بِخِلَافِ النَّسَبِ فَإِنَّ سَبَبَهُ وَهُوَ الْفِرَاشُ يَثْبُتُ بِالنِّكَاحِ فِي الْأَصْلِ، وَالْمَرْأَةُ لَا تُسَاوِي الرَّجُلَ فِي مِلْكِ النِّكَاحِ لِأَنَّهَا بِصِفَةِ الْأُنُوثَةِ مَمْلُوكَةٌ نِكَاحًا فَلَا تَكُونُ مَالِكَةً نِكَاحًا، وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّهَا أَصْلٌ فِي هَذَا الْوَلَاءِ كَانَ مِيرَاثُ مُعْتِقِهَا لَهَا فَكَذَلِكَ مِيرَاثُ مُعْتَقِ مُعْتِقِهَا لِأَنَّ مُعْتَقَ الْمُعْتِقِ يُنْسَبُ إلَى مُعْتِقِهِ بِالْوَلَاءِ، وَهِيَ مِثْلُ الرَّجُلِ فِي الْوَلَاءِ الَّذِي هُوَ الْأَصْلُ الْمُعْتِقُ الْأَوَّلُ؛ وَلِأَنَّ مِيرَاثَ مُعْتَقِ الْمُعْتِقِ يَكُونُ لِمُعْتَقِهِ بِالْعُصُوبَةِ وَمُعْتِقُهُ مُعْتِقُهَا فِي هَذَا الْفَصْلِ فَتَخْلُفُهُ فِي اسْتِحْقَاقِ ذَلِكَ الْمَالِ كَمَا تَخْلُفُهُ فِي اسْتِحْقَاقِ الْمَالِ بِالْعُصُوبَةِ لَوْ مَاتَ الْأَبُ، وَعَلَى هَذَا مُكَاتَبُهَا وَمُكَاتَبُ مُكَاتَبِهَا؛ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ سَبَبٌ فِي اسْتِحْقَاقِ الْوِلَايَةِ كَالْعِتْقِ وَعَلَى هَذَا جَرَّ وَلَاءُ مُعْتَقِ مُعْتِقِهَا لِأَنَّ سَبَبَهُ الْعِتْقُ عَلَى مَا نُبَيِّنُهُ فَتَسْتَوِي هِيَ بِالرَّجُلِ فِي اسْتِحْقَاقِ ذَلِكَ
(قَالَ): وَإِذَا أَعْتَقَتْ الْمَرْأَةُ عَبْدًا ثُمَّ مَاتَتْ عَنْ زَوْجِهَا وَابْنٍ وَبِنْتٍ ثُمَّ مَاتَ الْمُعْتَقُ، فَمِيرَاثُهُ لِابْنِ الْمَرْأَةِ خَاصَّةً؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ عَصَبَتِهَا إذْ لَيْسَ لِزَوْجِهَا فِي الْعُصُوبَةِ حَظٌّ، وَالْبِنْتُ لَا تَكُونُ عَصَبَةً بِنَفْسِهَا، فَكَانَ أَقْرَبَ عَصَبَتِهَا الِابْنُ فَيَخْلُفُهَا مِنْ مِيرَاثِ مُعْتَقِهَا وَيَسْتَوِي إنْ كَانَتْ أَعْتَقَتْهُ بِجُعْلٍ أَوْ بِغَيْرِ جُعْلٍ؛ لِأَنَّ ثُبُوتَ الْوَلَاءِ لَهَا بِإِحْدَاثِ قُوَّةِ الْمَالِكِيَّةِ فِي الْمُعْتَقِ وَفِي هَذَا يَسْتَوِي الْعِتْقُ بِجُعْلٍ أَوْ بِغَيْرِ جُعْلٍ.
(قَالَ): وَإِذَا اشْتَرَتْ امْرَأَتَانِ أَبَاهُمَا فَعَتَقَ عَلَيْهِمَا ثُمَّ اشْتَرَتْ إحْدَاهُمَا مَعَ الْأَبِ أَخًا لَهَا مِنْ الْأَبِ فَعَتَقَ ثُمَّ مَاتَ الْأَبُ فَمِيرَاثُهُ بَيْنَهُمْ جَمِيعًا لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ؛ لِأَنَّهُ مَاتَ عَنْ ابْنٍ وَابْنَتَيْنِ فَإِنْ مَاتَ الْأَخُ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُمَا مِنْ مِيرَاثِهِ الثُّلُثَانِ بِالنَّسَبِ؛ لِأَنَّهُمَا أُخْتَاهُ لِأَبٍ وَلِلْأُخْتَيْنِ الثُّلُثَانِ ثُمَّ لِلَّتِي اشْتَرَتْ الْأَخَ مَعَ الْأَبِ بِالْوَلَاءِ نِصْفُ الثُّلُثِ الْبَاقِي؛ لِأَنَّهَا مُعْتِقَةٌ نِصْفَهُ بِالشِّرَاءِ فَإِنَّ الشِّرَاءَ الْقَرِيبَ إعْتَاقٌ وَهِيَ الْمُشْتَرِيَةُ لِنِصْفِ الْأَخِ وَلَهُمَا جَمِيعًا نِصْفُ الثُّلُثِ الْبَاقِي بِوَلَاءِ الْأَبِ؛ لِأَنَّ الْأَبَ كَانَ هُوَ الْمُعْتِقُ لِهَذَا النِّصْفِ مِنْ الْأَخِ بِشِرَائِهِ، وَهُمَا كَانَتَا مُعْتِقَتَيْنِ الْأَبَ بِشِرَائِهِمَا إيَّاهُ. وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ الْمَرْأَةَ فِي مِيرَاثِ مُعْتَقِ مُعْتَقِهَا كَالرَّجُلِ، وَلِهَذَا كَانَ نِصْفُ الثُّلُثِ الْبَاقِي بِطَرِيقِ الْخِلَافَةِ عَنْ أَبِيهِمَا.
(قَالَ): امْرَأَةٌ أَعْتَقَتْ عَبْدًا ثُمَّ مَاتَتْ وَتَرَكَتْ ابْنَهَا وَأَبَاهَا ثُمَّ مَاتَ الْعَبْدُ فَمِيرَاثُهُ لِلِابْنِ خَاصَّةً عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْأَوَّلُ، ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ: لِأَبِيهَا السُّدُسُ وَالْبَاقِي لِلِابْنِ وَجْهُ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ الْأُبُوَّةَ تُسْتَحَقُّ بِهَا الْعُصُوبَةُ كَالْبُنُوَّةِ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْأَبَ عَصَبَةٌ عِنْدَ عَدَمِ الِابْنِ وَاسْتِحْقَاقِ الْمِيرَاثِ بِالْوَلَاءِ يَنْبَنِي عَلَى الْعُصُوبَةِ، وَوُجُودُ الِابْنِ لَا يَكُونُ مُوجِبًا حِرْمَانَ الْأَبِ أَصْلًا عَنْ الْمِيرَاثِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَمْ يَصِرْ مَحْرُومًا عَنْ مِيرَاثِهَا بِهَذَا، فَكَذَلِكَ عَنْ مِيرَاثِ مُعْتَقِهَا فَالْأَحْسَنُ أَنْ يَجْعَلَ مِيرَاثَ الْمُعْتَقِ بَيْنَهُمَا كَمِيرَاثِهِمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute