحْرِيمَةِ صَحِيحٌ قَبْلَ مَجِيءِ أَوَانِ الْقِرَاءَةِ فَصَحَّ قِيَامُهُ إلَى الشَّفْعِ الثَّانِي وَقَدْ أَفْسَدَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِتَرْكِ مَا هُوَ رُكْنٌ وَهُوَ الْقِرَاءَةُ فَيَلْزَمُهُ قَضَاءُ الْكُلِّ وَأَمَّا عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَالتَّحْرِيمَةُ تَنْحَلُّ بِتَرْكِ الْقِرَاءَةِ فِي الْأُولَيَيْنِ؛ لِأَنَّ مَعَ صِفَةِ الْفَسَادِ لَا بَقَاءَ لِتَحْرِيمَةِ الصَّلَاةِ فَلَا يَصِحُّ قِيَامُهُ إلَى الشَّفْعِ الثَّانِي وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِصِفَةِ الْفَسَادِ لَا تَنْحَلُّ التَّحْرِيمَةُ وَلَكِنَّهَا تَضْعُفُ فَقِيَامُهُ إلَى الشَّفْعِ الثَّانِي حَصَلَ بِصِفَةِ الْفَسَادِ وَالضَّعْفِ فَلَا يَكُونُ مُلْزَمًا إيَّاهُ مَا لَمْ يُؤَكِّدْهُ كَمَا قَالَ فِي الشُّرُوعِ فِي صَوْمِ يَوْمِ النَّحْرِ وَهَذِهِ عَلَى ثَمَانِيَةِ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا مَا بَيَّنَّا وَالثَّانِي إذَا قَرَأَ فِي الْأُولَيَيْنِ وَلَمْ يَقْرَأْ فِي الْأُخْرَيَيْنِ فَعَلَيْهِ قَضَاءُ الْأُخْرَيَيْنِ؛ لِأَنَّ شُرُوعَهُ فِي الشَّفْعِ الثَّانِي بَعْدَ إتْمَامِ الْأَوَّلِ صَحِيحٌ وَقَدْ أَفْسَدَهُ بِتَرْكِ الْقِرَاءَةِ وَالثَّالِثُ إذَا قَرَأَ فِي الْأُخْرَيَيْنِ دُونَ الْأُولَيَيْنِ فَعَلَيْهِ قَضَاءُ رَكْعَتَيْنِ. أَمَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى فَالتَّحْرِيمَةُ لَمْ تَنْحَلَّ فَصَارَ شَارِعًا فِي الشَّفْعِ الثَّانِي وَقَدْ أَتَمَّهَا فَعَلَيْهِ قَضَاءُ مَا أَفْسَدَ وَهُوَ الشَّفْعُ الْأَوَّلُ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - التَّحْرِيمَةُ انْحَلَّتْ بِتَرْكِ الْقِرَاءَةِ فِي الْأُولَيَيْنِ فَعَلَيْهِ قَضَاؤُهَا فَقَطْ وَالْأُخْرَيَانِ لَا يَكُونَانِ قَضَاءً عَنْ الْأُولَيَيْنِ؛ لِأَنَّهُ بَنَاهُمَا عَلَى تِلْكَ التَّحْرِيمَةِ وَالتَّحْرِيمَةُ الْوَاحِدَةُ لَا يَتَّسِعُ فِيهَا الْقَضَاءُ وَالْأَدَاءُ، وَالرَّابِعُ إذَا قَرَأَ فِي إحْدَى الْأُولَيَيْنِ وَإِحْدَى الْأُخْرَيَيْنِ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى يَلْزَمُهُ قَضَاءُ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَلْزَمُهُ قَضَاءُ رَكْعَتَيْنِ، وَمُحَمَّدٌ مَرَّ عَلَى أَصْلِهِ أَنَّ التَّحْرِيمَةَ انْحَلَّتْ بِتَرْكِ الْقِرَاءَةِ فِي إحْدَى الْأُولَيَيْنِ وَأَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَرَّ عَلَى أَصْلِهِ أَنَّ التَّحْرِيمَةَ بَاقِيَةٌ فَصَحَّ شُرُوعُهُ فِي الشَّفْعِ الثَّانِي وَقَدْ أَفْسَدَهُ فَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَقَدْ جَرَتْ مُحَاوَرَةٌ بَيْنَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى فِي مَذْهَبِهِ حَتَّى عَرَضَ عَلَيْهِ الْجَامِعَ الصَّغِيرَ فَقَالَ أَبُو يُوسُفَ رَوَيْت لَك عَنْهُ أَنَّ عَلَيْهِ قَضَاءَ رَكْعَتَيْنِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بَلْ رَوَيْت لِي أَنَّ عَلَيْهِ قَضَاءَ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ وَقِيلَ مَا حَفِظَهُ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هُوَ قِيَاسُ مَذْهَبِهِ؛ لِأَنَّ التَّحْرِيمَةَ ضَعُفَتْ بِالْفَسَادِ بِتَرْكِ الْقِرَاءَةِ فِي رَكْعَةٍ فَلَا يَلْزَمُهُ الشَّفْعُ الثَّانِي بِالشُّرُوعِ فِيهِ بِهَذِهِ التَّحْرِيمَةِ وَالِاسْتِحْسَانُ مَا حَفِظَهُ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -؛ لِأَنَّ الشُّرُوعَ وَإِنْ حَصَلَ بِصِفَةِ الْفَسَادِ فَقَدْ أَكَّدَهُ بِوُجُودِ الْقِرَاءَةِ فِي رَكْعَةٍ فَصَارَ ذَلِكَ مُلْزِمًا إيَّاهُ لِتَأَكُّدِهِ.

وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ التَّأَكُّدَ

<<  <  ج: ص:  >  >>