مَا إذَا تَرَكَ وَارِثًا؛ لِأَنَّ الْمَوْلَى هُنَاكَ لَمْ يَتَعَيَّنْ مُسْتَوْفِيًا مَعَ اشْتِبَاهِ الْمُسْتَوْفِي لِتَعَذُّرِ الِاسْتِيفَاءِ وَبِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْوَطْءِ؛ لِأَنَّا لَمْ نَتَيَقَّنْ هُنَاكَ بِثُبُوتِ الْحِلِّ لَهُ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَاذِبًا فِيمَا يَدَّعِي مِنْ السَّبَبِ وَلِأَنَّ السَّبَبَ هُنَاكَ حُكْمِيٌّ وَلَا يَثْبُتُ وَاحِدٌ مِنْ السَّبَبَيْنِ بِقَوْلِ أَحَدِ الْخَصْمَيْنِ مَعَ تَكْذِيبِ صَاحِبِهِ وَبِدُونِ ثُبُوتِ سَبَبِ الْحِلِّ لَا يَثْبُتُ الْحِلُّ وَهُنَا السَّبَبُ الْمُوجِبُ لِلْقَوَدِ وَهُوَ الْعَمْدُ الْمَحْضُ مُتَيَقَّنٌ بِهِ وَثُبُوتُ حَقِّ اسْتِيفَاءِ الْمَوْلَى مُتَيَقَّنٌ بِهِ أَيْضًا، إمَّا بِاعْتِبَارِ الْمِلْكِ أَوْ الْوَلَاءِ فَلِهَذَا يُمَكَّنُ مِنْ الِاسْتِيفَاءِ
وَإِذَا اسْتَهْلَكَ عَبْدُ الْمُكَاتَبِ مَالًا فَهُوَ دَيْنٌ فِي عُنُقِهِ يُبَاعُ فِيهِ لِظُهُورِ سَبَبِهِ فِي حَقِّ الْمُكَاتَبِ
وَإِنْ جَنَى عَبْدُهُ ثُمَّ عَتَقَ الْمُكَاتَبُ فَهُوَ عَلَى خِيَارِهِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا كَانَ مُخَيَّرًا بَيْنَ الدَّفْعِ وَالْفِدَاءِ بِاعْتِبَارِ مِلْكِهِ وَقَدْ تَقَرَّرَ مِلْكُهُ بِالْعِتْقِ، وَإِنْ عَجَزَ فَالْخِيَارُ إلَى الْمَوْلَى؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ بِعَجْزِهِ تَقَرَّرَ لِلْمَوْلَى فَيَتَخَيَّرُ بَيْنَ الدَّفْعِ وَالْفِدَاءِ كَمَا يُخَيَّرُ الْوَارِثُ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوَرَّثِ فِي جِنَايَةِ عَبْدِ الْحُرِّ
وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ وَامْرَأَتُهُ مُكَاتَبَيْنِ مُكَاتَبَةً وَاحِدَةً فَوَلَدَتْ وَلَدًا فَقَتَلَهُ الْمَوْلَى وَقِيمَتُهُ أَكْثَرُ مِنْ الْكِتَابَةِ فَقِيمَتُهُ عَلَى مَوْلَاهُ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ؛ لِأَنَّ وَلَدَهُمَا مَمْلُوكٌ لِلْمَوْلَى فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ بِقَتْلِهِ، وَلَكِنَّهُ دَاخِلٌ فِي الْكِتَابَةِ فَعَلَى الْمَوْلَى قِيمَتُهُ بِقَتْلِهِ كَمَا يَلْزَمُهُ الدِّيَةُ لَوْ قَتَلَ الْمُكَاتَبَ فَالْمَالُ بِنَفْسِ الْقَتْلِ يَجِبُ مُؤَجَّلًا فِي ثَلَاثِ سِنِينَ، وَإِنْ كَانَتْ الْكِتَابَةُ قَدْ حَلَّتْ قَاصَّهُمْ بِهَا؛ لِأَنَّ الْقِيمَةَ وَاجِبَةٌ لِلْأُمِّ فَإِنَّ الْوَلَدَ دَاخِلٌ فِي كِتَابَتِهَا حَتَّى يَكُونَ كَسْبُهُ لَهَا فَكَذَلِكَ بَدَلُ نَفْسِهِ، وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ الْوَلَدَ جُزْءٌ مِنْ أَجْزَاءِ الْأُمِّ يَتْبَعُهَا فِي الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ فَكَذَلِكَ فِي الْكِتَابَةِ وَقَدْ كَانَ لِلْمَوْلَى أَنْ يُطَالِبَ الْأُمَّ بِجَمِيعِ الْكِتَابَةِ وَمَتَى الْتَقَى الدَّيْنَانِ تَقَاصَّا إذَا اسْتَوَيَا؛ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِي الِاسْتِيفَاءِ ثُمَّ عَلَى الْمَوْلَى أَدَاءُ فَضْلِ الْقِيمَةِ إلَى الْأُمِّ؛ لِأَنَّ الْمُقَاصَّةَ إنَّمَا وَقَعَتْ بِقَدْرِ بَدَلِ الْكِتَابَةِ وَرَجَعَتْ الْأُمُّ عَلَى الْأَبِ بِمَا أَدَّتْ عَنْهُ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ قَاضِيَةً بَدَلَ الْكِتَابَةِ بِالْمُقَاصَّةِ فَكَأَنَّهَا أَدَّتْ بِنَفْسِهَا فَتَرْجِعُ عَلَى الْأَبِ بِحِصَّتِهِ.
وَإِنْ كَانَتْ الْمُكَاتَبَةُ لَمْ تَحِلَّ أَدَّى الْمَوْلَى الْقِيمَةَ إلَى الْأُمِّ؛ لِأَنَّ الْمُقَاصَّةَ لَا تَقَعُ بَيْنَ الْحَالِّ وَالْمُؤَجَّلِ فَيُسْتَوْفَى مِنْهُ مَا حَلَّ وَهُوَ الْقِيمَةُ لِتَسْتَعِينَ بِهِ فِي مُكَاتَبَتِهَا إذَا حَلَّتْ، وَإِنْ كَانَ الِابْنُ مُكَاتَبًا مَعَهَا فَقَتَلَهُ الْمَوْلَى ثُمَّ حَلَّتْ الْقِيمَةُ اقْتَصَّ مِنْهَا بِقَدْرِ الْكِتَابَةِ إنْ كَانَتْ الْمُكَاتَبَةُ حَلَّتْ أَوْ لَمْ تَحِلَّ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ الْمَقْتُولَ هُنَا مَقْصُودٌ بِالْكِتَابَةِ وَقَدْ كَانَ مُطَالَبًا بِجَمِيعِ الْبَدَلِ عِنْدَ حِلِّهِ وَالْأَجَلُ لَا يَبْقَى فِي حَقِّهِ بَعْدَ مَوْتِهِ إذَا تَرَكَ وَفَاءً فَإِذَا حَلَّتْ الْقِيمَةُ فَقَدْ تَحَقَّقَ الْوَفَاءُ فَصَارَ قِصَاصًا بِبَدَلِ الْكِتَابَةِ حَلَّتْ أَوْ لَمْ تَحِلَّ، وَيُؤَدِّي الْمَوْلَى إلَى الْوَرَثَةِ فَضْلَ الْقِيمَةِ وَالْأَبُ وَالْأُمُّ حِصَّتُهُمَا مِنْ الْمُكَاتَبَةِ؛ لِأَنَّ الِابْنَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute