الْمَطْلُوبِ لَمْ يَحْنَثْ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْحَوَالَةَ تَنْفَسِخُ بِالتَّوَى وَلَا يَتَبَيَّنُ أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ وَإِنَّمَا تَنْفَسِخُ الْحَوَالَةُ فِي حَقِّ حُكْمٍ يَحْتَمِلُ الْفَسْخَ، وَسُقُوطُ الْيَمِينِ لَا يَحْتَمِلُ الْفَسْخَ فَلِهَذَا لَا يَعُودُ الْيَمِينُ بِانْفِسَاخِ الْحَوَالَةِ وَإِنْ لَمْ يَحِلَّ بِالْمَالِ وَلَكِنَّهُ قَضَاهُ وَفَارَقَهُ ثُمَّ وَجَدَهُ زُيُوفًا أَوْ بَهْرَجَةً أَوْ سُتُّوقًا فَإِنْ كَانَ الْغَالِبُ عَلَيْهِ الْفِضَّةُ لَمْ يَحْنَثْ، وَإِنْ رَدَّهُ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَوْفٍ بِالْقَبْضِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ تَجَوَّزَ بِهَا فِي الصَّرْفِ وَالسَّلَمِ جَازَ؟ فَتَمَّ شَرْطُ بِرِّهِ ثُمَّ انْتَقَضَ قَبْضُهُ بِالرَّدِّ فَلَا يَنْتَقِضُ بِهِ حُكْمُ الْبِرِّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْتَمِلُ الِانْتِقَاضَ وَإِنْ كَانَ الْغَالِبُ النُّحَاسُ كَالسَّتُّوقَةِ فَهُوَ حَانِثٌ؛ لِأَنَّهُ مَا صَارَ مُسْتَوْفِيًا حَقَّهُ بِالْقَبْضِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ تَجَوَّزَ بِهِ فِي الصَّرْفِ وَالسَّلَمِ لَا يَجُوزُ.
وَإِنْ اسْتَحَقَّ الْمَقْبُوضَ مِنْ يَدِهِ لَمْ يَحْنَثْ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَوْفٍ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ أَجَازَهُ الْمُسْتَحِقُّ بَعْدَ الِافْتِرَاقِ فِي الصَّرْفِ وَالسَّلَمِ جَازَ؟ ثُمَّ انْتَقَضَ قَبْضُهُ بِالِاسْتِحْقَاقِ بَعْدَ حُصُولِ الِاسْتِيفَاءِ وَشَرْطُ الْبِرِّ لَا يَحْتَمِلُ الِانْتِقَاضَ.
وَإِنْ حَلَفَ لَيُعْطِيَنَّهُ حَقَّهُ عَنْ قَرِيبٍ فَهُوَ وَقَوْلُهُ عَاجِلًا سَوَاءٌ، وَإِنْ نَوَى وَقْتًا فَهُوَ عَلَى مَا نَوَى؛ لِأَنَّ الدُّنْيَا كُلَّهَا قَرِيبٌ عَاجِلٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فَهُوَ عَلَى أَقَلِّ مِنْ شَهْرٍ اسْتِحْسَانًا وَقَدْ بَيَّنَّا هَذَا.
وَإِنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَحْبِسَ عَنْهُ مِنْ حَقِّهِ شَيْئًا وَلَا نِيَّةَ لَهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يُعْطِيَهُ سَاعَةَ حَلَفَ؛ لِأَنَّ الْحَبْسَ عِبَارَةٌ عَنْ التَّأْخِيرِ فَإِنْ لَمْ يُؤَخِّرْهُ بَعْدَ الْحَلِفِ لَمْ يَكُنْ حَابِسًا، وَإِنْ أَخَّرَهُ كَانَ حَابِسًا وَلَكِنَّ الْحَبْسَ قَدْ يَطُولُ وَيَقْصُرُ فَإِنْ حَاسَبَهُ فَأَعْطَاهُ كُلَّ شَيْءٍ لَهُ عِنْدَهُ وَأَقَرَّ بِذَلِكَ الطَّالِبُ ثُمَّ أَتَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِأَيَّامٍ فَقَالَ: بَقِيَ لِي عِنْدَك كَذَا مِنْ قَبْلِ كَذَا فَذَكَرَ الْمَطْلُوبَ ذَلِكَ وَقَدْ كَانَ نَسِيَا ذَلِكَ جَمِيعًا لَمْ يَحْنَثْ إذَا أَعْطَاهُ سَاعَتَئِذٍ، أَوْ قَالَ لَهُ: خُذْهُ؛ لِأَنَّ الْحَبْسَ لَا يَتَحَقَّقُ فِيمَا لَا يَكُونُ مَعْلُومًا لَهُمَا وَبَعْدَ التَّذَكُّرِ لَمْ يَحْبِسْهُ وَلَكِنَّهُ أَعْطَاهُ بِالْمُنَاوَلَةِ أَوْ التَّخْلِيَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ فَلِهَذَا لَمْ يَحْنَثْ.
وَإِنْ حَلَفَ لَا يَقْعُدُ عَلَى الْأَرْضِ وَلَا نِيَّةَ لَهُ فَقَعَدَ عَلَى بِسَاطٍ أَوْ غَيْرِهِ لَمْ يَحْنَثْ؛ لِأَنَّ الْقَاعِدَ عَلَى الْأَرْضِ مَنْ يُبَاشِرُ الْأَرْضَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَرْضِ مَا هُوَ مُنْفَصِلٌ عَنْهُ وَلَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ وَفِي الْعُرْفِ الرَّجُلُ يَقُولُ لِغَيْرِهِ اجْلِسْ عَلَى الْبِسَاطِ وَلَا تَجْلِسْ عَلَى الْأَرْضِ وَيَقُولُ فُلَانٌ جَالِسٌ عَلَى الْأَرْضِ وَفُلَانٌ عَلَى الْبِسَاطِ وَالْعُرْفُ مُعْتَبَرٌ فِي الْأَيْمَانِ.
وَإِنْ قَعَدَ عَلَى الْأَرْضِ وَلِبَاسُهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَرْضِ حَنِثَ؛ لِأَنَّهُ يُسَمَّى فِي النَّاسِ قَاعِدًا عَلَى الْأَرْضِ وَلِأَنَّ الْمَلْبُوسَ تَبِعَ اللَّابِسَ فَلَا يَصِيرُ حَائِلًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَرْضِ وَلِأَنَّ الْإِنْسَانَ إنَّمَا يَمْتَنِعُ مِنْ الْجُلُوسِ عَلَى الْأَرْضِ لِكَيْ لَا تَضُرَّ بِهِ وَهَذَا يُوجَدُ، وَإِنْ كَانَ ذَيْلُهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَرْضِ وَلَا يُوجَدُ إذَا جَلَسَ عَلَى بِسَاطٍ
وَإِنْ حَلَفَ لَا يَمْشِي عَلَى الْأَرْضِ فَمَشَى عَلَيْهَا بِنَعْلٍ أَوْ خُفٍّ حَنِثَ؛ لِأَنَّ الْمَشْيَ عَلَى الْأَرْضِ هَكَذَا يَكُونُ فِي الْعُرْفِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute