للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَصْحَابُهُ يَقُولُونَ بِالتَّطْبِيقِ وَصُورَتُهُ أَنْ يَضُمَّ إحْدَى الْكَفَّيْنِ إلَى الْآخِرِ وَيُرْسِلَهُمَا بَيْنَ فَخِذَيْهِ، وَرَأَى سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - ابْنًا لَهُ يُطْبِقُ فَنَهَاهُ فَقَالَ رَأَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ يَفْعَلُ هَكَذَا فَقَالَ رَحِمَ اللَّهُ ابْنَ أُمِّ عَبْدٍ كُنَّا أُمِرْنَا بِهَذَا، ثُمَّ نُهِينَا عَنْهُ، وَفِي حَدِيثِ الْأَعْرَابِيِّ حِينَ عَلَّمَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الصَّلَاةَ قَالَ: «ثُمَّ ارْكَعْ وَضَعْ يَدَيْكَ عَلَى رُكْبَتَيْكَ»، وَهَكَذَا فِي حَدِيثِ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -.

قَالَ: (وَفَرَّجَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ) وَلَا يُنْدَبُ إلَى التَّفْرِيقِ بَيْنَ الْأَصَابِعِ فِي شَيْءٍ مِنْ أَحْوَالِ الصَّلَاةِ إلَّا هَذَا لِيَكُونَ مِنْ الْأَخْذِ بِالرُّكْبَةِ، فَإِنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قَالَ يَا مَعْشَرَ النَّاسِ أُمِرْنَا بِالرُّكَبِ فَخُذُوا بِالرُّكَبِ.

قَالَ: (وَبَسَطَ ظَهْرَهُ) لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَعَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا -: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا رَكَعَ بَسَطَ ظَهْرَهُ حَتَّى لَوْ وُضِعَ عَلَى ظَهْرِهِ قَدَحٌ مِنْ مَاءٍ لَاسْتَقَرَّ».

قَالَ: (وَلَا يُنَكِّسُ رَأْسَهُ وَلَا يَرْفَعُهُ) وَمَعْنَاهُ يُسَوِّي رَأْسَهُ بِعَجُزِهِ، لِمَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «نَهَى أَنْ يَذْبَحَ الْمُصَلِّي تَذَبُّخَ الْحِمَارِ»، يَعْنِي إذَا شَمَّ الْبَوْلَ أَوْ أَرَادَ أَنْ يَتَمَرَّغَ.

قَالَ: (وَإِذَا اطْمَأَنَّ رَاكِعًا رَفَعَ رَأْسَهُ) وَالطُّمَأْنِينَةُ مَذْكُورَةٌ فِي حَدِيثِ الْأَعْرَابِيِّ قَالَ: «ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى يَطْمَئِنَّ كُلُّ عُضْوٍ مِنْكَ»، وَكَذَلِكَ قَالَ فِي السُّجُودِ وَعِنْدَ رَفْعِ الرَّأْسِ وَهَكَذَا فِي حَدِيثِ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - حِينَ عَلَّمَهُ الصَّلَاةَ قَالَ: «ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى يَسْتَقِرَّ كُلُّ عُضْوٍ مِنْكَ»، ثُمَّ قَالَ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ: «فَإِنَّهَا مِنْ سُنَّتِي، وَمَنْ تَبِعَ سُنَّتِي فَقَدْ تَبِعَنِي، وَمَنْ تَبِعَنِي كَانَ مَعِي فِي الْجَنَّةِ».

ثُمَّ (يَقُولُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ وَيَقُولُ مَنْ خَلْفَهُ: رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ) وَلَمْ يَقُلْهَا الْإِمَامُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَيَقُولُهَا فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ، لِحَدِيثِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا -: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ»، وَعَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ ثَلَاثٌ يُخْفِيهِنَّ الْإِمَامُ، وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَرْبَعٌ يُخْفِيهِنَّ الْإِمَامُ، وَفِي جُمْلَتِهِ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ وَلِأَنَّا لَا نَجِدُ شَيْئًا مِنْ أَذْكَارِ الصَّلَاةِ يَأْتِي بِهِ الْمُقْتَدِي دُونَ الْإِمَامِ فَقَدْ يَخْتَصُّ الْإِمَامُ بِبَعْضِ الْأَذْكَارِ كَالْقِرَاءَةِ وَلِأَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «وَإِذَا قَالَ الْإِمَامُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فَقُولُوا رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ»، فَقَسَمَ هَذَيْنِ الذِّكْرَيْنِ بَيْنَ الْإِمَامِ وَالْمُقْتَدِي وَمُطْلَقُ الْقِسْمَةِ يَقْتَضِي أَنْ لَا يُشَارِكَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ فِي قِسْمِهِ وَلِأَنَّ الْمُقْتَدِيَ يَقُولُ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ عِنْدَ قَوْلِ الْإِمَامِ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فَلَوْ قَالَ الْإِمَامُ ذَلِكَ لَكَانَتْ مَقَالَتُهُ بَعْدَ مَقَالَةِ الْمُقْتَدِي وَهَذَا خِلَافُ مَوْضُوعِ الْإِمَامَةِ. وَتَأْوِيلُ الْحَدِيثِ الْمَرْفُوعِ

<<  <  ج: ص:  >  >>