للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حَتَّى أَكَلُوا الْعِلْهِزَ مِنْ جَهْدِ الْقِصَّةِ.

وَإِلَيْهِ أَشَارَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّا لَمْ نَزَلِ نَحْنُ وَبَنُو الْمُطَّلِبِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَالْإِسْلَامِ مَعًا» وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ بِتِلْكَ النُّصْرَةِ وَلَا تَبْقَى تِلْكَ النُّصْرَةُ بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَا يَبْقَى الِاسْتِحْقَاقُ لَا لِلِانْتِسَاخِ بَعْدَ مَوْتِهِ بَلْ لِانْعِدَامِ الْحُكْمِ لِعَدَمِ عِلَّتِهِ وَهَذَا مَعْنَى مَا قُلْنَا: إنَّ ذَلِكَ كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَصْرِفُهُ إلَيْهِمْ مُجَازَاةً عَلَى تِلْكَ النُّصْرَةِ الْمَخْصُوصَةِ فَقَدْ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُكَافِئُ كُلَّ مَنْ نَصَرَهُ يَوْمًا حَتَّى قَالَ يَوْمًا لَمَّا عُرِضَ عَلَيْهِ الْأَسَارَى: لَوْ كَانَ مُطْعِمُ بْنُ عَدِيٍّ حَيًّا لَوَهَبْت هَؤُلَاءِ السَّبْيِ مِنْهُ» مُجَازَاةً لَهُ عَلَى مَا صَنَعَ وَقَدْ كَانَ مَاتَ عَلَى شِرْكِهِ وَلَكِنَّهُ قَامَ بِنُصْرَتِهِ يَوْمًا وَفِيهِ قِصَّةٌ مَعْرُوفَةٌ أَوْ نَقُولُ ثَبَتَ بِالْكِتَابِ أَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ بِالْقَرَابَةِ وَبِبَيَانِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ بِالنُّصْرَةِ وَمَا كَانَ يَنْطِقُ عَنْ الْهَوَى إنْ هُوَ إلَّا وَحَيٌّ يُوحَى فَصَارَ هَذَا الِاسْتِحْقَاقُ ثَابِتًا بِعِلَّةٍ ذَاتِ وَصْفَيْنِ الْقَرَابَةُ وَالنُّصْرَةُ وَانْعَدَمَ أَحَدُ الْوَصْفَيْنِ وَهُوَ النُّصْرَةُ بَعْدَ وَفَاتِهِ فَلَا يَبْقَى الِاسْتِحْقَاقُ كَمَا أَنَّهُ لَمَّا انْعَدَمَ أَحَدُ الْوَصْفَيْنِ فِي حَقِّ بَنِي نَوْفَلٍ وَبَنِي عَبْدِ شَمْسٍ فِي حَيَاتِهِ لَمْ يُعْطِهِمْ شَيْئًا فَبَنُو هَاشِمٍ وَبَنُو الْمُطَّلِبِ بَعْدَ وَفَاتِهِ بِمَنْزِلَةِ بَنِي نَوْفَلٍ وَبَنِي عَبْدِ شَمْسٍ فِي حَيَاتِهِ وَتَعْلِيقُ الِاسْتِحْقَاقِ بِالنُّصْرَةِ أَوْلَى مِنْهُ بِالْقَرَابَةِ لِأَنَّ الْقِيَامَ بِنُصْرَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قُرْبَةٌ وَطَاعَةٌ وَمَالُ اللَّهِ تَعَالَى يَجُوزُ أَنْ يُسْتَحَقَّ بِعَمَلٍ هُوَ قُرْبَةٌ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُسْتَحَقَّ بِنَفْسِ الْقَرَابَةِ لِأَنَّ قَرَابَةَ الرَّجُلِ سَبَبٌ لِاسْتِحْقَاقِ مَالِهِ.

فَأَمَّا مَالُ اللَّهِ تَعَالَى لَا يُسْتَحَقُّ بِالْقَرَابَةِ وَلِأَنَّ دَرَجَةَ قَرَابَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَعْلَى مِنْ أَنْ تُجْعَلَ عِلَّةً لِاسْتِحْقَاقِ شَيْءٍ مِنْ الدُّنْيَا وَلَا مَعْنَى لِمَا يَقُولُ الْخَصْمُ أَنَّ هَذَا السَّهْمَ لَهُمْ عِوَضٌ عَنْ حُرْمَةِ الصَّدَقَةِ عَلَيْهِمْ كَمَا قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «يَا مَعْشَرَ بَنِي هَاشِمٍ إنَّ اللَّهَ تَعَالَى كَرِهَ لَكُمْ غُسَالَةَ النَّاسِ وَعَوَّضَكُمْ مِنْهَا سَهْمًا مِنْ الْخُمُسِ» وَهَذَا لِأَنَّ حُرْمَةَ الصَّدَقَةِ عَلَيْهِمْ لِكَرَامَتِهِمْ فَلَا يَدْخُلُ بِهِ عَلَيْهِمْ نُقْصَانٌ يُحْتَاجُ إلَى جَبْرِهِ بِالتَّعْوِيضِ وَلَئِنْ كَانَ هَذَا السَّهْمُ عِوَضًا مِنْ حُرْمَةِ الصَّدَقَةِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَسْتَحِقَّهُ مَنْ يَسْتَحِقُّ الصَّدَقَةَ لَوْلَا قَرَابَةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُمْ الْفُقَرَاءُ دُونَ الْأَغْنِيَاءِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ اسْتِحْقَاقُهُمْ عَلَى نَحْوِ اسْتِحْقَاقِ الصَّدَقَةِ لَوْلَا قَرَابَةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَاسْتِحْقَاقُهُمْ لِلصَّدَقَةِ لَوْلَا قَرَابَةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى وَجْهِ جَوَازِ الصَّرْفِ إلَيْهِمْ لَا وُجُوبِ الصَّرْفِ إلَيْهِمْ فَكَذَلِكَ هَذَا السَّهْمُ وَنَحْنُ نَقُولُ إنَّهُ يَجُوزُ صَرْفُ بَعْضِ الْخُمُسِ إلَيْهِمْ وَإِنَّمَا نُنْكِرُ وُجُوبَ الصَّرْفِ إلَيْهِمْ بِسَبَبِ الْقَرَابَةِ وَأَيَّدَ جَمِيعَ

<<  <  ج: ص:  >  >>