وَطِئَ الَّذِي كَاتَبَهَا قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ شَرِيكُهُ بِالْمُكَاتَبَةِ فَوَلَدَتْ مِنْهُ فَهِيَ أُمُّ وَلَدٍ لَهُ وَالْمُكَاتَبَةُ جَائِزَةٌ وَيَضْمَنُ الْوَاطِئُ نِصْفَ قِيمَتِهَا، وَنِصْفَ عُقْرَهَا لَلشَّرِيكِ، وَنِصْفُ الْعُقْرِ لَهَا وَلِلْمُكَاتَبَةِ الْخِيَارُ؛ لِأَنَّهُ تَلْقَاهَا جِهَتَا حُرِّيَّةٍ فَإِنْ اخْتَارَتْ الْكِتَابَةَ أَخَذَتْ نِصْفَ الْعُقْرِ مِنْهُ وَإِنْ اخْتَارَتْ أَنْ تَكُونَ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ لَمْ يَكُنْ لَهَا نِصْفُ الْعُقْرِ؛ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَهَا نِصْفَ الْعُقْرِ لِكَوْنِهَا أَحَقَّ بِنَفْسِهَا بِعَقْدِ الْكِتَابَةِ وَقَدْ زَالَ ذَلِكَ حِينَ اخْتَارَتْ الِاسْتِيلَادَ فَإِنَّ أُمَّ الْوَلَدِ لَا تَسْتَوْجِبُ عَلَى مَوْلَاهَا دَيْنًا وَإِنْ أَجَازَ شَرِيكُهُ الْمُكَاتَبَةَ بَعْدَ مَا عَلِقَتْ مِنْهُ فَإِجَازَتُهُ بَاطِلَةٌ، وَهِيَ مُكَاتَبَةٌ؛ لِأَنَّهُ أَجَازَ عَقْدًا بَاطِلًا وَلِأَنَّ نَصِيبَهُ تَحَوَّلَ إلَى الْمَكَاتِبِ بِالِاسْتِيلَادِ وَإِنَّمَا كَانَ يُعْتَبَرُ إجَازَتُهُ بِاعْتِبَارِ مِلْكِهِ فَإِنْ وَطِئَهَا الَّذِي لَمْ يُكَاتِبْ فَعَلِقَتْ مِنْهُ فَهِيَ أُمُّ وَلَدِ الَّذِي عَلِقَتْ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ مَالِكٌ لِنَصِيبِهِ مِنْهَا فَصَحَّ اسْتِيلَادُهُ فِيهَا وَالْمُكَاتَبَةُ عَلَى حَالِهَا جَائِزَةٌ حَتَّى يَرُدَّهَا الْوَاطِئُ؛ لِأَنَّهُ لَا مُنَافَاةَ بَيْنَ الِاسْتِيلَادِ وَالْكِتَابَةِ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَطْرَأُ عَلَى صَاحِبِهِ فَلَمْ يَكُنْ إقْدَامُهُ عَلَى الِاسْتِيلَادِ إبْطَالًا مِنْهُ لِلْكِتَابَةِ وَلَكِنَّهُ لَوْ انْفَسَخَتْ الْكِتَابَةُ بَعْدَ ذَلِكَ صَارَ الْكُلُّ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ؛ لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ انْتِقَالِ نَصِيبِ الشَّرِيكِ إلَيْهِ بِالِاسْتِيلَادِ هُوَ الْكِتَابَةُ وَقَدْ ارْتَفَعَتْ وَإِنْ كَاتَبَهَا أَحَدُهُمَا بِإِذْنِ شَرِيكِهِ، ثُمَّ اسْتَوْلَدَهَا الْآخَرُ فَإِنْ شَاءَتْ عَجَزَتْ، وَكَانَتْ أُمَّ وَلَدِ الْمُسْتَوْلِدِ لِزَوَالِ الْمَانِعِ فِي نَصِيبِ الشَّرِيكِ، وَإِنْ شَاءَتْ مَضَتْ عَلَى كِتَابَتِهَا وَأَخَذَتْ مِنْهُ نِصْفَ الْعُقْرِ؛ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ فِي نَصِيبِ الشَّرِيكِ لَازِمَةٌ حِينَ بَاشَرَهَا بِإِذْنِ شَرِيكِهِ وَتَأْخُذُ مِنْهُ نِصْفَ الْعُقْرِ؛ لِأَنَّهَا أَحَقُّ بِنَفْسِهَا فِي ذَلِكَ النِّصْفِ فَإِذَا أَدَّتْ الْمُكَاتَبَةُ عَتَقَتْ وَلَمْ تَسْعَ لِلْمُسْتَوْلِدِ فِي شَيْءٍ؛ لِأَنَّ نَصِيبَهُ مِنْهَا أُمُّ وَلَدٍ وَلَا سِعَايَةَ عَلَى أُمِّ الْوَلَدِ لِلْمُسْتَوْلِدِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.
وَإِنْ كَاتَبَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ فَاكْتَسَبَتْ مَالًا وَقَضَتْ مِنْهُ الْكِتَابَةَ فَعَتَقَتْ، ثُمَّ اكْتَسَبَتْ مَالًا، ثُمَّ حَضَرَ الَّذِي لَمْ يُكَاتِبْ فَلَهُ نِصْفُ مَا اكْتَسَبَتْهُ قَبْلَ أَدَاءِ الْكِتَابَةِ وَلَهَا نِصْفُهُ؛ لِأَنَّ نَصِيبَ الْمَكَاتِبِ مِنْهَا مُكَاتَبٌ، وَنُصِيبَ الشَّرِيكِ مَمْلُوكٌ لَهُ وَالْكَسْبُ يُمْلَكُ بِمِلْكِ الْأَصْلِ وَمَا اكْتَسَبَتْهُ بَعْدَ أَدَاءِ الْكِتَابَةِ فَهُوَ لَهَا؛ لِأَنَّ عِنْدَهُمَا تَعْتِقُ كُلُّهَا بِعِتْقِ الْبَعْضِ، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَعْتِقُ نَصِيبُ الْمَكَاتِبِ وَنُصِيبُ الشَّرِيكِ بِمَنْزِلَةِ الْمُكَاتَبِ لِمَا عَلَيْهَا مِنْ السِّعَايَةِ وَالْمُكَاتَبُ أَحَقُّ بِكَسْبِهِ مِنْ الْمَوْلَى فَلِهَذَا لَمْ يَكُنْ لِلشَّرِيكِ شَيْءٌ مِمَّا اكْتَسَبَتْ بَعْدَ أَدَاءِ الْكِتَابَةِ فَإِنْ مَاتَتْ قَبْلَ أَنْ تُؤَدِّيَ شَيْئًا وَتَرَكَتْ مَالًا فَنِصْفُهُ لِلَّذِي لَمْ يُكَاتِبْ؛ لِأَنَّهُ كَسَبَ نَصِيبَهُ مِنْهَا وَيَأْخُذُ الَّذِي كَاتَبَ النِّصْفَ الْبَاقِيَ فِي الْمُكَاتَبَةِ؛ لِأَنَّ كَسْبَ نَصِيبِهِ مِنْهَا وَالْمُكَاتَبَةُ كَانَتْ نَافِذَةً فِي نَصِيبِهِ فَيَأْخُذُ بَدَلَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute