فَإِنْ كَانَ صَلَّى بَعْدَ فَرَاغِ الْإِمَامِ الثَّانِي مِنْ بَقِيَّةِ صَلَاتِهِ فَصَلَاتُهُ تَامَّةٌ)؛ لِأَنَّ الْإِمَامَةَ تَحَوَّلَتْ إلَى الثَّانِي، وَصَارَ الْأَوَّلُ كَوَاحِدٍ مِنْ الْمُقْتَدِينَ بِهِ، وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ الْمُقْتَدِي إذَا أَتَمَّ بَقِيَّةَ صَلَاتِهِ فِي بَيْتِهِ بَعْدَ فَرَاغِ الْإِمَامِ جَازَ، وَلَوْ صَلَّى قَبْلَ أَنْ يَفْرُغَ الْإِمَامُ الثَّانِي فَصَلَاتُهُ فَاسِدَةٌ كَغَيْرِهِ مِنْ الْمُقْتَدِينَ إذَا سَبَقَهُ الْحَدَثُ.
قَالَ: (فَإِنْ قَعَدَ الْإِمَامُ الثَّانِي فِي الرَّابِعَةِ قَدْرَ التَّشَهُّدِ ثُمَّ قَهْقَهَ فَعَلَيْهِ إعَادَةُ الْوُضُوءِ وَالصَّلَاةِ)؛ لِأَنَّهُ قَدْ بَقِيَ عَلَيْهِ رَكْعَةٌ فَضَحِكُهُ حَصَلَ فِي خِلَالِ الصَّلَاةِ فِي حَقِّهِ، وَصَلَاةُ الْقَوْمِ تَامَّةٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ عَلَيْهِمْ الْبِنَاءُ، وَرُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ قَالَ: صَلَاةُ الْقَوْمِ فَاسِدَةٌ لِفَسَادِ مَا مَضَى، وَلَوْ ضَحِكُوا بِأَنْفُسِهِمْ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ كَانَتْ صَلَاتُهُمْ تَامَّةً، فَضَحِكُ الْإِمَامِ فِي حَقِّهِمْ لَا يَكُونُ أَكْثَرَ تَأْثِيرًا مِنْ ضَحِكِهِمْ، فَأَمَّا الْإِمَامُ الْأَوَّلُ، فَإِنْ كَانَ قَدْ فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ خَلْفَ الْإِمَامِ الثَّانِي مَعَ الْقَوْمِ فَصَلَاتُهُ تَامَّةٌ كَغَيْرِهِ مِنْ الْمُدْرِكِينَ، وَإِنْ كَانَ فِي بَيْتِهِ لَمْ يَدْخُلْ مَعَ الْإِمَامِ الثَّانِي فِي الصَّلَاةِ فَصَلَاتُهُ فَاسِدَةٌ، وَفِي رِوَايَةِ أَبِي حَفْصٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ: صَلَاتُهُ تَامَّةٌ. وَجْهُ هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَنَّهُ مُدْرِكٌ لِأَوَّلِ صَلَاتِهِ فَيَكُونُ كَالْفَارِغِ بِقَعْدَةِ الْإِمَامِ قَدْرَ التَّشَهُّدِ وَالرِّوَايَةُ الْأُولَى أَصَحُّ وَأَشْبَهُ بِالصَّوَابِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ بَقِيَ عَلَيْهِ الْبِنَاءُ وَضَحِكُ الْإِمَامِ فِي حَقِّهِ فِي الْمَنْعِ مِنْ الْبِنَاءِ كَضَحِكِهِ، وَلَوْ ضَحِكَ هُوَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ، فَكَذَلِكَ ضَحِكُ الْإِمَامِ فِي حَقِّهِ، وَرِوَايَةُ أَبِي حَفْصٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَأَنَّهُ غَلَطٌ وَقَعَ مِنْ الْكَاتِبِ؛ لِأَنَّهُ اشْتَغَلَ بِتَقْسِيمٍ ثُمَّ أَجَابَ فِي الْفَصْلَيْنِ بِأَنَّ صَلَاتَهُ تَامَّةٌ وَظَاهِرُ هَذَا التَّقْسِيمِ يَسْتَدْعِي الْمُخَالَفَةَ فِي الْجَوَابِ.
قَالَ: (رَجُلٌ سَلَّمَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ مِنْ الظُّهْرِ نَاسِيًا ثُمَّ ذَكَرَ فَظَنَّ أَنَّ ذَلِكَ يَقْطَعُ الصَّلَاةَ فَاسْتَقْبَلَ التَّكْبِيرَ يَنْوِي بِهِ الدُّخُولَ فِي الظُّهْرِ ثَانِيَةً وَهُوَ إمَامُ قَوْمٍ وَكَبَّرُوا مَعَهُ يَنْوُونَ مَعَهُ ذَلِكَ فَهُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ الْأُولَى يُصَلُّونَ مَا بَقِيَ مِنْهَا وَيَسْجُدُونَ لِلسَّهْوِ) لِمَا بَيَّنَّا أَنَّ سَلَامَ الْإِمَامِ لَا يَقْطَعُ التَّحْرِيمَةَ، فَهُمْ فِي التَّحْرِيمَةِ فِي صَلَاتِهِمْ بَعْدُ قَدْ نَوَوْا إيجَادَ الْمَوْجُودِ وَذَلِكَ لَغْوٌ. بَقِيَ مُجَرَّدُ التَّكْبِيرِ وَهُوَ لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ، بِخِلَافِ مَنْ كَانَ فِي الظُّهْرِ فَنَوَى الْعَصْرَ وَكَبَّرَ؛ لِأَنَّهُ نَوَى إيجَادَ مَا لَيْسَ بِمَوْجُودٍ فَصَارَ خَارِجًا مِنْ الْأُولَى دَاخِلًا فِي الثَّانِيَةِ، فَإِنْ صَلَّوْا الْعَصْرَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ هَكَذَا، فَإِنْ قَعَدُوا فِي الثَّانِيَةِ جَازَتْ صَلَاتُهُمْ، وَمَا زَادُوا مِنْ الرَّكْعَتَيْنِ نَافِلَةٌ لَهُمْ، فَإِنْ لَمْ يَقْعُدُوا فِي الثَّانِيَةِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُمْ لِاشْتِغَالِهِمْ بِالنَّفْلِ قَبْلَ إكْمَالِ الْفَرْضِ، حَتَّى لَوْ سَلَّمَ سَاهِيًا بَعْدَ ثَلَاثِ رَكَعَاتٍ فَجَدَّدَ التَّكْبِيرَ وَصَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ لَا تُجْزِئْهُ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْعُدْ بَعْدَ الرَّكْعَةِ الرَّابِعَةِ حَتَّى صَلَّى رَكْعَةً أُخْرَى وَذَلِكَ مُفْسِدٌ لِفَرْضِهِ
قَالَ: (رَجُل صَلَّى رَكْعَةً ثُمَّ جَاءَ قَوْمٌ فَاقْتَدُوا بِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute