للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْعَرَبِيُّ هُوَ الْجَاحِدُ؛ لِأَنَّ النَّقْضَ تَصَرُّفٌ فِي الْعَقْدِ بِالرَّفْعِ بَعْدَ الثُّبُوتِ وَإِنْكَارِ أَصْلِ الشَّيْءِ لَا يَكُونُ تَصَرُّفًا فِيهِ بِالرَّفْعِ كَإِنْكَارِ الزَّوْجِ لِأَصْلِ النِّكَاحِ، وَإِنْ ادَّعَى نَبَطِيٌّ عَلَى عَرَبِيٍّ أَنَّهُ مَوْلَاهُ الَّذِي أَعْتَقَهُ وَالْعَرَبِيُّ غَائِبٌ، ثُمَّ ادَّعَى النَّبَطِيُّ ذَلِكَ عَلَى آخَرَ وَأَرَادَ اسْتِحْلَافَهُ فَإِنَّهُ لَا حَلِفَ لِوَجْهَيْنِ: (أَحَدُهُمَا) أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَرَى الِاسْتِحْلَافَ فِي الْوَلَاءِ.

(وَالثَّانِي) أَنَّهُ قَدْ ادَّعَى ذَلِكَ عَلَى غَيْرِهِ، وَلَوْ أَقَرَّ الثَّانِي لَهُ بِذَلِكَ لَمْ يَكُنْ مَوْلَاهُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَكَيْفَ يُسْتَحْلَفُ عَلَى ذَلِكَ وَعِنْدَهُمَا إنْ قَدِمَ الْغَائِبُ فَادَّعَى الْوَلَاءَ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ، وَإِنْ أَنْكَرَ فَهُوَ مَوْلًى لِلثَّانِي.

رَجُلٌ مِنْ الْمَوَالِي قَتَلَ رَجُلًا خَطَأً فَادَّعَى وَرَثَتُهُ عَلَى رَجُلٍ مِنْ قَبِيلَةٍ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ وَأَرَادُوا اسْتِحْلَافَهُ فَلَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمِينَ فِي الْوَلَاءِ؛ وَلِأَنَّهُ لَيْسَ بِخَصْمٍ لَهُمْ، وَإِنْ أَقَرَّ الرَّجُلُ بِهِ لَمْ يُصَدَّقْ عَلَى الْعَاقِلَةِ؛ لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ فِي حَقِّ الْعَاقِلَةِ، وَإِنَّمَا يُرِيدُ أَنْ يُلْزِمَهُمْ مَالًا بِإِقْرَارِهِ، وَهُوَ لَا يَمْلِكُ أَنْ يُلْزِمَهُمْ ذَلِكَ بِإِنْشَاءِ التَّصَرُّفِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ، فَكَذَلِكَ بِالْإِقْرَارِ، وَتَكُونُ الدِّيَةُ عَلَى الْقَاتِلِ فِي مَالِهِ؛ لِأَنَّ أَصْلَ وُجُوبِ الدِّيَةِ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ، وَإِنْ كَانَ الْمَقْتُولُ مِنْ الْمَوَالِي فَادَّعَى رَجُلٌ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ قَبْلَ الْقَتْلِ وَأَنَّهُ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ، وَأَرَادَ اسْتِحْلَافَ الْقَاتِلِ عَلَى الْوَلَاءِ، وَهُوَ مُقِرٌّ بِالْقَتْلِ لَمْ يُسْتَحْلَفْ عَلَيْهِ، وَلَكِنْ يَحْلِفُ مَا يَعْلَمُ لِهَذَا فِي دِيَةِ فُلَانٍ الْمُسَمَّى عَلَيْك حَقًّا؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِمَا ادَّعَاهُ الْمُدَّعِي أُمِرَ بِتَسْلِيمِ الدِّيَةِ إلَيْهِ فَإِذَا أَنْكَرَ يُسْتَحْلَفُ عَلَى ذَلِكَ لِرَجَاءِ نُكُولِهِ فَأَمَّا أَصْلُ الْوَلَاءِ فَلَا يَمِينَ فِيهِ عَلَى مِنْ يَدَّعِيهِ فَكَيْفَ عَلَى غَيْرِهِ.

وَوَلَدُ الْمُلَاعَنَةِ مِنْ قَوْمِ أُمِّهِ، وَعَقْلُ جِنَايَتِهِ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّهُ لَا نَسَبَ وَلَا وَلَاءَ مِنْ جَانِبِ الْأَبِ، فَيَكُونُ مَنْسُوبًا إلَى قَوْمِ الْأُمِّ بِالنَّسَبِ إنْ كَانَتْ مِنْ الْعَرَبِ وَبِالْوَلَاءِ إنْ كَانَتْ مِنْ الْمَوَالِي، فَإِنْ أَعْتَقَ ابْنُ الْمُلَاعَنَةِ عَبْدًا فَعَقْلُ جِنَايَتِهِ عَلَى عَاقِلَةِ الْأُمِّ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْمُعْتَقَ مَنْسُوبٌ بِالْوَلَاءِ إلَى مِنْ يُنْسَبُ إلَيْهِ الْمُعْتِقُ بِوَاسِطَةٍ، وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ الْمُعْتِقَ مَنْسُوبٌ إلَى قَوْمِ أُمِّهِ عَلَيْهِمْ عَقْلُ جِنَايَتِهِ، فَكَذَلِكَ مُعْتَقُهُ وَإِنْ مَاتَ الْعَبْدُ بَعْدَ مَوْتِ الِابْنِ وَأُمِّهِ وَلَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ، وَرِثَهُ أَقْرَبُ النَّاسِ مِنْ الْأُمِّ مِنْ الْعَصَبَاتِ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ لَمَّا كَانَ مَنْسُوبًا إلَيْهَا كَانَتْ هِيَ فِي حَقِّهِ كَالْأَبِ، وَلَوْ كَانَ لَهُ أَبٌ كَانَ مِيرَاثُ مُعْتَقِهِ لِأَقْرَبِ عُصْبَةِ الْأَبِ بَعْدَ مَوْتِهِ، فَكَذَلِكَ هُنَا وَلَوْ كَانَ لَهَا ابْنٌ ثُمَّ مَاتَ الْمَوْلَى وَلَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُ ابْنِ الْأُمِّ، وَهُوَ أَخٌ الْمُعْتِقِ لِأُمِّهِ، فَإِنَّهُ يَرِثُ الْمَوْلَى كَأَنَّهُ أَخُ الْمُعْتِقِ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ؛ وَلِأَنَّ هَذَا الِابْنَ أَقْرَبُ عَصَبَةِ الْأُمِّ فِي نِسْبَةِ الْمُعْتِقِ إلَيْهَا كَالْأَبِ، فَكَذَلِكَ ابْنُهَا فِي اسْتِحْقَاقِ مِيرَاثِ الْمُعْتِقِ كَابْنِ الْأَبِ.

وَلَوْ كَانَ لِلْمُعْتَقِ أَخٌ وَأُخْتٌ كَانَ مِيرَاثُ الْمَوْلَى لِلْأَخِ دُونَ الْأُخْتِ لِهَذَيْنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>