فِي إيرَاثِ الشُّبْهَةِ وَلَكِنَّهُ اسْتِحْسَانٌ ضَعِيفٌ فَلِهَذَا لَمْ يَذْكُرْهُ وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرْنَا.
(قَالَ): وَإِنْ سَرَقَ الْمُكَاتَبُ مِنْ مُكَاتَبٍ آخَرَ لِمَوْلَاهُ لَمْ يُقْطَعْ كَمَا لَوْ سَرَقَ مِنْ مَوْلَاهُ؛ لِأَنَّ كَسْبَ ذَلِكَ الْمُكَاتَبِ مِنْ وَجْهٍ لِمَوْلَاهُ أَوْ يُجْعَلُ سَرِقَةُ الْمُكَاتَبِ كَسَرِقَةِ مَوْلَاهُ وَلَوْ سَرَقَ الْمَوْلَى مِنْ ذَلِكَ الْمُكَاتَبِ لَا يُقْطَعُ فَكَذَلِكَ مُكَاتَبُهُ وَكَذَلِكَ إنْ سَرَقَ مِنْ عَبْدٍ كَانَ بَيْنَ مَوْلَاهُ وَبَيْنَ آخَرَ، وَقَدْ أَعْتَقَ الْمَوْلَى نَصِيبَهُ مِنْهُ؛ لِأَنَّ هَذَا كَالْمُكَاتَبِ لِمَوْلَاهُ مِنْ وَجْهٍ أَلَا تَرَى أَنَّ الشَّرِيكَ إذَا اخْتَارَ ضَمَانَ الْمَوْلَى رَجَعَ الْمَوْلَى بِهِ عَلَيْهِ فَيَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الْمُكَاتَبِ لَهُ.
(قَالَ) وَإِذَا سَرَقَ الْمُكَاتَبُ مِنْ مُضَارِبِ مَوْلَاهُ مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ لَا يُقْطَعُ؛ لِأَنَّهُ مَالُ الْمَوْلَى لَوْ سَرَقَهُ مِنْهُ لَا يُقْطَعُ فَكَذَا مِنْ مُضَارِبِهِ وَكَذَلِكَ لَوْ سَرَقَ الْمُكَاتَبُ مِنْ مَالِ رَجُلٍ لِمَوْلَاهُ عَلَيْهِ مِثْلُ ذَلِكَ دَيْنٌ؛ لِأَنَّ فِعْلَهُ فِي السَّرِقَةِ كَفِعْلِ الْمَوْلَى وَلَوْ سَرَقَ الْمَوْلَى هَذَا الْمَالَ لَمْ يُقْطَعْ وَكَيْفَ يُقْطَعُ، وَإِنَّمَا أَخَذَهُ بِحَقٍّ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الْحَقِّ إذَا ظَفِرَ بِجِنْسِ حَقِّهِ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ.
فَأَمَّا إذَا كَانَتْ السَّرِقَةُ عُرُوضًا وَقُطِعَا جَمِيعًا؛ لِأَنَّ دَيْنَ الْمَوْلَى ثَابِتٌ فِي ذِمَّةِ الْمَدْيُونِ وَذَلِكَ لَا يُوجِبُ لَهُ حَقًّا وَلَا شُبْهَةً فِيمَا لَيْسَ مِنْ جِنْسِ حَقِّهِ فِي مَالِ الْمَدْيُونِ فَلِهَذَا يُقْطَعُ الْمَوْلَى، وَالْمُكَاتَبُ بِسَرِقَتِهِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ بِالصِّدْقِ، وَالصَّوَابِ وَإِلَيْهِ الْمَرْجِعُ، وَالْمَآبُ.
(قَالَ) شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الزَّاهِدُ: انْتَهَى شَرْحُ كِتَابِ الْمُكَاتَبِ بِإِمْلَاءٍ الْمَحْصُورِ الْمُعَاتَبِ، وَالْمَحْبُوسِ الْمُعَاقَبِ وَهُوَ مُنْذُ حَوْلَيْنِ عَلَى الصَّبْرِ مُوَاظِبٌ وَلِلنَّجَاةِ بِلَطِيفِ صُنْعِ اللَّهِ مُرَاقِبٌ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَحْدَهُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute