يَلْزَمُهُ الْوُضُوءُ لِصَلَاةٍ أُخْرَى عِنْدَنَا وَلَا يَلْزَمُهُ عِنْدَ زُفَرَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ: الْقَهْقَهَةُ عَرَفْنَاهَا حَدَثًا بِالنَّصِّ بِخِلَافِ الْقِيَاسِ وَالنَّصُّ وَرَدَ بِإِعَادَةِ الصَّلَاةِ وَالْوُضُوءِ بِالْقَهْقَهَةِ، فَكُلُّ قَهْقَهَةٍ تُوجِبُ إعَادَةَ الصَّلَاةِ تُوجِبُ الْوُضُوءَ وَمَا لَا يُوجِبُ مُرَاعَاةَ الصَّلَاةِ لَا يُوجِبُ الْوُضُوءَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي مَعْنَى الْمَنْصُوصِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ.
(وَلَنَا) أَنَّ الضَّحِكَ صَادَفَ حُرْمَةَ الصَّلَاةِ لِبَقَائِهَا مَا لَمْ يُسَلِّمْ حَتَّى لَوْ نَوَى الْمُسَافِرُ الْإِقَامَةَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَزِمَهُ الْإِتْمَامُ، وَبِالنَّصِّ صَارَ الضَّحِكُ حَدَثًا لِمُصَادَفَتِهِ حُرْمَةَ الصَّلَاةِ، فَإِنَّ الْجِنَايَةَ تَفْحُشُ بِالْقَهْقَهَةِ فِي حَالَةِ الْمُنَاجَاةِ، وَذَلِكَ بَاقٍ بِبَقَاءِ التَّحْرِيمَةِ فَأَلْزَمْنَاهُ الْوُضُوءَ لِهَذَا، فَأَمَّا إعَادَةُ الصَّلَاةِ فَلِبَقَاءِ الْبِنَاءِ عَلَيْهِ وَعَجْزِهِ عَنْهُ بِالْقَهْقَهَةِ لِفَسَادِ ذَلِكَ الْجُزْءِ، وَلَمْ يَبْقَ عَلَيْهِ الْبِنَاءُ هُنَا فَلَمْ تَلْزَمْهُ الْإِعَادَةُ لِهَذَا
وَكَذَلِكَ لَوْ قَهْقَهَ فِي سَجْدَتَيْ السَّهْوِ؛ لِأَنَّ الْعَوْدَ إلَيْهِمَا يَرْفَعُ السَّلَامَ دُونَ الْقَعْدَةِ، فَكَأَنَّهُ قَهْقَهَ بَعْدَ الْقَعْدَةِ قَبْلَ السَّلَامِ إلَّا فِي رِوَايَةٍ شَاذَّةٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الْعَوْدَ إلَى سُجُودِ السَّهْوِ يَرْفَعُ الْقَعْدَةَ كَالْعَوْدِ إلَى سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ، فَعَلَى تِلْكَ الرِّوَايَةِ تَلْزَمُهُ إعَادَةُ الصَّلَاةِ.
قَالَ: (وَإِنْ قَهْقَهَ الْإِمَامُ وَالْقَوْمُ جَمِيعًا، فَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ سَبَقَ بِهَا فَعَلَيْهِ إعَادَةُ الْوُضُوءِ وَلَيْسَ ذَلِكَ عَلَى الْقَوْمِ)؛ لِأَنَّهُمْ صَارُوا خَارِجِينَ مِنْ الصَّلَاةِ بِخُرُوجِ الْإِمَامِ مِنْهَا فَضَحِكَهُمْ لَمْ يُصَادِفْ حُرْمَةَ الصَّلَاةِ
(وَإِنْ قَهْقَهَ الْقَوْمُ أَوَّلًا ثُمَّ الْإِمَامُ فَعَلَى الْكُلِّ إعَادَةُ الْوُضُوءِ)؛ لِأَنَّ قَهْقَهَةَ الْقَوْمِ صَادَفَتْ حُرْمَةَ الصَّلَاةِ وَكَذَلِكَ قَهْقَهَةُ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِيرُ خَارِجًا مِنْهَا بِخُرُوجِ الْقَوْمِ، وَإِنْ ضَحِكُوا مَعًا فَكَذَلِكَ؛ لِأَنَّ ضَحِكَ الْقَوْمِ لَمَّا اقْتَرَنَ بِضَحِكِ الْإِمَامِ كَانَ مُصَادِفًا حُرْمَةَ الصَّلَاةِ فِي حَقِّهِمْ، فَإِنَّ خُرُوجَهُمْ مِنْ حُكْمِ خُرُوجِ الْإِمَامِ فَيَعْقُبُهُ وَلَا يَقْتَرِنُ بِهِ.
قَالَ: (إمَامٌ أَحْدَثَ فَقَدَّمَ رَجُلًا قَدْ فَاتَتْهُ رَكْعَةٌ فَعَلَيْهِ أَنْ يُصَلِّي بِهِمْ بَقِيَّةَ صَلَاةِ الْإِمَامِ) وَالْأَوْلَى لِلْإِمَامِ أَنْ يُقَدِّمَ مُدْرِكًا لَا مَسْبُوقًا؛ لِأَنَّ الْمُدْرِكَ أَقْدَرُ عَلَى إتْمَامِ صَلَاتِهِ مِنْ الْمَسْبُوقِ، وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ قَلَّدَ إنْسَانًا عَمَلًا وَفِي رَعِيَّتِهِ مَنْ هُوَ أَوْلَى مِنْهُ فَقَدْ خَانَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَجَمَاعَةَ الْمُؤْمِنِينَ» وَلَكِنْ مَعَ هَذَا الْمَسْبُوقِ شَرِيكُهُ فِي التَّحْرِيمَةِ وَصِحَّةِ الِاسْتِخْلَافِ بِوُجُودِ الْمُشَارَكَةِ فِي التَّحْرِيمَةِ وَالْحَاجَةِ إلَى إصْلَاحِ صَلَاتِهِ، فَجَازَ تَقْدِيمُهُ وَقَامَ مَقَامَ الْأَوَّلِ فَيُتِمُّ مَا بَقِيَ عَلَى الْأَوَّلِ، فَإِذَا انْتَهَى إلَى مَوْضِعِ السَّلَامِ تَأَخَّرَ وَقَدَّمَ رَجُلًا مِنْ الْمُدْرِكِينَ لِيُسَلِّمَ بِهِمْ؛ لِأَنَّهُ عَاجِزٌ عَنْ السَّلَامِ لِبَقَاءِ رَكْعَةٍ عَلَيْهِ فَيَسْتَعِينُ بِمَنْ يَقْدِرُ عَلَيْهِ، فَإِنَّ إتْمَامَهُ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ، فَلِهَذَا قَدَّمَ مُدْرِكًا لِيُسَلِّمَ بِهِمْ ثُمَّ يَقُومُ فَيَقْضِيَ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ صَلَاتِهِ.
قَالَ: (فَإِنْ تَوَضَّأَ الْأَوَّلُ وَصَلَّى فِي بَيْتِهِ مَا بَقِيَ مِنْ صَلَاتِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute