الْتَزَمَهُ بِتَصَرُّفٍ مَمْلُوكٍ بِهِ بِسَبَبِ عَقْدِ الْكِتَابَةِ فَيُؤْخَذُ لَهُ بَعْدَ الْعَجْزِ بِمَنْزِلَةِ مَا يَلْتَزِمُهُ بِالشِّرَاءِ
وَإِنْ جَنَتْ أَمَتُهُ جِنَايَةً خَطَأً فَبَاعَهَا أَوْ وَطِئَهَا فَوَلَدَتْ مِنْهُ وَهُوَ يَعْلَمُ بِالْجِنَايَةِ فَهَذَا مِنْهُ اخْتِيَارٌ وَعَلَيْهِ الْأَرْشُ؛ لِأَنَّهُ مَنَعَ الدَّفْعَ بِالْبَيْعِ وَالِاسْتِيلَادِ وَمَنْ خُوطِبَ بِالدَّفْعِ أَوْ الْفِدَاءِ إذَا امْتَنَعَ مِنْ الدَّفْعِ بَعْدَ الْعِلْمِ كَانَ مُخْتَارًا لِلْفِدَاءِ بَعْدَ الْعِلْمِ كَالْحُرِّ
وَإِنْ قَتَلَهُ عَبْدٌ لَهُ عَمْدًا فَالْعَبْدُ فِي قَتْلِ مَوْلَاهُ عَمْدًا كَأَجْنَبِيٍّ آخَرَ فِي وُجُوبِ الْقِصَاصِ عَلَيْهِ كَالْحُرِّ إذَا قَتَلَهُ عَبْدُهُ فَالْمُكَاتَبُ مِثْلُهُ.
ثُمَّ الْمُكَاتَبُ إذَا قُتِلَ عَمْدًا فَهُوَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ إنْ لَمْ يَتْرُكْ وَفَاءً فَالْقِصَاصُ وَاجِبٌ لِلْمَوْلَى؛ لِأَنَّهُ عَبْدُهُ حِينَ مَاتَ عَاجِزًا فَلَهُ أَنْ يَسْتَوْفِيَ الْقِصَاصَ مِنْ قَاتِلِهِ، وَإِنْ تَرَكَ وَفَاءً وَلَهُ وَارِثٌ سِوَى الْمَوْلَى فَلَا قِصَاصَ عَلَى الْقَاتِلِ لِاشْتِبَاهِ مَنْ يَسْتَوْفِيهِ فَإِنَّ عَلَى قَوْلِ عَلِيٍّ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - يَمُوتُ حُرًّا فَيَكُونُ اسْتِيفَاءُ الْقِصَاصِ لِوَارِثِهِ وَعَلَى قَوْلِ زَيْدٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَمُوتُ عَبْدًا فَيَكُونُ حَقُّ اسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ لِلْمَوْلَى وَاخْتِلَافُ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - يُمْكِنُ شُبْهَةً مُعْتَبَرَةً، وَمَعَ انْعِدَامِ الْمُسْتَوْفِي لَا يَجِبُ الْقِصَاصُ؛ لِأَنَّ الْوُجُوبَ فِي الْقِصَاصِ غَيْرُ مَقْصُودٍ بِنَفْسِهِ بَلْ الْمَقْصُودُ الِاسْتِيفَاءُ؛ لِأَنَّ الزَّجْرَ يَحْصُلُ بِهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ اجْتَمَعَا لَمْ يَكُنْ لَهُمَا اسْتِيفَاءُ الْقِصَاصِ؛ لِأَنَّ بِأَصْلِ الْفِعْلِ لَمْ يَجِبْ الْقِصَاصُ لِاشْتِبَاهِ الْمُسْتَوْفِي فَلَا يَجِبُ بَعْدَ ذَلِكَ بِتَرَاضِيهِمَا، وَإِنْ قُتِلَ وَلَا وَارِثَ لَهُ سِوَى الْمَوْلَى فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى يَجِبُ الْقِصَاصُ لِمَوْلَاهُ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَجِبُ؛ لِأَنَّ سَبَبَ ثُبُوتِ حَقِّ الِاسْتِيفَاءِ لَهُ مُشْتَبَهٌ فَإِنَّ الْكِتَابَةَ إنْ انْفَسَخَتْ كَمَا قَالَ زَيْدٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَإِنَّمَا يَسْتَوْفِيهِ بِالْمِلْكِ، وَإِنْ بَقِيَتْ كَمَا قَالَهُ عَلِيٌّ وَعَبْدُ اللَّهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - فَإِنَّمَا يَسْتَوْفِيهِ بِالْإِرْثِ بِالْوَلَاءِ وَاشْتِبَاهُ السَّبَبِ مُعْتَبَرٌ فِيمَا يَنْدَرِئُ بِالشُّبُهَاتِ كَاشْتِبَاهِ الْمُسْتَوْفِي.
أَلَا تَرَى أَنَّ أَمَةَ إنْسَانٍ إذَا كَانَتْ فِي يَدِ غَيْرِهِ فَقَالَ ذُو الْيَدِ زَوَّجْتَنِيهَا بِكَذَا وَقَالَ الْمَوْلَى بَلْ بِعْتهَا مِنْك بِكَذَا لَمْ يَحِلَّ لَهُ أَنْ يَطَأهَا لِاخْتِلَافِهِمَا فِي سَبَبِ ثُبُوتِ حِلِّ الْوَطْءِ لَهُ، وَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى أَنَّ الْوَطْءَ لَهُ حَلَالٌ، وَلَكِنْ مِنْ قِبَلِ أَنَّ حِلَّ الْوَطْءِ لَا يَثْبُتُ مَعَ الشُّبُهَاتِ فَاشْتِبَاهُ السَّبَبِ يَكُونُ مَانِعًا مِنْ ثُبُوتِهِ، وَهُمَا يَقُولَانِ: تَيَقَّنَّا بِثُبُوتِ حَقِّ اسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ لِلْمَوْلَى، فَيَجِبُ الْقِصَاصُ وَيَتَمَكَّنُ مِنْ اسْتِيفَائِهِ كَمَا لَوْ قُتِلَ عَاجِزًا وَهَذَا لِأَنَّ الْأَسْبَابَ غَيْرُ مَطْلُوبَةٍ لِأَعْيَانِهَا بَلْ لِإِحْكَامِهَا أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ قَالَ لِغَيْرِهِ لِي عَلَيْك أَلْفُ دِرْهَمٍ غَصْبًا وَقَالَ الْآخَرُ بَلْ قَرْضًا وَجَبَ الْمَالُ وَلَا يُنْظَرُ لِاخْتِلَافِهِمَا فِي السَّبَبِ لَمَّا اتَّفَقَا عَلَى وُجُوبِ الْمَالِ فَكَذَا هُنَا لَا يُعْتَبَرُ الِاشْتِبَاهُ فِي السَّبَبِ بَعْدَ مَا تَعَيَّنَ الْمَوْلَى مُسْتَوْفِيًا بِأَيِّ السَّبَبَيْنِ كَانَ، بِخِلَافِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute