فِي آخِرِ الْوَقْتِ الْمُسَمَّى وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يَحْنَثُ فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَتَوَقَّتُ انْعِقَادُ الْيَمِينِ إذَا كَانَ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ فِي وُسْعِهِ إيجَادُهُ عِنْدَ ذَلِكَ، فَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي وُسْعِهِ إيجَادُهُ كَانَ تَوْقِيتُهُ لَغْوًا فَيَحْنَثُ فِي الْحَالِ، وَهَكَذَا عَلَى مَذْهَبِهِ فِي مَسْأَلَةِ شُرْبِ الْمَاءِ الَّذِي فِي الْكُوزِ إذَا وَقَّتَ يَمِينَهُ، فَإِنْ كَانَ فِي الْكُوزِ مَاءٌ لَمْ يَحْنَثْ إلَّا فِي آخِرِ الْوَقْتِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْكُوزِ مَاءٌ حَنِثَ فِي الْحَالِ.
وَلَوْ حَلَفَ بِطَلَاقِ امْرَأَتِهِ لَيَأْتِيَنَّ الْبَصْرَةَ فَمَاتَ قَبْلَ ذَلِكَ طَلُقَتْ عِنْدَ الْمَوْتِ؛ لِأَنَّ بِمَوْتِهِ فَاتَ شَرْطُ الْبِرِّ وَهُوَ إتْيَانُ الْبَصْرَةِ، وَلَا نَقُولُ: إنَّهُ يَحْنَثُ بَعْدَ مَوْتِهِ وَلَكِنَّهُ كَمَا أَشْرَفَ عَلَى الْمَوْتِ وَتَحَقَّقَ عَجْزُهُ عَنْ إتْيَانِ الْبَصْرَةِ حَنِثَ حَتَّى إنْ كَانَ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا فَلَا مِيرَاثَ لَهَا وَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا، وَإِنْ كَانَ قَدْ دَخَلَ بِهَا فَلَهَا الْمِيرَاثُ وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ وَتَعْتَدُّ إلَى أَبْعَدِ الْأَجَلَيْنِ بِمَنْزِلَةِ امْرَأَةِ الْفَارِّ، فَإِنْ مَاتَتْ هِيَ وَهُوَ حَيٌّ لَمْ تَطْلُقْ؛ لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى إتْيَانِ الْبَصْرَةِ بَعْدَ مَوْتِهَا فَلَمْ يَتَحَقَّقْ شَرْطُ الْحِنْثِ بِمَوْتِهَا.
وَلَوْ حَلَفَ بِطَلَاقِ امْرَأَتِهِ إنْ لَمْ تَأْتِ الْبَصْرَةَ هِيَ فَمَاتَتْ فَلَا مِيرَاثَ لِلزَّوْجِ؛ لِأَنَّهَا لَمَّا أَشْرَفَتْ عَلَى الْمَوْتِ فَقَدْ تَحَقَّقَ عَجْزُهَا عَنْ إتْيَانِ الْبَصْرَةِ فَتَطْلُقُ ثَلَاثًا قَبْلَ مَوْتِهَا، وَلَوْ مَاتَ الزَّوْجُ كَانَ لَهَا الْمِيرَاثُ؛ لِأَنَّهَا تَقْدِرُ عَلَى إتْيَانِ الْبَصْرَةِ بَعْدَ مَوْتِهِ.
وَلَوْ حَلَفَ بِعِتْقِ كُلِّ مَمْلُوكٍ لَهُ لَا يُكَلِّمُ فُلَانًا فَإِنَّمَا يَتَنَاوَلُ هَذَا اللَّفْظُ الْمَوْجُودَ فِي مِلْكِهِ حِينَ حَلَفَ، فَإِنْ بَقِيَ فِي مِلْكِهِ إلَى وَقْتِ الْكَلَامِ عَتَقَ وَإِلَّا فَلَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي مِلْكِهِ حِينَ حَلَفَ مَمْلُوكٌ لَمْ يَنْعَقِدْ يَمِينُهُ.
وَلَوْ قَالَ: إذَا كَلَّمْت فُلَانًا فَكُلُّ مَمْلُوكٍ لِي يَوْمَ أُكَلِّمُهُ حُرٌّ فَهُوَ كَمَا قَالَ، إذَا مَلَكَ مَمْلُوكًا ثُمَّ كَلَّمَهُ عَتَقَ.
وَإِنْ قَالَ: كُلُّ مَمْلُوكٍ أَشْتَرِيهِ حُرٌّ يَوْمَ أُكَلِّمُ فُلَانًا فَاشْتَرَى رَقِيقًا ثُمَّ كَلَّمَ فُلَانًا ثُمَّ اشْتَرَى آخَرِينَ عَتَقَ الَّذِينَ اشْتَرَاهُمْ قَبْلَ الْكَلَامِ وَلَمْ يَعْتِقْ الَّذِينَ اشْتَرَاهُمْ بَعْدَ الْكَلَامِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ كُلُّ مَمْلُوكٍ أَشْتَرِيه شَرْطٌ، وَقَوْلُهُ فَهُوَ حُرٌّ يَوْمَ أُكَلِّمُ فُلَانًا جَزَاءً لِمَا بَيَّنَّا أَنَّ الْجَزَاءَ مَا يَتَعَقَّبُ حَرْفَ الْجَزَاءِ، فَإِنَّمَا جَعَلَ الْجَزَاءَ عِتْقًا مُعَلَّقًا بِالْكَلَامِ، وَهَذَا يَتَحَقَّقُ فِي الَّذِينَ اشْتَرَاهُمْ قَبْلَ الْكَلَامِ.
وَلَوْ تَنَاوَلَ كَلَامُهُ الَّذِينَ اشْتَرَاهُمْ بَعْدَ الْكَلَامِ لَعَتَقُوا بِنَفْسِ الشِّرَاءِ فَلَمْ يَكُنْ هَذَا هُوَ الْجَزَاءُ الَّذِي عَلَّقَهُ بِالشِّرَاءِ، وَإِنْ حَلَفَ بِعِتْقِ عَبْدِهِ إنْ لَمْ يُكَلِّمْ فُلَانًا فَمَاتَ الْحَالِفُ عَتَقَ الْعَبْدَ مِنْ ثُلُثِهِ؛ لِأَنَّ شَرْطَ حِنْثِهِ فَوْتُ الْكَلَامِ فِي حَيَاتِهِ، وَذَلِكَ يَتَحَقَّقُ عِنْدَ مَوْتِهِ فَكَانَ هَذَا بِمَنْزِلَةِ الْعِتْقِ فِي الْمَرَضِ فَيُعْتَبَرُ مِنْ ثُلُثِهِ.
وَإِنْ مَاتَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ وَبَقِيَ الْحَالِفُ عَتَقَ الْعَبْدُ لِفَوَاتِ شَرْطِ الْبِرِّ وَهُوَ الْكَلَامُ مَعَ فُلَانٍ فَإِنَّ الْمَيِّتَ لَا يُكَلَّمُ، فَإِنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute