قَبْلَ أَنْ يَسْقُطَ أَوْ بَعْدَ الْإِسْقَاطِ، فَالْغُرَّةُ لِلَّذِي أَعْتَقَ الْوَلَدَ؛ لِأَنَّهُ يُحْكَمُ بِمَوْتِ الْجَنِينِ عِنْدَ الضَّرْبَةِ، وَلِهَذَا وَجَبَ الْبَدَلُ بِهِ، وَعِنْدَ ذَلِكَ كَانَا مَمْلُوكِينَ فَلَا يَرِثَانِهِ وَإِنْ عَتَقَا بَعْدَ ذَلِكَ بَلْ الْمِيرَاثُ لِلْمُعْتَقِ، وَإِنَّمَا يَسْتَقِيمُ هَذَا الْجَوَابُ وَهُوَ أَنَّ وَلَاءَ الْجَنِينِ لِلْمُعْتَقِ إذَا كَانَ عِتْقُ مَا فِي الْبَطْنِ أَوَّلًا، أَوْ كَانَا سَوَاءً، فَأَمَّا إذَا أَعْتَقَ الْوَارِثُ الْأُمَّ أَوَّلًا فَإِنَّ الْجَنِينَ يُعْتَقُ بِعِتْقِ الْأُمِّ، وَيَكُونُ الْوَارِثُ ضَامِنًا لِلْمُوصَى لَهُ قِيمَةَ الْجَنِينِ يَوْمَ تَلِدُ، وَلَا يُتَصَوَّرُ الْإِعْتَاقُ مِنْ جِهَتِهِ فِي الْجَنِينِ بَعْدَ ذَلِكَ، وَلَا يَثْبُتُ لَهُ وَلَاؤُهُ وَإِذَا أَعْتَقَ الرَّجُلُ مَا فِي بَطْنِ أَمَتِهِ فَوَلَدَتْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ، فَقَالَتْ لِلْمَوْلَى: قَدْ أَقْرَرْتَ أَنِّي حَامِلٌ بِقَوْلِكِ: مَا فِي بَطْنِك حُرٌّ. وَقَالَ الْمَوْلَى: هَذَا حَبَلٌ حَادِثٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَوْلَى لِإِنْكَارِهِ، وَمَا تَقَدَّمَ لَا يَكُونُ إقْرَارًا مِنْهُ بِوُجُودِ الْوَلَدِ فِي الْبَطْنِ يَوْمئِذٍ، بَلْ مَعْنَاهُ مَا فِي بَطْنِكِ حُرٌّ إنْ كَانَ فِي بَطْنِك وَلَدٌ، وَلَوْ أَعْتَقَ أَمَتَهُ وَهِيَ مُعْتَدَّةٌ فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ لِتَمَامِ سَنَتَيْنِ مِنْ وَقْتِ وُجُوبِ الْعِدَّةِ عَلَيْهَا فَهُوَ مَوْلًى لِمَوَالِي الْأُمِّ لِأَنَّا حَكَمْنَا بِأَنَّ الْعُلُوقَ كَانَ سَابِقًا عَلَى إعْتَاقِهِ إيَّاهَا حِينَ أَثْبَتْنَا نَسَبَ الْوَلَدِ مِنْ الزَّوْجِ، فَإِنْ وَلَدَتْ وَلَدَيْنِ أَحَدُهُمَا لِتَمَامِ سَنَتَيْنِ وَالْآخَرُ بَعْدَ ذَلِكَ بِيَوْمٍ، فَكَذَلِكَ أَيْضًا هَكَذَا ذَكَرَهُ فِي الْأَصْلِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى فَأَمَّا عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَكُونُ الْوَلَدُ لِمَوَالِي الْأَبِ هُنَا، وَكَأَنَّهَا وَلَدَتْهُمَا لِأَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ قَالَ: أَتْبِعْ الشَّكَّ الْيَقِينَ وَهُمَا يُتْبِعَانِ الثَّانِي الْأَوَّلَ، وَقَدْ بَيَّنَّا هَذَا فِيمَا أَمْلَيْنَاهُ مِنْ شَرْحِ الزِّيَادَاتِ.
وَلَا يَمِينَ فِي الْوَلَاءِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ ادَّعَى الْأَعْلَى أَوْ الْأَسْفَلَ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى: فِيهِ الْيَمِينُ وَقَدْ بَيَّنَّا هَذَا مَعَ نَظَائِرِهِ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ وَالدَّعْوَى، وَلَا خِلَافَ أَنَّ الْمَوْلَى إذَا جَحَدَ الْعِتْقَ فَإِنَّهُ يُسْتَحْلَفُ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ مِمَّا يَعْمَلُ فِيهِ الْبَدَلُ فَيَجْرِي فِيهِ الِاسْتِحْلَافُ وَعِنْدَ نُكُولِهِ يُقْضَى بِالْعِتْقِ، ثُمَّ الْوَلَاءُ يَنْبَنِي عَلَيْهِ، وَهُوَ نَظِيرُ الْمَرْأَةِ تُسْتَحْلَفُ فِي انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، ثُمَّ إذَا نَكَلَتْ يَنْبَنِي عَلَيْهِ صِحَّةُ رَجْعَةِ الزَّوْجِ، وَكَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى رَجُلٌ عَرَبِيٌّ عَلَى وَرَثَةِ مَيِّتٍ قَدْ تَرَكَ ابْنَةً وَمَالًا أَنَّهُ مَوْلَاهُ الَّذِي أَعْتَقَهُ، وَلَهُ نِصْفُ مِيرَاثِهِ فَلَا يَمِينَ عَلَى الِابْنَةِ فِي الْوَلَاءِ، وَلَكِنْ تَحْلِفُ أَنَّهَا مَا تَعْلَمُ لَهُ فِي مِيرَاثِ أَبِيهَا حَقًّا وَلَا إرْثًا؛ لِأَنَّ هَذَا اسْتِحْلَافٌ فِي الْمَالِ، وَالْمَالُ مِمَّا يُعْمَلُ فِيهِ الْبَدَلُ وَهُوَ كَمَنْ ادَّعَى مِيرَاثًا بِنَسَبٍ لَا يُسْتَحْلَفُ الْمُنْكِرُ عَلَى النَّسَبِ عِنْدَهُ، وَيُسْتَحْلَفُ عَلَى الْمِيرَاثِ، وَإِنْ ادَّعَى عَرَبِيٌّ عَلَى نَبَطِيٍّ أَنَّهُ وَالَاهُ، وَجَحَدَهُ النَّبَطِيُّ فَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. وَوَلَاءُ الْمُوَالَاةِ فِي هَذَا كَوَلَاءِ الْعَتَاقَةِ فَإِنْ أَقَرَّ بِهِ بَعْدَ إنْكَارِهِ فَهُوَ مَوْلَاهُ، وَلَا يَكُونُ جُحُودُهُ نَقْضًا لِلْوَلَاءِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute