فَكَلَّمَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ وَجُبَيْرُ بْنُ مُطْعِمٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَا نَحْنُ وَبَنُو الْمُطَّلِبِ فِي النَّسَبِ إلَيْك سَوَاءٌ فَأَعْطَيْتَهُمْ دُونَنَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إنَّا لَمْ نَزَلْ نَحْنُ وَبَنُو الْمُطَّلِبِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَالْإِسْلَامِ مَعًا» وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ قَالَا: لَا يُنْكِرُ فَضْلَ بَنِي هَاشِمٍ لِمَكَانِك الَّذِي وَضَعَك اللَّهُ تَعَالَى فِيهِمْ وَلَكِنْ نَحْنُ وَإِخْوَانُنَا مِنْ بَنِي الْمُطَّلِبِ إلَيْك فِي النَّسَبِ سَوَاءٌ فَمَا بَالُك أَعْطَيْتَهُمْ وَحَرَمْتَنَا فَقَالَ: «إنَّهُمْ لَمْ يُفَارِقُونِي فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَلَا فِي الْإِسْلَامِ» وَفِي رِوَايَةٍ «فَإِنَّمَا بَنُو هَاشِمٍ وَبَنُو الْمُطَّلِبِ كَشَيْءٍ وَاحِدٍ» وَفِي رِوَايَةٍ «لَمْ نَزَلْ مَعَهُمْ هَكَذَا وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ» وَاعْتِمَادُنَا عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ فَقَدْ بَيَّنَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ بِالنُّصْرَةِ دُونَ الْقَرَابَةِ وَأَنَّ الْمُرَادَ بِالْقُرْبَى قُرْبُ النُّصْرَةِ حِينَ شَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ وَمَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّ أَصْلَ النَّسَبِ وَهُوَ عَبْدُ مَنَافٍ كَانَ لَهُ أَرْبَعَةُ بَنِينَ هَاشِمٌ وَالْمُطَّلِبُ وَنَوْفَلٌ وَعَبْدُ شَمْسٍ وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ مِنْ أَوْلَادِ هَاشِمٍ فَإِنَّهُ مُحَمَّدُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمٍ فَكَانَتْ بَنُو هَاشِمٍ أَوْلَادَ جَدِّهِ وَجُبَيْرُ بْنُ مُطْعِمٍ كَانَ مِنْ بَنِي نَوْفَلٍ وَعُثْمَانُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَانَ مِنْ بَنِي عَبْدِ شَمْسٍ وَوَلَدُ جَدِّ الْإِنْسَانِ أَقْرَبُ إلَيْهِ مِنْ وَلَدِ أَخِ جَدِّهِ فَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِمَا لَا نُنْكِرُ فَضْلَ بَنِي هَاشِمٍ فَأَمَّا بَنُو نَوْفَلٍ وَبَنُو عَبْدِ شَمْسٍ كَانُوا مَعَ بَنِي الْمُطَّلِبِ فِي الْقَرَابَةِ أُسْوَةٌ.
وَقِيلَ: بَنُو نَوْفَلٍ وَبَنُو عَبْدِ شَمْسٍ كَانُوا أَقْرَبَ إلَيْهِ مِنْ بَنِي الْمُطَّلِبِ لِأَنَّ نَوْفَلًا وَعَبْدَ شَمْسٍ كَانَا أَخَوَيْ هَاشِمٍ لِأَبٍ وَأُمٍّ وَالْمُطَّلِبُ كَانَ أَخَا هَاشِمٍ لِأَبِيهِ لَا لِأُمِّهِ وَالْأَخُ لِأَبٍ وَأُمٍّ أَقْرَبُ إلَى الْمَرْءِ مِنْ الْأَخِ لِأَبٍ ثُمَّ أَعْطَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَنِي الْمُطَّلِبِ وَلَمْ يُعْطِ بَنِي نَوْفَلٍ وَبَنِي عَبْدِ شَمْسٍ فَأَشْكَلَ ذَلِكَ عَلَيْهِمَا فَلِذَلِكَ سَأَلَاهُ ثُمَّ أَزَالَ إشْكَالَهُمَا بِبَيَانِ عِلَّةِ الِاسْتِحْقَاقِ أَنَّهُ النُّصْرَةُ دُونَ الْقَرَابَةِ وَلَمْ يُرِدْ بِهِ نُصْرَةَ الْقِتَالِ فَقَدْ كَانَ ذَلِكَ مَوْجُودًا مِنْ عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَجُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ وَإِنَّمَا أَرَادَ نُصْرَةَ الِاجْتِمَاعِ إلَيْهِ لِلْمُؤَانَسَةِ فِي حَالِ مَا هَجَرَهُ النَّاسُ عَلَى مَا رُوِيَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا بَعَثَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ بَنِي هَاشِمٍ وَرَأَتْ قُرَيْشٌ آثَارَ الْخَيْرِ فِيهِمْ حَسَدُوهُمْ وَتَعَاقَدُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ أَنْ لَا يُجَالِسُوا بَنِي هَاشِمٍ وَلَا يُكَلِّمُوهُمْ حَتَّى يَدْفَعُوا إلَيْهِمْ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِيَقْتُلُوهُ وَتَعَاقَدَ بَنُو هَاشِمٍ فِيمَا بَيْنَهُمْ عَلَى الْقِيَامِ بِنُصْرَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَدَخَلَ بَنُو نَوْفَلٍ وَبَنُو عَبْدِ شَمْسٍ فِي عَهْدِ قُرَيْشٍ وَدَخَلَ بَنُو الْمُطَّلِبِ فِي عَهْدِ بَنِي هَاشِمٍ حَتَّى دَخَلُوا مَعَهُمْ الشِّعْبَ فَكَانُوا فِيهِ ثَلَاثَ سِنِينَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute