الْكِتَابَةِ فِي تَرِكَتِهَا بَعْدَ مَوْتِهَا، ثُمَّ يَأْخُذُ الَّذِي لَمْ يُكَاتِبْ نِصْفَ قِيمَتِهَا مِمَّا بَقِيَ إنْ كَانَ شَرِيكُهُ مُعْسِرًا؛ لِأَنَّهُ يَثْبُتُ لَهُ حَقُّ اسْتِسْعَائِهَا فِي نِصْفِ الْقِيمَةِ إنْ كَانَتْ حَيَّةً وَقَدْ مَاتَتْ عَنْ مَالٍ فَيَأْخُذُ تِلْكَ السِّعَايَةَ مِنْ مَالِهَا وَالْبَاقِي مِيرَاثٌ لِوَرَثَتِهَا الْأَحْرَارِ؛ لِأَنَّهُ حَكَمَ بِعِتْقِهَا بِأَدَاءِ السِّعَايَةِ مُسْتَنِدًا إلَى حَالِ حَيَاتِهَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَارِثٌ غَيْرَهُمَا كَانَ مَا بَقِيَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ؛ لِأَنَّ نَصِيبَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَتَقَ عَلَى مِلْكِهِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَهِيَ مَوْلَاةٌ لَهُمَا وَإِنْ شَاءَ أَنْ يُضَمِّنَ شَرِيكَهُ؛ لِأَنَّهُ مُوسِرًا كَانَ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَكَاتِبَ صَارَ مُعْتِقًا لِنَصِيبِهِ، ثُمَّ يَرْجِعُ بِهِ الْمَكَاتِبُ فِي مَالِهَا كَمَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا لَوْ كَانَتْ حَيَّةً وَيَكُونُ وَلَاؤُهَا وَمِيرَاثُهَا لَهُ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَارِثٌ؛ لِأَنَّهُ تَمَلَّكَ نَصِيبَ شَرِيكِهِ بِالضَّمَانِ.
وَإِنْ كَانَتْ مَاتَتْ بَعْدَ مَا أَدَّتْ الْمُكَاتَبَةَ وَقَدْ تَرَكَتْ مَالًا لَا يُدْرَى مَتَى اكْتَسَبَتْهُ قَبْلَ الْأَدَاءِ أَوْ بَعْدَهُ فَالْمَالُ لَهُ؛ لِأَنَّ الْكَسْبَ حَادِثٌ فَيُحَالُ حُدُوثَهُ إلَى أَقْرَبِ الْأَوْقَاتِ، وَهُوَ مَا بَعْدَ أَدَاءِ الْكِتَابَةِ وَلِأَنَّ سَبَبَ الِاسْتِحْقَاقِ لَهَا؛ لِأَنَّهُ قَدْ ظَهَرَ، وَهُوَ اكْتِسَابُهَا، وَاسْتِحْقَاقُ النِّصْفِ لِشَرِيكِهِ لَمْ يُعْلَمْ سَبَبُهُ، وَهُوَ كَوْنُ نَصِيبِهِ قِنًّا حِينَ اكْتَسَبَ وَلَا يُقَالُ قَدْ عَرَفْنَا نَصِيبَهُ مَمْلُوكًا قِنًّا لَهُ فَيَجِبُ التَّمَسُّكُ بِذَلِكَ حَتَّى يَتَبَيَّنَ خِلَافُهُ؛ لِأَنَّ هَذَا ظَاهِرٌ عُلِمَ زَوَالُهُ بَعْدَ مَا أَدَّتْ الْكِتَابَةَ وَاسْتِصْحَابُ الْحَالِ إنَّمَا يُعْتَبَرُ إذَا لَمْ يَكُنْ خِلَافُهُ مَعْلُومًا فِي الْحَالِ.
جَارِيَةٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ كَاتَبَهَا أَحَدُهُمَا بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ فَأَدَّتْ إلَيْهِ الْكِتَابَةَ، ثُمَّ وَطِئَهَا الْآخَرُ فَعَلِقَتْ مِنْهُ قَالَ تَسْعَى لَهُ فِي نَصِيبِهِ؛ لِأَنَّ نَصِيبَهُ بِمَنْزِلَةِ الْمُكَاتِبِ لِمَا عَلَيْهَا مِنْ السِّعَايَةِ وَلَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ أَمَّا عِنْدَهُمَا؛ لِأَنَّهَا عَتَقَتْ بِأَدَاءِ الْكِتَابَةِ، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِأَنَّهُ تَعَذَّرَ اسْتِدَامَةُ الْمِلْكِ لَمَا نَفَذَ فِيهَا مِنْ الْعِتْقِ مِنْ جِهَةِ الْمَكَاتِبِ وَإِنَّمَا تَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ إذَا عَجَزَتْ عَنْ السِّعَايَةِ وَلَيْسَ لَهَا ذَلِكَ هَهُنَا حَتَّى لَوْ مَاتَ الْمُسْتَوْلِدُ قَبْلَ أَنْ تُؤَدِّيَ السِّعَايَةَ عَتَقَ نَصِيبُهُ بِجِهَةِ الِاسْتِيلَادِ وَسَقَطَ عَنْهَا السِّعَايَةُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.
رَجُلٌ كَاتَبَ جَارِيَةً، ثُمَّ مَاتَ عَنْ ابْنَيْنِ فَاسْتَوْلَدَهَا أَحَدُهُمَا فَهِيَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَتْ عَجَزَتْ فَكَانَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ وَيَضْمَنُ نِصْفَ قِيمَتِهَا وَنِصْفَ عُقْرِهَا لِشَرِيكِهِ؛ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ انْفَسَخَتْ بِالْعَجْزِ فَصَارَتْ مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُمَا إرْثًا قَدْ اسْتَوْلَدَهَا أَحَدُهُمَا وَإِنْ شَاءَتْ مَضَتْ عَلَى كِتَابَتِهَا وَأَخَذَتْ عُقْرَهَا؛ لِأَنَّ الْمُكَاتَبَ لَا يُورَثُ مَا بَقِيَتْ الْكِتَابَةُ وَقَدْ سَقَطَ الْحَدُّ عَنْ الْوَاطِئِ بِشُبْهَةِ حَقِّ الْمِلْكِ الثَّابِتِ لَهُ فِيهَا بِانْعِقَادِ سَبَبِهِ فَيَجِبُ الْعُقْرُ لَهَا.
وَإِذَا كَاتَبَ الرَّجُلَانِ جَارِيَةً بَيْنَهُمَا مُكَاتَبَةً وَاحِدَةً، ثُمَّ ارْتَدَّ أَحَدُهُمَا عَنْ الْإِسْلَامِ فَأَدَّتْ الْمُكَاتَبَةَ إلَيْهِمَا، ثُمَّ قُتِلَ مُرْتَدًّا قَالَ لَا تَعْتِقُ وَلَيْسَ أَدَاؤُهَا إلَى الْمُرْتَدِّ بِشَيْءٍ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute